تقارير و تحقيقاتسلايد

المهرجانات الشعبية ما بين القيل والقال..تحقيق عن انتشار هذا النوع من الموسيقى بالشرقية

المهرجانات الشعبية ما بين القيل والقال (1)

كتبت: نجوى أبو العزم

إنتشرت أغانى المهرجانات الشعبية في حياتنا، رغم موجة الانتقادات الحادة التي وجهها المجتمع ونجوم الفن إليها؛ لما تسببت فيه من إفساد للذوق العام، بحسب ما يزعم البعض.

وقد نشأت فكرة المهرجانات الشعبية بمدينة السلام المعروفة بـ “محطة المشاهير”، فكانت البداية بالمناطق الشعبية إلى أن وصلت لجميع طوائف المجتمع المصري وأصبحت عنوانا للعديد من المسلسلات والأفلام، لتتحول بعد ذلك إلى حفلات يتم تنظيمها فى العديد من الدول الغربية.

وظلت تلك الفكرة محتكرة من جانب المناطق الشعبية، التي أخرجت نجوم هذه الأغاني، الذين لقبوا في الآونة الأخيرة بــ (ملوك السعادة)؛ لقيام أغانيهم برسم البهجة والسرور على وجوه العديد من المصريين؛ من خلال طرحها لمشاكل المواطن اليومية فى صورة غنائية.

وقد قامت “الشرقية توداي” بتسليط الضوء على بعض هذه الفرق بمحافظة الشرقية، وهي فرقة “تيم أوزا” وفرقة “سعد حريقة”.

وتعتبر فرقة “تيم أوزا” أول وأشهر فرق المهرجانات الشعبية بالشرقية، وتتكون الفرقة من 6 أفراد ( 4 دي جي DJ ومغنيين، وهما: أحمد صلاح الشهير بـ “أوزا” وصديقه أحمد سامح)، الذين عملوا بالمهرجانات بمحض الصدفة سنة 2009 ، حين طلب أحد اصدقائهم منهم أن يقوموا بالغناء فى حفل زفافه، فقاموا بتأليف كلمات الأغنية التى تحولت بعد ذلك إلى “مهرجان الزقازيق”، المهرجان المفضل لدى العديد من أهالي الشرقية، الذي وضعوا فيه أسماء كل منطقة وحي بالشرقية.

أما فرقة “سعد حريقة” فتتكون من 4 أشقاء يرأسهم سعد حريقة، وتقوم كلا الفرقتين بكتابة كلمات الأغاني وعمل الألحان والتوزيع بنفسها.

المهرجانات الشعبية ما بين القيل والقال (2)

وعن سبب اختيار إسم أوزا وحريقة، وما هي فكرة المهرجان، قال ” أحمد صلاح” الشهير بأوزا “نحن من مواليد المطرية وكان الإسم لأحد الأطفال فى المنطقة، وحين توفي أطلقه علي أحد الأشخاص المشهورين، وقد جاءت فكرة المهرجان من “الهيب هوب” الأمريكى الممزوج بالأغنية المصرية (إليكترو شعبي)، و”فيجو”هو أول من اخترع هذا النوع من الفن، وكل من دخل المجال بعد ذلك مر عليه، وتعرفت الفرق على بعضها من خلال جلسات عمل معه، كما تم تسمية هذه النوعية من الأغاني بالمهرجانات؛ لأن بها الكثير من الطاقة وتضم الكثير من الأسماء والموضوعات داخلها.

أما عن لقب ” حريقة” فأوضح ” سعد” أنه جاء نتيجة لقيام الفرقة برسم البهجة والسرور داخل الأفراح والحفلات التي قامت بها.

المهرجانات الشعبية ما بين القيل والقال (4)

البداية لطريق المجد والشهرة:

وفيما يخص البداية وصولا إلى طريق المجد والشهرة وتسجيل الأغانى للحفاظ على الملكية الفكرية الخاصة بالفرقتين، أوضح “حريقة” أن بداية الأمر بالذهاب إلى العديد من الاستديوهات لتسجيل أغانيهم، ولكنهم تراجعوا بسبب ارتفاع التكلفة، وقاموا بتحميل برامج من الإنترنت، وحاليا يقوموا بتسجيل أغانيهم داخل استوديوهات صغيرة.

وأشار أوزا إلى أن مهرجان الزقازيق ( أول أغنياتهم) هو الذي أحدث شهرة كبيرة لهم، حيث وجدوا السيارات والمقاهى والمنازل وكذلك الأطفال يستمعون إليه ويقوموا بغنائه، ما جعل صاحب الاستوديو الذي تم تسجيل الأغنية به، يطلب عمل أغنية اخرى، وهكذا حتى وصلوا إلى ما هم عليه، وقد سميت منطقة حسن صالح بتيم أوزا وأرض المهرجانات تيمنا بهم.
وعن كتابة واختيار كلمات الأغاني، قال أوزا “نحن نعمل على استخدام مشاكل الشعب وتسخير الأغنية لتصبح رسالة عما يدور داخل كل بيت مصري، ونقوم بتسجيل أغنية واحدة كل شهر، وأثناء فترة الامتحانات نعزف عن التسجيل لأننا بالتاكيد لن نرى لها صدى في الشارع”.

تأثير ثورة يناير على المهرجانات:

أما عن تأثير ثورة 25 يناير على أغاني المهرجانات بشكل خاص والأغانى الكلاسيكية بشكل عام، قال أوزا ” لم يكن الوضع أثناء فترة 25 يناير يسمح بتنزيل أغانى رومانسية لأنها بالتأكيد كانت ستفشل، ولكن الوضع توافق مع أغانى المهرجانات نظرا لتناولها موضوعات وأحداث فى الشارع المصري، فأغانينا عن المشاكل الإنسانية بشكل عام وعن غدر الصحاب، وليس لها دخل بالأحداث السياسية”.

حدود الشهرة:

وحول النجومية والشهرة التى حصل كلا من تيم أوزا و سعد حريقة، ورأيهم في كبار النجوم، قال حريقة “نحن ننافس الكبار وشهرتنا تجاوزت الإقليم وأغانينا فى باريس ولندن، ونقوم ببث الأغانى من خلال مواقع طرب ميكس وموقع المطبعة وموقع فيجو، ونتعرف على مدى نجاحنا من خلال أعداد المشاهدة التي تعدت الملايين.

وفيما يخص مشاكل المهنة بالنسبة لتيم أوزا، أعرب أوزا عن أن ضيقه يكمن في سخرية بعض النجوم الكبار منهم، على الرغم من أن نجوميتهم فاقت نجومية هؤلاء الكبار فى الفترة الأخيرة، وأغانيهم على اليوتيوب تشهد بذلك.

وردا على اتهامهم بإفساد الذوق العام، أجاب حريقة، قائلا “هذا المجال فى بدايته لم يكن عليه أي رقابة، وأن هناك أغاني كان من المفترض عدم إذاعتها، لأن بها كلمات تخدش الحياء وتؤثر سلبا على الذوق العام، ومن هنا لابد من مطالبة نقابة المهن الموسيقية بمحاسبة كل من يستخدم كلمات غير لائقة، وسن قوانين لتحجيم هذا الأمر، بالإضافة إلى فتح حقوق الملكية الفكرية داخل المحافظات ومتابعة ماينشر على مواقع التواصل الاجتماعى لعدم إفساد الذوق العام، فما يفعله الآخرون نتحمل نحن أعباءه”.

موقف نقابة المهن الموسيقية تجاه الفرق:

المهرجانات الشعبية ما بين القيل والقال (3)

في الفترة الأخيرة إنتشر كلام كثير حول وضع مغني المهرجانات الشعبية مع نقابة المهن الموسيقية، فأوضح أوزا الأمر قائلا “”وصلنا كلام إن النقابة ستصنفنا كمولولوجيست؛ فتجمعنا مع أوكا وأورتيجا وفيجو وفيفتى ومحمد الزعيم وسعيد برشامة، واتفقنا على إننا لن نقبل هذا التصنيف، وحاليا تم تصنيفنا كـ دي جي”.

أما سعد حريقة، فقد ذكر أنه انضم إلى نقابة المهن الموسيقية في شهر نوفمبر من العام الماضي، حيث قدم أوراقه وقام بغناء “أما براوة” للفنانة نجاة الصغيرة أمام اللجنة، وأن الميزة في النقابة، هي أنها تقدم كثير من الخدمات كالحج والمعاش، وفي المقابل تحصل النقابة على 10% من أي عمل فني يقومون به.

وعن التواجد من خلال الشاشة الصغيرة، ظهر كلا من الفريقين في بعض الأفلام وكان “القشاش” الفيلم الذي جمع بينهم، وذكر الفريقان أن المهرجانات قد أصبحت تجارة؛ فبعض مكاتب السمسرة التابعة للمنتجين تحاول أخذ أموال من نجوم المهرجانات من أجل عمل حفل داخل فيلم بعينه، وبالفعل هناك نجوم ظهروا بهذه الطريقة، وأنهم يرفضون هذه الطريقة التي من شأنها تغييب العقول.

وتعد أحدث الأعمال الفنية التى تقوم فرقة حريقة بالتحضير لها، فيلم “دكتور نفساني” للفنان “محمد رجب” والفنانة اللبنانية “دومينيك”، ودويتو مع الفنان المصري محمود العسيلي، بالإضافة إلى دويتو مع فرقة المهرجانات “الدخلاوية”.

أما عن فريق أوزا، فإن أحدث مهرجاناته هي ” طابع رجولة ” و”أرض الملعب” بالاشتراك مع “محمد الزعيم” صاحب أغنية “مش هاروح”.

حفلات مجانية:

وبالاستفسار عن سبب عدم الانتقال للقاهرة لتحسين مستوى المعيشة ووصول أغانيهم للطبقات الراقية، قال أوزا “ليس الأمر هكذا نحن لا نتقاضى أى أجر عن الحفلات في المنطقة هنا والفقراء هم الأولى بإسعادهم، ونرفض أفراح الأغنياء اذا طلبنا فقير فهمنا الأول والأخير رسم السعادة على وجهه فهذا يساوي كنوز العالم.

وأضاف “الاختلاف الطبقي بين الغني والفقيرعقدة مازالت موجودة، والأغنياء يمنعوا أبنائهم من الاحتكاك بنا، وليس كل من صعد فى مهرجان غير جدير بالاحترام، نحن نوجه رسائل ونصائح داخل أغانينا، ففي البداية كنا نتحدث خلال الأغانى عن طبقتنا الفقيرة؛ فأحب أبناء الأغنياء هذا وتقربوا منا، فكان رد أهاليهم بإبعادهم عنا والنظر إلينا نظرة احتقار، ولكن هناك أيضا رجال أعمال جيدين في التعامل”.

وحول التعاون ما بين مرشحي مجلس الشعب وتيم أوزا وحريقة، أوضح حريقة أن علاقتهم برجال الأعمال جيدة جدا نظرا لشعبيتهم الواسعة داخل المحافظة، وأنهم قاموا بعمل بعض الأغاني لبعض المرشحين دون توجيه، فأصواتهم لن يبلغوها لأحد.

رسالة للنقاد:

ووجه قائد فرقة تيم أوزا رسالة لمنتقديه، يحثهم فيها على سماع الأغاني وكلماتها ومن ثم الحكم عليها، وتغيير نظرتهم اليهم نظرتهم إلينا فالبعض يعتقد أننا ملوك ولدينا طائرات خاصة، ولكن في الواقع نحن نعيش هنا فى كفر الزقازيق بحري وحالتنا بسيطة، ولا نسعى إلى الربح المادى ونريد رسم البسمة على وجوه كل المصريين بالداخل والخارج”.

وأضاف أوزا بخصوص المنافسة بين الفرق الشعبية، قائلا بأن هناك منافسة شرسة كالموجودة بين المغنيين الكبار، وأن كل شخص يريد أن ينفرد بالساحة وغالبية المشاكل تعود لـ “محدثي الكار”، وأضاف “لكننا كأوزا وسعد حريقة لا يوجد هذا بيننا ونفضل التعامل باحترام ورقى لنكون قدوة للشباب”.

وعن حال أغاني المهرجانات خلال السنوات القادمة، يرى حريقة أن تلك الأغانى هي التي ستكتسح الساحة الغنائية خلال الفترة القادمة، ودليله على ذلك هو أن كل مغني يقوم بعرض أغنية كل شهر وتحقق نجاحا باهرا، وأن المهرجانات ليست موضة وإنما لون شعبي وصل لحد العالمية، وذلك على حد قوله.

الرأي الآخر:

ومن هنا كان لابد من عرض رأي نقابة المهن الموسيقية برئاسة الأستاذ “خالد بيومى”نقيب الموسيقيين بفرع الشرقية، الذى تحدث عن كون المهرجانات الشعبية واقع يجب أن نعترف به وأنه أصبح أحد ألوان الغناء، “فالموضوع عرض وطلب ويجب على مغنيينا الكبار أن يتنازلوا بعض الشئ في الاجور والإكثار من التواجد من خلال الحفلات وبرامج التلفزيون وحفلات الجامعات التي تقام داخل الجامعة وخارجها، بالإضافة إلى الأعياد القومية للمحافظات، والتوسع والانتشار عبر شاشة الإنترنت ومواقع اليوتيوب التي صنعت وأعطت الشهرة لمغني المهرجانات الشعبية؛ وذلك لكي نقوم بعمل توازن في الساحة الفنية.

وأضاف قائلا “الآن لا يوجد سوى مغني المهرجانات الذين أصبحوا موجودين بحكم تواجدهم في الحفلات، ومن خلال الأفلام التي انتشرت في الفترة الاخيرة، وقد ساعد تواجدهم بشكل مكثف وابتعاد الفنانين الكبار عن الساحة وقلة حفلاتهم في انتشارهم،
ويضاف إلى ذلك أغانيهم التي تذاع على قنوات الأغاني التي تبث من خارج مصر بطرق غير شرعية، وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي، وقد استطاعوا بذلك الوصول للشباب في المدارس والجامعات وأصبح لهم جمهور من جيل الشباب.

كما ذكر النقيب أنه في أيام زمن الفن الجميل كان هناك “أم كلثوم” و”عبد الحليم حافظ”، وكذلك “أحمد عدوية” الذي كان يعبر عن لون غير موجود في هذه الفترة، وأصبح مدرسة تخرج منها العديد من المطربين الشعبيين وساروا على دربه.

أما عن دخول مغنى المهرجانات لنقابة المهن الموسيقية، أوضح نقيب الموسيقيين أنه حين يتم عرض أوراقهم أمام اللجنة الفنية، فإنهم لا يغنون أغاني المهرجانات بل أغانى عادية لفناني الزمن الجميل، وما يحصلون عليه هو “عضوية منتسبة” أو بمعنى أدق تصريح سنوي.

وجهات نظر:

وفي استعراض لآراء المواطنين حول أغاني المهرجانات الشعبية،قالت ” شيماء سعيد” ٢٤ عاما ، معيدة بكلية التربية جامعة الزقازيق، “لا أعرف كيف يقوم الآباء بتشغيل هذه الأغانى أمام أبنائهم فهي تمثل خطرا على المجتمع بخاصة النشء؛ لما تحتويه من كلمات سيئة لا يصح قولها في مجتمعنا الريفي”.

بينما قالت إيمان محمد، ٤٩ عاما، “جيل ومستمعي هذه الأغاني من الشباب وخاصة الحرفيين، والأجيال الجديدة ليس لديها الصبر للاستماع إلى أغاني الزمن الجميل، حيث كان الفنان يغني أغنية واحدة على خشبة المسرح لمدة ساعة أو أكثر.

فيما قال “وليد أيوب ” ٣١ عاما ومدرب بصالة ألعاب رياضية (جيم)، “السبب في انتشار هذه الأغاني هو الإعلام الذي يجعل هؤلاء المغنيين يظهرون باستمرار في البرامج التلفزيونية المختلفة، وينشر الكلمات البذيئة على مسامع أولادنا وينشر ثقافة هدامة وغير مفيدة”.

وأضاف “كريم الشريف”، ٢٥عاما ويعمل محاسبا، “لو ركزنا جيدا سنجد أن الجميع الآن يستمع لهذه الأغنيات، وأرقى الطبقات المجتمعية تأتي بمثل هؤلاء المغنيين ليغنوا بأفراحهم، فهذا لون غناء وواقع أليم نعيشه، ولم نعد أصحاب الريادة في الفن كما كنا نفخر بأم كلثوم وعبد الوهاب وغيرهم، وأعتقد أن الكرة الآن ستؤل لملعب الخليج؛ فهم الآن يدعمون الأغاني الراقية والموسيقى الهادئة”.

في حين قالت “شاهندا علي”، ١٧ سنة وطالبة ثانوي، “أستمع للمهرجانات الشعبية؛ لأن هذا هو اللون الغنائي الموجود على الساحة الغنائية، ولكني لا أعترف بأنه فن بل مجرد ضوضاء عالية وكلمات غير مفهومة.

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى