مقالات

أحمد شوبير | يكتب : نداء أخير للسيد الوزير «أفلا تتعظون»

أحمد شوبير

انتهى الأوليمبياد وانتهت معه أحلام المصريين فى الحصول على مركز متقدم والتتويج بميداليات ذهبية تكون نتاجا للجهد الكبير المبذول خلال السنوات الماضية، وطبقاً للوعود التى ساقها لنا كل المسؤولين، فقد توقعنا أن نحصل على الأقل على 8 ميداليات متنوعة، وأن نتصدر أيضا على الأقل الدول العربية فى رصيد الميداليات، لكن جاءت المفاجأة قاسية على كل المصريين، فلولا ابنتان من مصر حباهما الله بالموهبة، الأولى هداية والثانية سارة ومعهما شاب اسمه محمد إيهاب، لخرجنا بأسوأ تمثيل فى تاريخ الأوليمبياد، فمصر التى شاركت بأكبر بعثة أوليمبياد خرجت صفر اليدين من كل اللعبات، باستثناء رفع الأثقال والتايكوندو، وما دون ذلك لم يكن لدينا أى وجود، فالأحلام والقصور التى بنيناها فى الخيل والجودو والرماية والخماسى الحديث، بالإضافة إلى باقى اللعبات تبخرت، رغم أن السادة مسؤولى اللجنة الأوليمبية أقنعونا بأن أبطال العالم من مصر، وأن الميداليات قريبة جداً من أبطال مصر.

وبدون ظلم أو تجنٍّ على أحد، تعالوا مثلاً لنتابع نتائج المصارعة، فمصر التى حملت لواء الذهب لسنوات طويلة فى هذه الرياضة لم تكسب أى مباراة فى الأوليمبياد، باستثناء بنت إسكندرانية، اسمها إيناس خورشيد، ومَن يقرأ ما كتبته هذه الفتاة عقب خسارتها، سيكتشف وبوضوح حجم المأساة التى كنا نعيشها فى هذه اللعبة، فلا إعداد ولا تدريب ولا معسكرات حسب قولها، والنتيجة بالتأكيد هى الخسارة، ورغم أننى أبرئ السيد الوزير من هذه النتائج إلا أننى أحمله وبوضوح المسؤولية كاملة فالمرحلة المقبلة من حيث برامج الإعداد وجدول المعسكرات والخطط المستقبلية لكل هذه الألعاب، لأن مستقبلنا وأملنا فى الحصول على ميداليات لم يأتِ من خلال الألعاب الفردية، وأحمد الله أن المؤسسة العسكرية قد تبنت عددا من اللاعبين حفظوا لنا ماء وجهنا بالميداليات البرونزية الثلاث، والحقيقة أن مَن ينظر إلى جدول ترتيب الدول عقب نهاية الأوليمبياد لا يجد نفسه حزينا أن مصر جاءت فى المركز السادس بعد الأردن والكويت والجزائر وقطر والبحرين، ومتساوية مع تونس بنفس الرصيد. والأمر المحزن أن دولة شقيقة مثل الأردن ذهبت للأوليمبياد بـ8 لاعبين فقط لا غير، وعادت بالذهب، فى لعبة نحن أبطال العالم فيها، وهى التايكوندو.

بل إن دولة لم تمارس رياضة التايكوندو إلا منذ سنوات قليلة مثل ساحل العاج حصدت هى الأخرى ميدالية ذهبية فى هذه الرياضة، بينما اكتفينا نحن بالهزائم المتتالية، باستثناء الملاك هداية، وعلى غرار التايكوندو كانت نتائج معظم اللعبات، والأغرب أنه مطلوب منا كإعلاميين أن نهلل ونطبل لإنجاز البرونزيات الثلاث. لذلك أرى أن يصبح لزاما على كل المسؤولين أن يقفوا وقفة حاسمة وصريحة مع النفس للمحاسبة حتى نضع أساسا سليما للرياضة المصرية نبدأ عليه من جديد بخطوط واضحة لا لبس فيها تعيد الريادة من جديد لمصر فى عالمنا العربى على الأقل وكفى تهريجًا وصراخًا بصدارة بطولة عربية أو إقليمية لا يشارك فيها أحد من الأبطال العالميين، كما أننى أرجو وأتمنى من السيد الرئيس، فى اجتماعه القادم مع وزير الشباب والرياضة، أن يطلب منه سرعة الانتهاء من إقرار قانون الرياضة فى مجلس النواب، لأن دولة بلا قانون لا يمكن أن تكون دولة، هذا ليس كلامى ولكنه كلام السيد الرئيس نفسه، فى أكثر من مناسبة، فلا يُعقل أن يتم إلغاء الانتخابات للعام الثالث على التوالى فى كل الاتحادات والأندية بدعوى عدم مخالفة الميثاق الأوليمبى، فتلك الفزاعة كان لها أسوأ الأثر على التمثيل المصرى فى الأوليمبياد، ولم نجنِ إلا خسائر فادحة نتيجة هذه الفزاعة، ولا يصح أن تُدار الرياضة فى مصر من خلال ما يسمى «اللجنة الثلاثية»، مع شديد احترامى لرئيسها، دكتور حسن مصطفى، عضو اللجنة الأوليمبية الدولية، الذى يعيش فى سويسرا بعيداً عن الأحداث فى مصر، وأن نظل نتلاعب بالألفاظ فى الخطابات بين مصر والأوليمبياد من ضرورة إجراء انتخابات أو تفضيل إجرائها، مما أدى إلى حالة من الجمود فى الأندية والاتحادات ومراكز الشباب.

وها أنا أناشد السيد الوزير: إن الفرصة لاتزال سانحة أمامك لتعديل المسار وإعادة الهيبة إلى الرياضة المصرية، وذلك بوضع أسس جديدة للثواب والعقاب للاتحادات المقصرة، وأيضاً سرعة إصدار القانون واللوائح المنظمة لهذا القانون إذا أردنا حقاً أن نفرح بشبابنا وأن نحتفل بإنجازاتهم الحقيقية دون بروباجاندا إعلامية زائفة أو تحايل على القانون. ولى سؤال أخير: إذا كنتَ قد نجحتَ فى إجراء انتخابات اتحاد الكرة، بحجة أن له لوائحه الخاصة التى تلزم بإجراء هذه الانتخابات، أفلم يكن من السهل إجراء باقى الانتخابات طبقاً للقانون، فما أعرفه أن القانون أقوى بكثير من اللوائح، وهو أمر يثير الدهشة والاستغراب أم أن قوة شخص مثل هانى أبوريدة قد أجبرتنا على إقامة هذه الانتخابات وعدم تأجيلها؟ سيادة الوزير دعنا نفرح بشبابنا ولكن بأن نساعدهم ونقف بجوارهم ونهيئ لهم الأجواء الصحية التى تُمكنهم من الانتصار والفوز بالبطولات والميداليات، أمامك فرصة من ذهب لإعادة ترتيب البيت وإعادة الرياضة المصرية إلى وضعها الصحيح، «أفلا تتعظون»، لو كانت لديك ومعك السادة أصحاب القرار والنية فى عودة الانتصارات للرياضة المصرية.

قامت الدنيا ولم تقعد بسبب اقتحام عدد من الجماهير المتعصبة الخارجة عن القانون لتدريب النادى الأهلى، وتبارت البرامج والمقالات تنتقد ما حدث من هذه الجماهير، وتطالب بتوقيع أشد العقاب وتفعيل القانون ضد هؤلاء، وكأن ما حدث جديد عليهم، ولا أعرف سر هذا الغضب العارم من السادة الإعلاميين، فطالما حذرنا ونبهنا وصرخنا بأعلى صوتنا، وكانوا دائما ما يشيرون بأصابع الاتهام إلينا بأنها مسألة تصفية حسابات، ولا أعرف أى نوع من تصفية الحسابات نريده، فكل ما فى الأمر أننا رصدنا ظاهرة شاذة غريبة على المجتمع، تريد أن تقتل الحياة الرياضية فى ملاعبناـ ورصدنا بدلا من المرة عشرات المرات خسائر، فى الأرواح والممتلكات والخروج عن النص والنظام والتطاول على كل مؤسسات الدولة بلا استثناء، ونبهنا بأن القادم أصعب وأخطر بكثير، فلم نجد إلا الهجوم والصراخ ورمى الاتهامات علينا حتى كانت النتيجة أن مدرجاتنا أصبحت خالية من الجماهير، وأن الخروج عن النظام أصبح هو الأساس، ولم يعد لدى المسؤولين فى مصر أى وسيلة لكبح هذه الظاهرة الشاذة فى مصر، لذلك أوجه ندائى للسادة المسؤولين مرة أخرى بأن القانون هو الفيصل بيننا وبينهم، وأن الردع هو السلاح الأقوى لإعادة الاحترام للرياضة المصرية، ومن بعدها سنجد ملاعب نظيفة آمنة هادئة، ولكم فى الهوليجانز بإنجلترا العبرة والدرس.

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى