مقالات

أشرف الحواط | يكتب: هذا بيني وبين عبدي

أشرف الحواط

روى البخاري ومسلم عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَالَ اللَّهُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ) .. وهاهنا سؤال يطرح نفسه بقوة وهو أن سائر الطاعات كلها لله فلماذا خصّ الله الصيام لنفسه ؟ الصيام معناه :- الامتناع عن الطعام والشراب فقط والدليل على هذا الكلام قول الله لمريم “فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إني نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا ” (26) .

في بداية الآية قال لها :- ” كلي واشربي ، وفي نهايتها أمرها أن تقول أنها صائمة .. فهي صائمة مع أنها تأكل وتشرب وهذا يسمى الصوم “. والصوم :هو الامتناع عن كل المحرمات وكل الأمور التي تفسد الصيام غير الطعام والشراب .. ولقد اختلف العلماء في ذلك واختلاف العلماء يخرج لنا جواهر خالدة تبين وتبرز لنا جمال وحلاوة المعاني المقصودة من الأشياء التى تلامس قلوبنا فتحيا بها .

يقول العلماء في تخصيص الصيام لله :-

1- أنه العبادة الوحيدة التي تتم في الخفاء والشئ الذي يتم في الخفاء ليس للنفس فيه حظ، ويكون أثقل على النفس فكل الأعمال قد يدخل فيها الرياء والسمعة فالصلاة والحج والزكاة وغيرها يراك الناس وأنت تفعلها وقد يدخل ثناء الناس عليك فتعجب بنفسك وتغتر بطاعتك أما الصيام فلا دخل للرياء والسمعة ولا للنفس حظ فيه .

2- أن الصيام هو العبادة الوحيدة التي لم يعبد بها إلهاً سوى الله على مر العصور، فمن يعبد إلهاً غير الله كالذي يعبد الأصنام أو الكواكب أو حتى الحيوانات يتقرب بالسجود له أو بالطواف حوله أو يذبح عنده أما الصيام لم يكن إلا لله تعالى .

3- الصيام شرّفه الله تعالى حينما نسبه لنفسه فالشئ يستمد قيمته من قيمة صاحبه والصيام أصبح مشرفاً حينما نسبه لنفسه فالله خلق الكون بما فيه، فالبيوت مثلاً حينما تنسب للإنسان فذلك جميل أما حينما تنسب لله ونقول عن المساجد أنها بيوت الله فهذا أشرف وأعظم، وكذلك حينما تحدث الله عن الناقة التي جعلها الله معجزة لثمود قوم نبيه صالح نسبها لنفسه ليبين شرفها عن كل النوق وأنها مختلفة عنهم فقال :-“كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا – إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا فَقَال لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَاَ ” سورة الشمس( 11-13 ) .

4- أنك في الصيام تتقرب إلى الله بصفة من صفات الله فإذا كنت تحب أحداً فإنك تحب أن تفعل له كل ما يحبه حتى تتقرب منه، فالله من صفاته أنه لا يأكل ولا يشرب كما وصف نفسه في سوررة الأنعام ” قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ ….” (14) . فأنت في الصيام تمتنع عن الطعام والشراب والشهوة وهذه صفة من صفات الله التي تتقرب بها إليه .

5- أن الله تعالى وحده هو المتفرد بجزاء الصيام وتضعيف حسناته وثوابه .

نسأل الله أن يعيننا على الصيام والقيام وسائر الطاعات .

المهندس / أشرف الحواط الداعية والمحاضر الدولي في التنمية البشرية.

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى