تقارير و تحقيقات

أقدم سجين سياسى فى مصر: معارضو الرئيس مرسى إلى زوال

small3201117102941الشيخ نبيل المغربى

دعا الشيخ نبيل محمد المغربى، أقدم سجين سياسى فى مصر، الرئيس محمد مرسى أن يتعامل بحزم شديد مع رموز النظام السابق، مشددا على ضرورة «خلع الفساد من جذوره» حتى تستقر الأوضاع فى البلاد، وقال: إن أهداف ثورة «25 يناير» فى عامها الثانى لم تتحقق.

وتحدث الشيخ المغربى فى حوار مع صحيفة «الشرق الأوسط» عن وجود مؤامرات من ليبراليين وعلمانيين ومن سماهم فلول الرئيس السابق حسنى مبارك على الإسلاميين، قائلا: «هدفهم ليس إسقاط مرسى؛ بل بقاء الانفلات فى المجتمع».

ويبلغ المغربى من العمر الآن 72 عاما أمضى منها 35 سنة فى عدة سجون مصرية كان أشدها أبو زعبل والعقرب فى جنوب القاهرة، قبل أن يتم الإفراج عنه بعد ثورة 25 يناير. وتحدث المغربى عن مستقبل الإسلاميين فى العام الثالث من الثورة، قائلا: «لا يوجد سخط على الإسلاميين فى الشارع وسوف يحصلون على مقاعد فى مجلس النواب القادم أكثر مما حققوه فى البرلمان السابق». وأضاف: «نظام مرسى لن يسقط.. والمعارضة إلى زوال».

وتم سجن المغربى للمرة الأولى فى اعتقالات سبتمبر الشهيرة عام 1981. وبعد اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات فى الشهر التالى من تلك السنة، أضيف اسمه إلى قائمة المتهمين فى القضية المعروفة باسم قضية «تنظيم الجهاد» ليحكم عليه بالسجن 25 عاما، تبعها السجن 3 سنوات بعد اتهامه بإمداد «الغير بمعلومات عسكرية»، واختتمت جملة أحكامه بـ25 سنة أخرى فى القضية المعروفة باسم «طلائع الفتح 5».

وقال المغربى الذى كان نجما بعد خروجه من المعتقل عقب تنحى مبارك؛ قبل أن يطويه النسيان خلال العام الثانى من الثورة، إن أغلب السجناء السياسيين الذين خرجوا بعد الثورة يعانون العزلة فى الوقت الحالى، والحكومة لم تعوضهم عن السنوات التى قضوها خلف القضبان ظلما. وإلى أهم ما جاء فى الحوار الذى جرى فى القاهرة.

* كيف ترى المشهد فى مصر بعد عامين على ثورة «25 يناير»؟

– أرى أن هناك مجموعة يريدون خلع «مصر» من هويتها الإسلامية حتى تكون ذليلة؛ لكن إذا استطاع الشعب أن يعود لهويته سوف تعود مصر لسابق عهدها، فالإسلام فيه حلول لجميع المشاكل.

* وهل ترى أن أهداف الثورة تحققت فى عامها الثانى؟

– الثورة لم تتحقق أهدافها حتى الآن، فوجود المعارضة التى تطلق على نفسها أسماء متعددة مثل «ليبرالى وعلمانى ويسارى وإنقاذ وطنى وتيار شعبى»؛ هم فى الواقع تسببوا فى أن تعود البلاد إلى الخلف، لذلك لا تعجبنى سياسة الرئيس محمد مرسى مع المعارضة ومع رموز مبارك داخل السجون وخارجها، وهذه السياسات الناعمة معهم زادت من التطاول عليه شخصيا.

* وما رأيك فى المبادرة التى أطلقتها الحكومة للتصالح مع رموز مبارك؟

– هذه مجرد فرعيات فقط، لا يجب أن تتناقش فيها الحكومة ولا مرسى؛ لكن لا بد من التحدث فى صلب الحلول، بتطبيق ما جاء فى الإسلام ففيه حلول لكل مشاكل مصر.

* وكيف تقيم أداء الرئيس مرسى وحكومته بشكل عام الآن؟

– على الرئيس وحكومته حسم الأمور الرئيسية فى البلاد، بأن يتم القصاص بشكل جاد من مبارك ورموز نظامه على الفساد وقتل المتظاهرين، إنما غير ذلك فكأنما الرئيس مرسى «ينفخ فى قربة مقطوعة»، ومهما يقوم بالإصلاح فلن تظهر له نتائج واضحة، ولذلك فعليه خلع الفساد من جذوره.

* وما رأيك فى دعوات المعارضة التى تنادى فى الذكرى الثانية للثورة بإسقاط نظام مرسى؟

– المعارضة تحارب دين الله وأمرهم إلى زوال، ولن يسقط نظام مرسى فى الذكرى الثانية للثورة.

* بصراحة شديدة.. هل الإسلاميون مقتنعون بأداء الرئيس مرسى؟

– مرسى كانت شعبيته بسيطة بالمقارنة بخيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين والشيخ السلفى حازم صلاح أبو إسماعيل، فضلا عن أن مرسى تم اختياره فى آخر لحظة وفى ظروف مرتبكة.. وكنا نرى أنه يجب منح أبو إسماعيل فرصة لخوض انتخابات الرئاسة، حتى لو كانت والدته أمريكية.

* وكيف قيمت الحوادث الكثيرة التى وقعت مؤخرا فى مصر؟

– نحتاج للحسم فى كثير من المواقف والابتعاد عن التسيب الذى تشهده جميع المواقع فى الجهاز الإدارى لمصر.

* يقول البعض إن هناك سخطا فى الشارع على تيار الإسلام السياسى.. ما رأيك؟

– كيف يكون هناك سخط والناس هم من قاموا بانتخابهم فى البرلمان، ومن يردد وجود سخط فى الشارع كذاب، ورغم ما يتردد فإن الإسلاميين سوف يحصلون على مقاعد أكثر مما حققوه فى انتخابات البرلمان الماضية. وأرى أن الإسلاميين الحاليين لو تمسكوا بالإسلام كما ينبغى بحزم لن يجدوا أى منافس لهم فى الانتخابات، ولن يحصل أحد على أى مقاعد فى مجلس النواب القادم. أما جبهة الإنقاذ فهدفها ليس إسقاط نظام مرسى لكن بقاء الوضع فى مصر على ما هو عليه الآن من انفلات وضياع.

* ما رأيك فى آراء بعض المتشددين الإسلاميين فيما يتعلق بحقوق الأقباط؟

– الإعلام هو من يحارب الإسلام حتى يخرب مصر، ويصور المسلمين بصورة سيئة رغم شهادات المسيحيين فى حق المسلمين.. فالإسلاميون لا يحاربون المسيحيين.. نحن نقول: «سيدنا عيسى وستنا مريم».

* لكن كثر الكلام عن بعض الجماعات التى تكفر المسلمين.. فهل أنت مؤيد لذلك؟

– مبدأ التكفير أولا له ضوابط شرعية، ويجب علينا أن نفهمهم أن هذه الجماعات لا تمثل المسلمين ولا الإسلام كله فى مصر، وعلينا أن نبتعد عن الدخول فى جدال لا طائل منه حول هذه المسائل.

* البعض يرى أنه لم يعد هناك ترابط بين الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية والجهادية الآن والدليل على ذلك تصريحاتهم حول التحالفات الانتخابية؟

– الاختلاف بين الإسلاميين أمور عادية وموجودة فى دول العالم كلها؛ لكنها لم تؤثر على ترابطهم.

* وجهت دعوة للسلطات بعد أن خرجت من المعتقل فى يونيو عام 2011 بأن يخرجوا جميع الوثائق التى تؤكد أن سجناء مبارك هم الجيل الأول للثورة.. إلى أى مدى وصلت هذه الدعوة؟

– أغلب المعتقلين والسجناء السياسيين أصبحوا معزولين الآن، ومشغولين فى البحث عن فرص معيشية محترمة؛ لكن الحكومة لم تعوضنا، لذلك لجأنا إلى مقاضاتها أمام المحاكم.

* ومن أين تعيش الآن؟

– ليس لدى مصدر رزق، وأجرى محاولات الآن لاستعادة (إرث) قديم ورثته عن والدى، حتى أستطيع أن أسير حياتي.

* بصراحة.. هل حاول نظام مرسى التقرب منكم كـ«معتقلين ظلموا من مبارك»؟

– أنا لا أعرف موقف باقى المعتقلين والسجناء الآخرين؛ لكن على المستوى الشخصى لم يتصل بى أحد.

* وما رأيك فى الاتهامات التى وجهت للجهاديين بارتكاب أعمال قتل وعنف فى سيناء؟

– ليس لدى تفاصيل عمن اتهموا بارتكاب أعمال عنف وقتل، وما يتردد مجرد كلام من الإعلام، خاصة أنه ليست هناك أحكام صدرت ضدهم.

* أنت تتهم الإعلام بأنه وراء ما يحدث فى مصر رغم أن من يقوده الآن قيادى إخوانى هو صلاح عبد المقصود وزير الإعلام؟

– عبد المقصود.. رجل طيب ومؤدب، لا يعرف أن يتعامل مع الإعلام.

* بصراحة.. هل قرأت الدستور الجديد؟

– لم أقرأه.. لكنى أخذت صورة عامة عنه وصوت له بـ«نعم».

* هل لا زلت تتذكر مأساتك فى سجنى العقرب وأبو زعبل؟

– أتذكر كل دقيقة مرت بى فى السجن، فقد سجنت فى سجن العقرب لمدة ثلاث سنوات عام 1996 فى دورة مياه ليس بها منافذ، وكانت فترات التعذيب اليومى تمتد إلى 10 ساعات، وكان يصرف لى 4 حبات من الفول فى اليوم بالعدد، وفى الشتاء كنت أعيش من دون ثياب أو غطاء، وكانت نوافذ السجن لا يسمح بإغلاقها، وفضلا عن عدم وصول الشمس إلى حجرة الحبس، وهو ما جعلها مظلمة 24 ساعة، وكنت لا أستطيع النوم، وطول أشهر الشتاء بالكامل وأنا أرتعش، وتمنيت فقط «التوقف عن الرعشة من أجل النعاس»، وأتذكر أننى قضيت شتاء كاملا وأنا أجلس القرفصاء وكلما غفت عينى أستيقظ على صوت الكلاب. أما فى سجن أبو زعبل فكانت مساحة حجرة الحبس (أو الزنزانة) 150 سم طولا فى 120 سم عرضا وبها 5 سجناء، وكان السجناء يضطرون إلى توزيع أنفسهم على طول الحجرة وينامون رافعين أرجلهم لأعلى ورأسهم لأسفل على الأرض.

 المصدر: اليوم السابع

زر الذهاب إلى الأعلى