أعمدةمقالات

عماد الدين حسين | يكتب : أوروبا لمصر :ساعدونا كى نساعدكم

عماد الدين حسين
قبل أيام قابلت دبلوماسيا أوروبيا مرموقا يقيم فى القاهرة، ويتابع الشأن المصرى بصورة دقيقة. الرجل كان يريد أن يسمع تقييمى للأوضاع فى مصر فجاوبته بما أكتبه فى هذا المكان يوميا.
فى الجزء الأكبر من اللقاء وجهت للدبلوماسى العديد من الأسئلة الملتبسة والعالقة بشأن العلاقات المصرية الأوروبية.
من وجهة نظره فإنه لا توجد أى نوايا أوروبية للتآمر على مصر أو إسقاطها كما يردد بعض الإعلاميين المصريين، يضيف كيف نتآمر على دولة نريد أن نساعدها كى تحفظ استقرار المنطقة؟! لأنه إذا سقطت مصر ــ لا قدر الله ــ فإن أوروبا سوف تدفع ثمنا رهيبا من تدفق المهاجرين غير الشرعيين، وعمليات عنف وإرهاب بلا حدود، وبالتالى فإنه ومن وجهة نظر برجمانية تماما فإن من مصلحة أوروبا ألا تتعرض مصر لأى هزة.
ولكن ما الذى يدفع بعض المصريين إلى تصور وجود مؤامرة أوروبية ضدهم؟!
فى رأى هذا الدبلوماسى، فإن هناك تصورا أوروبيا كبيرا خلاصته أنه لكى تستقر مصر، فلابد أن يكون هناك أكبر توافق سياسى ممكن داخلها، الأمر الذى يقود إلى الاستقرار الأمنى، ثم تدفق الاستثمارات الأجنبية والعربية والمحلية.
يضيف: إننا جلسنا كثيرا مع «الأصدقاء المصريين» وقلنا لهم: «أرجوكم.. ساعدونا لكى نساعدكم»، وكان الرد المصرى الدائم أن هناك أولوية لتوفير الأمن والاستقرار أولا، خصوصا فى ظل ما تتعرض له مصر من عنف وإرهاب. وبالتالى كما يقول هذا السفيرــ الذى خدم فى مصر ــ فإن أوروبا تتفهم الرد المصرى لكن ينبغى أن يكون ذلك بالتوازى مع السير إلى الأمام نحو احترام حريات التعبير وحقوق الإنسان، لأنه لا يمكن لمصر أن تستمر فى ظل هذا الجو المتوتر دائما. من وجهة نظر هذا السفير فإنه ينبغى المواءمة بين الرغبة المصرية فى حفظ الأمن والاستقرار على المدى القصير وبين الرغبة الغربية فى الانفتاح والتوافق والتعددية والديمقراطية على المدى البعيد. يضيف: «إننا نخشى أن تتراجع مصر أو تتعثر، فيفقد العالم الاهتمام بها، وإذا حدث ذلك فسيكون خبرا سيئا للجميع، وفى مقدمتهم المصريون».
سألته: ماذا تتوقعون فيما يتعلق بقضية الباحث الإيطالى المقتول جوليو ريجينى؟! أجاب: أولاً نتمنى حل المشكلة بأسرع وقت بما يظهر حقيقة ما حدث، وثانيا لو أن المشكلة تعقدت وطلبت إيطاليا دعم أوروبا فإنه يصعب أن نرفض طلبها، لكن هذا السفير يضيف أنه لا يتوقع ــ فى هذه الحالة ــ أن تكون هناك تأثيرات على الاستثمارات الأوروبية الكبرى خصوصا فى مجال الطاقة والمواد البترولية، لكنها تعبير رمزى عن التضامن مع دولة عضو فى الاتحاد الأوروبى.
فى تقدير هذا الدبلوماسى فإن موقف أوروبا والغرب مما يحدث فى مصر ينقسم إلى ثلاثة أقسام الأول تيار يدعم مصر بكل قوة بل يكاد «يحتضن الحكومة» وتمثله فرنسا واليونان وقبرص، وإلى حد ما إيطاليا لكن قبل ظهور قضية ريجينى.
التيار الثانى يقف فى المنتصف وتمثله بريطانيا وألمانيا، أما التيار الثالث المتشدد ضد سياسات الحكومة المصرية، فيمثله الرئيس الأمريكى باراك أوباما، لكن ليس كل الإدارة الأمريكية. ويعتقد هذا الدبلوماسى أن أى تطور فى اتجاه حلحلة قضية حقوق الإنسان والحريات، سوف يدعم الإقدام الأوروبى تجاه مصر، خصوصا أن هناك استثمارات ضخمة فى مصر للبلدان الأربع الكبرى أوروبيا، وهى إيطاليا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.
ويعتقد هذا المسئول أن على مصر انتهاز فرصة كبيرة تتمثل فى أن أوروبا تريد أن تكون مصر نموذجا للتوافق والاستقرار يمكن تطبيقه ونشره فى المنطقة وبطبيعة الحال فإن ذلك لا يعنى بأى حال من الأحوال فرض وجهة نظر معينة على القاهرة، بل إن تستقر الحكومة المصرية على طريقة للتوافق وتحقيق الاستقرار الأمنى، وبعدها يمكن تحقيق أى شىء.
تلك وجهة نظر دبلوماسى واحد، وبالطبع هناك العديد من وجهات النظر الأخرى المختلفة، وأحيانا المتصادمة.
 المصدر

أحمد الدويري

كاتب صحفي منذ عام 2011 ، أكتب جميع أنواع قوالب الصحافة، تعلمت الكتابة بشكل جيد جدًا من خلال موقع الشرقية توداي الذي انضممت له منذ عام 2012 وحتى الآن
زر الذهاب إلى الأعلى