مقالات القراء

إني الأن أتنفس… بقلم محمد فتحي الجابري

إني الأن أتنفس
بقلم
محمد فتحي الجابري
021911 1926 1

إني الأن أتنفسُ ، أقفُ فوق هامات الرُبى
واستنشقُ الهواء
أملئُ صدري بهذا النسيم ، أفتحُ عيني
لأرى السماء غير السماء
ويعلو جبيني ليصادق العصافير
التي تذوقتْ الأن فقط طعم الغناء
كم عشتُ على هذة الأرض أتجرع حسرتي
كم ذُقتُ فيها ألوان العناء
كنتُ مقهوراً ومكبوتا
مُقيداً ومسجونا
أرأيتم سجينا يهرول في العراء؟
كنتُ منفياً في وطني ، مُسافراً يجهل العنوان
عاشقا سرقوا حبيبتهُ ، سفينةٍ بلا رُبان
كنتُ ذليلاً تاهت عزتي في دروب النسيان
كنتُ إذا سجدتُ في الليل دخل غرفتي جنود السلطان
وإذا ما سافرتُ ووجدوا في حقيبتي نسخةً من القرأن
كبلوني وفي مُعتقلٍ رهيبٍ وضعوني
وعلي أهدابي يقفُ السجان
كنتُ أعيشُ في عهدٍ مُذنبٌ فيهِ كلُ من لهُ لسان
شريفٌ فيهِ كلُ لصٍ يقبُل حذاء فرعوننا الشيطان
جائعٌ فيهِ كل بسيطٍ يعول قطيعا من الغِلمان
كنتُ أسمعهم يقولون حُريةً ولم أعرف لها طعماً حُريتي
وأغاني تقول ( يا حببتي يا مصر)
لكنني لم أشعرها حبيبتي
كنتُ إذا كتبتُ قصيدةٍ بأحرفي التي ملئها دمعي ومقتي
أرى سياط فرعون تمزق دفتري
وتجلدها بقسوةٍ قصيدتي
كنتُ وكنتُ وكنتُ أما الأن
فيا رفاقي علي درب العصيان
إني الأن أصبحتُ أُميزُ بين الألوان
الأن قد زالت الغيوم وانهار الفساد والطغيان
دقوا الطبول وارقصوا فرحا وارفعوا الأعلام
فقد زال يا رفاقي القهرُ وسقط النظام
إني الأن أتنفسُ فودعاّ يا خانقيّ من الساسةِ والحُكام
دعوني الأن تحت هذى السماء
في قلب هذا الشتاء
أغتسلُ وأتطهر من ماضي الأيام
يا عرائس البحر هيا زينوني
بعطر الفردوس عطروني
وعلي أمواج العمر احملوني
وخذوني …. إلي حب العمرِ خذوني
إلى عشيقتي التي كسرتْ السجن وأعادت لقلبي الأحلام
يا أهل الارض في كل البقاع يا ايها الأنام
اسمعوني جيدا واعقلوا هذا الكلام
يا أيها الثائرون في تونس الخضراء في عُمان في بلاد الشام
عادت حبيبتي ، عادت حبيبتي
عادت حبيبتي تمد يدها وتطرق باب قلبي المليئ بالغرام
يا أصدقائي يا أقاربي يا ايها الأخوال والأعمام
عادت أميرتي الحسناء
عادت أم الدنيا ، الأن عادت حبيبتي
عُدتِ أميرتي ،وجهكِ كما هو لكن تغيرتي
فبرغم أن اللون الأحمر في شفتيكِ هو هو
وبرغم اللون الأبيض في بشرتكِ هو هو
وبرغم اللون الأسود في عينيكِ هو هو
إلا أنني أشعر أنك تغيرتي
كم إشتقتُ إليكِ يا مصر الحُرة يا بلد الثوار
تعالي حبيبتي نُغيرُ قَصةَ شعركِ
ونُسدلهُ علي كتفيكِ كما يُسدلُ الستار
تعالي نضع الكُحل في عينيكِ
تعالي نهدم كل ما فات من أفكار
تزيني حبيبتي تزيني والبسي الحُلى
وكريم الأحجار
تعالي نبدأ عهدا جديداً
تعالي في أحضاني يا لُغزاً حير العالم يا سر الأسرار
دعيني أخيطُ لكِ ثوباً من أهداب عيني
وقبليني برفقٍ يا مصرُ يا أحلي الأمصار
سجانكِ هرب حبيبتي
لم يقو أمام عشقنا إلا علي الفرار
مصرُ يا أعظم وطنٍ في الدنيا يا بلد الأحرار
أنا مفتون في عشقي إليكِ
وما أحلى أن يعود العصفور لعشهِ على غصون الأشجار
عانقيني وهيا إلي العهد الجديد الذي انتظرناه طويلا
وداعا للإنتظار

خالص وأرق تحياتي
وأمياتي بعهد جديد
تحبنا فيه مصر كم دما عشقناها
محمد فتحي الجابري

زر الذهاب إلى الأعلى