تقارير و تحقيقات

«الجلسات العرفية» .. طريق العدالة الناجزة في الصالحية

%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%84%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d9%81%d9%8a%d8%a9-%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%af%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7%d8%ac

تقرير | ثروت القرم

«الجلسات العرفية» تشكلت لجنة محكميها من رؤس العائلات وحكماء «الصالحية القديمة وتعد النهاية الحتمية لأى صراع عائلي ، وتلجأ إليها بعض العائلات حقناً للدماء، أو خوفًا من صدور أحكام قضائية ضد أبنائهم التي تصل أحياناً إلى الأشغال الشاقة المؤبدة أو الإعدام.

والمجالس العرفية، هى أهم لقاءات العائلات الكبرى، وتحمكها عدد من الأعراف المتفق عليها وأحكام الشريعة الإسلامية، ولتلك الجلسات دور في نزع فتيل العديد من الأزمات.

وانتشرت بقرية «الصالحية القديمة» التابعة لمركز فاقوس منذ عشرات السنين، ودائما ما يكون أعضاؤها من نفس المحافظة، وهو ما يتسبب فى بعض الأحيان في حالة عدم رضا الطرفين المتنازعين، خوفًا من أن يشوبه نوع من المحاباة والتحيز، لطرف على حساب آخر.

ويتكون المجلس العرفي من بعض الشخصيات العامة مثل أعضاء مجلس النواب ورجال الدين، ويشترط في اختيارهم أن يكونوا ممن يتمتعون بشعبية داخل وخارج قرى ومراكز المحافظة.

وهناك عدة شروط يجب توافرها في عضو المجلس العرفي ، منها أن يكون منتسبًا لكبار العائلات، ويتمتع بسمعة حسنة، ولم يسبق إدانته أو أحد أفراد عائلته في أي أحكام قضائية، وأن يمتاز بالحكمة التي تمكنه من المقدرة على حل المشكلات، وأن يعرف عنه الحزم والشدة.

الجهات الأمنية بمحافظة الشرقية عادة ما تولي جلسات الصلح أهمية خاصة؛ لأنها تقضي على الكثير من المشكلات قبل بدايتها أو تأجيجها، ولهذا تحرص تلك الجهات على الحضور بكبار مسئوليها أو من ينوب عنهم خلال تلك الجلسات.%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%84%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d9%81%d9%8a%d8%a9-%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%af%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7%d8%ac

وتشهد الجلسة العرفية، حضور عدد كبير من أهالي المنطقة التي يعقد فيها المجلس، ويتم دعوتهم من طرفي النزاع، ليكونوا شهودًا على الأحكام الصادرة، وفى البداية يطلب القائمين على إدارة الجلسة من الحاضرين الهدوء التام، ليبدأ كلُ من الطرفين في شرح أسباب النزاع، الذي قد يكون خصومة ثأرية، أو نزاع على أرض، أو اعتداء طرف على الآخر بسبب قصة حب نشبت بين شاب وفتاة.

وتبدأ الجلسة بكتابة أسماء المتنازعين، يوقع بعدها المتخاصمون على عدة إيصالات أمانة محدد عددها مسبقًا مساوية لعدد أفراد النزاع، وينادى المحكمون أسماء المتنازعين وإثبات حضوهم أمام الجالسين وأمام المحكمين، ثم تسمع هيئة المحكمين رأى أطراف النزاع، كل شخص على حدة بتوقيتات متساوية، وفى النهاية، يوقع المحكمون على محضر الجلسة وما تم الاتفاق عليه، سواء بتوقيع غرامات أو صلح أو ما شابه ذلك.

وقد يحدث أحيانًا أثناء الجلسة، شد وجذب وتتعالى الأصوات، وهنا يتدخل كبير الجلسة الذي يلزم الجميع بالهدوء، وفي حال خرج أحد طرفى النزاع عن الآداب المتعارف عليها توقع عليه عقوبة مالية تتراوح قيمتها ما بين 10 آلاف جنيه، إلى 50 ألف جنيه، ويشترط فيها أن تدفع لأعضاء المجلس في نفس وقت الحكم بها.

وبعد الاستماع إلى طرفي النزاع يدخل أعضاء المجلس العرفي في جلسة مغلقة لا يحضرها أحد غيرهم، ليبدأوا في مناقشة وتحليل ما استمعوا اليه، وفى بعض الأحيان، خاصة في النزاع على حدود الأراضي ، يذهب أعضاء المجلس للمعاينة على الطبيعة، تمهيدًا لإصدار حكمهم.%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%84%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d9%81%d9%8a%d8%a9-%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%af%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7%d8%ac

وتتنوع الأحكام، التي قد يصل بعضها إلى «التغريب»، وهو إلزام الطرف المحكوم عليه بمغادرة المنطقة التي يسكن بها لمدة لا تقل عن 6 أشهر، ولا تزيد عن عام، ويستخدم هذا الحكم غالبًا في حل النزاع الذي ينشب بسبب قصص الحب، ويشترط في الجلسة العرفية التي تحكم في هذا النوع من الخصومات أن لا يحضرها أحد سوى أعضاء المجلس وطرفي النزاع حفاظًا على الأسرار الأسرية.

وفى نهاية الجلسة العرفية، يقوم المجلس بكتابة محضر الجلسة مدون به أسماء أعضاء المجلس، والحاضرين من طرفي النزاع، وأقوال «المدعي» و«المدعى عليه»، والحكم الذي صدر، وفى حالة إخلال أحد الطرفين بقرارات المجلس، يتحمل شرطًا جزائيًا تبدأ قيمته من 500 ألف جنيه، ويصل إلى مليون جنيه.%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%84%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d9%81%d9%8a%d8%a9-%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%af%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7%d8%ac

يقول الحاج «عبد العزيز البطل» عضو المجلس العرفي بالقرية ، أحضر جلسات الصلح والجلسات العرفية وأقوم بهذا الأمر ابتغاء وجه الله تعالى دون أى مقابل مادي ، وتكون أغلب الجلسات نتيجة حدوث مشاجرة ، نزاع على قطعة أرض  مضيفًا: «عادة فى الجلسات يتم عرض الصلح كمطلب أساسي ، وإذا لم يتم التوصل إليه، نتفق على تطبيق قرارات المحكمين بعد سماع آراء المتنازعين».

من جانبه قال الدكتور «رضا عبد الحكيم رضوان» أستاذ القانون الجنائي ، إن هناك مجتمعات قبلية ما زالت تحكمها العادات والتقاليد، وتسري عليها الأعراف، وتتحكم فى مقدراتها ومعاملاتها العائلات، مما يعكس قوة العرف وسيادة ثقافة القانون اﻻجتماعي.

وأضاف «رضوان» أن الجلسات العرفية تتشكل من كبار العائلات أصحاب السلطة المأخوذة من العرف والتقاليد والثقافة اﻻجتماعية التقليدية المتوارثة، ومن ثم تكون أحكامها ملزمة وسارية، وﻻ يمكن نقضها حتى فى حاﻻت اللجوء إلى المحاكم.

%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%84%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d9%81%d9%8a%d8%a9-%d8%b7%d8%b1%d9%8a%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%af%d8%a7%d9%84%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7%d8%ac

وأوضح أستاذ القانون الجنائي ، أن مشكلة الثأر في صعيد مصر خير دليل، ومن ثم فإن تفعيل الجلسات العرفية ووجود ممثل فيها للقانون الرسمي للبلاد يحل كثيرًا من المشكلات ويتصدى للعديد من الجرائم، ويساعد السلطة التنفيذية فى القيام بدورها فى مواجهة الجريمة وتطبيق العدالة، خاصة في جرائم القتل.

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى