أسعار وعملات

خبير اقتصادي : الجنيه يواصل النزيف والمركزى يفشل فى السيطرة على سعر الصرف

الجنيه يواصل النزيف والمركزى يفشل فى السيطرة على سعر الصرف

تتردد يوميا أخبار عن أسعار جديدة للدولار مقابل الجنيه المصرى في السوق السوداء، وكل يوم العملة الأمريكية في ارتفاع وزيادة مستمرة بشكل جنوني وكل وقت وآخر ننتظر إعلان البنك المركزي إلغاء السوق السوداء والسيطرة علي ارتفاع الدولار، لكن لم يحدث حتي الآن بل أصبحت السوق السوداء ملاذا لأغلب المتعاملين، حتي من أفراد الشعب البسطاء دخلوا اللعبة وقاموا بامتلاك الدولار سواء بالشراء أم بتحويل ذويهم من الخارج لبيعها في السوق السوداء والاستفادة بالفارق، مما أسهم في زيادة تجارة العملة، لكن الغريب أن سياسات البنك المركزي لم تنجح في الرقابة ووقف شركات الصرافة والمتعاملين في السوق السوداء.

الدكتور عز الدين حسنين الخبير الاقتصادي يؤكد أن البنك المركزي ما زال غير قادر علي تحقيق استقرار لسعر صرف الجنيه أمام الدولار، ومازال يغرد منفردا بعيدا عن السرب، فالمركزي لديه أدوات السياسة النقدية ولديه اللجنة التنسيقية التي تنسق مع الحكومة لإحداث التوازن بين السياسة المالية والسياسة النقدية ولديه مجلس إدارة من الخبراء الاقتصاديين، وبرغم ذلك لم يستطع بسط سيطرته علي سوق الصرف.

صحيح أن البنك المركزي ليس من مهامه خلق الدولار أو زيادة موارده، وتقتصر مهامه في إدارة النقد الأجنبي وضبط سعر الصرف وضبط التضخم فإنه يستطيع بالتعاون مع الحكومة في تحقيق هذه الأهداف، فمحافظ البنك المركزي عضو المجموعة الاقتصادية للدولة، ورئيسه المباشر هو رئيس الجمهورية، إذن لديه سلطات واسعة من بسط سيطرته علي مقاليد الأمور الاقتصادية بالدولة، ولا أتوجه باللوم لمحافظ البنك المركزي ولكن اللوم يقع علي المجموعة الاقتصادية بالكامل التي تقف عاجزة عن إيجاد حلول وأدوات تستطيع بها تنمية موارد النقد الأجنبي من مصادر جديدة غير تلك التي أصابها الانكماش حاليا مثل السياحة وتحويلات العاملين بالخارج والاستثمارات الأجنبية بشقيها المباشر وغير المباشر وتنمية الصادرات، وعائدات قناة السويس، فهذه هي المصادر الأساسية للدولار ولكنها متأثرة حاليا بالأوضاع الاقتصادية العالمية التي تشهد تباطؤا اقتصاديا وتشهد إرهاباً دولياً طال الدول الكبري الأوروبية مثل إنجلترا وألمانيا وأخيرا فرنسا، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، كلها أمور أسهمت وتسهم حاليا في تعقيد المشهد الاقتصادي العالمي، لذلك علي الحكومة أن تجد آليات وخططاً بديلة من أجل زيادة موارد النقد الأجنبي في مصر، فالدولار هو من يدير الحياة الاقتصادية في مصر، مصر تستورد أكثر من 70 ٪ من احتياجاتها من الخارج وبالدولار، وتدفع أقساط القروض وعوائدها بالدولار، بخلاف تجار مصر من المستوردين وكذلك الصناع يستوردون أكثر من 70 ٪ من الخامات وقطع الغيار من الخارج وبالدولار، فالدولار في مصر عصب الحياة.

وأشار إلي أن النجاح في ضبط سعر الصرف يعني استقرار الدولة، فأي تحريك لسعر صرف الجنيه أمام الدولار ارتفاعا أو انخفاضا يؤثر سلبا وإيجابا علي جميع الحياة في مصر ، فخفض الجنيه 10 قروش فقط يكلف الدولة 800 مليون جنيه عجزا يضاف لعجز الموازنة والعكس صحيح، ولا شك أن تصريحات المركزي الأخيرة من ضرورة خفض الجنيه أسهمت في اشتعال السوق السوداء واشتعال سعر الصرف لصالح الدولار.

فقفز الدولار إلي 11‪.‬50 قرش وأساهمت هذه التصريحات في امتناع الصرافة والسوق السوداء من بيع الدولار وحدث تعطيش للسوق وسط طلبات متزايدة من المضاربين والتجار والصناع الذين تكالبوا علي السوق السوداء لشراء الدولار بكميات كبيرة خشية التخفيض المحتمل، وكاد يقترب من 12 قرشا لولا تثبيت المركزي للسعر الحالي 8088 قرشا للبيع رسميا في عطائه الأخير يوم الثلاثاء 12 يوليو بحجم 119 مليون دولار.

هذا وسبق وأن اتخذ المركزي قرارات سابقة من أجل السيطرة علي سوق الصرف ولكنها لم تكن مجدية ولم تؤت بثمارها منها قيامه بغلق عدد من شركات الصرافة خالفت تعليماته وترك الآخرين الذين ما زالوا يخالفون التعليمات ويضاربون علي الدولار ويمتنعون عن البيع حاليا تحسبا لخفض الجنيه مجددا حتي يحققوا مكاسب رأسمالية كبيرة من أي خفض متوقع، ولذا نقترح علي محافظ المركزي بضرورة المتابعة اللصيقة لهذه الصرافات ومراقبتها وغلق المضاربين والممتنعين عن بيع الدولار.

وعقد اجتماعات مكثفة مع أصحاب الصرافات الكبيرة لحصر ما لديها من الدولار يوميا، فغلق جميع الصرافات سيعوق توفير الدولار بالدولة، ولا ننصح به، فما زالت الصرافة مصدراً مهماً للدولار داخل الدولة بل هي لديها مصادر دخل تفوق مصادر دخل الدولة، فإجمالي ما يدخل الاحتياطي النقدي من الدولار والعملات الأجنبية رسميا عبر البنوك لا يتجاوز 70 مليار دولار سنويا من جميع الأنشطة الاقتصادية، في حين مصادر وموارد الصرافة تعادل ضعف هذا الرقم وتقترب من 150 مليار دولار سنويا من مصادر رسمية وغير رسمية، فتجار الآثار والمخدرات والسلاح يبيعون دولاراتهم للسوق السوداء والصرافة، فمعظم غسيل الأموال يتم من خلال السوق السوداء بيعا وشراء.

واقترح للسيطرة علي الدولار في الصرافات والتحويلات والاستيراد ألا يعتد بأي تحويلات علي قوه البضائع المستوردة إلا التي تتم عن طريق البنوك، فأي بضاعة ترد الجمارك لا يتم الإفراج عنها إلا بخطاب من البنك يوضح فيه أن التحويل تم عن طريق البنك وتوريد الدولار للبنوك من الأفراد والشركات يكون بمستند من الصرافة بشراء الدولار، موضحا بيع السعر المعلن من البنك المركزي ولكي تتحقق هذه الآلية يجب علي المركزي أن يدير بنفسه شركات الصرافة، من خلال الربط الإلكتروني بين الصرافات والبنك المركزي يوضح الرصيد الافتتاحي لكل شركة وعمليات البيع والشراء التي تتم في الصرافات خلال اليوم الواحد.

كما يجب أن يحدد البنك المركزي السعر الرسمي للبيع والشراء المسموح لشركات الصرافة، وأي مشتر للدولار يجد شركة الصرافة ممتنعة عن البيع أو تطلب سعراً أعلي يتم إرسال شكوي للبنك المركزي، أو طلب خطاب من شركة الصرافة بعدم وجود دولار، وفي حالة الرفض يتم الاتصال بالشرطة وتحرير محضر يتم إيداعه البنك المركزي لاتخاذ قرار الغلق الفوري، كما يجب تحديد موظفي الصرافة المسئولين عن بيع الدولار بالاسم ويتم عمل لهم كارتة توقيعات توضع بالبنك المركزي ويتم إرسالها لكل البنوك للتحقق من أن موظف الصرافة الموقع علي إيصال بيع الدولار بالكمية والسعر القانوني الموجه للبنك هو توقيع سليم ومطابق لتوقيعه بالبنوك، لضمان عدم تزوير الإيصالات.

كما يجب علي المركزي التوجيه للبنوك بقبول أي حجم من الإيداعات للأفراد والشركات بدون حد أقصي، طالما أن الأموال المودعة قادمة من صرافات معتمدة لدي البنك المركزي.

ومن جانبه أرجع أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية بالقاهرة ارتفاع سعر الدولار بالسوق السوداء إلي أسباب عديدة لكن لآخرها تلميحات محافظ البنك المركزى طارق عامر عن احتمالية خفض الجنيه أمام الدولار، مما تسببت فى زيادة المضاربات بالسوق السوداء.

وأشار رئيس شعبة المستوردين، إلى أن هناك سوء إدارة لملف النقد الأجنبي وأن الشائعات أثرت بشكل كبير على العملة فى مصر، وتجار العملة يتحركون فورا لجمع الدولار إثر أي تصريح رسمى أو حتى شائعة حول خفض جديد للجنيه.

 

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى