تقارير و تحقيقات

الحاجة «أمينة» تعيش وحيدة في غرفة غير آدمية بفاقوس وحلمها أن تؤدي العمرة قبل أن تلقى ربها

الحاجة «أمينة» تعيش وحيدة في غرفة غير آدمية بفاقوس وحلمها أن تؤدي العمرة قبل أن تلقى ربها

تقرير | رويدا عادل

تختبئ الحاجة «أمينة» ابنه مركز فاقوس خلف جدران طولها لا يتجاوز المترين ، لا يمكن للذاكرة استيعاب تفاصيلها ، تعزف قصتها على أوتار الإنسانية ، تتجرد من ثوب الفتاة التي تطمح في الزواج وهي في سن العشرين رغم تقدم الكثير من الشباب ، وتتحول إلي مربية لأولاد شقيقها تتطمح فيه حبه ورضاه ، لكن خذلها إحساسها وتسبب في مآساة كبيرة .

مأساة الحاجة أمينة في غرفتها بفاقوس

سيدة عجوز في عمر الـ70 عامًا ذو بشرة قمحاوية يملأ وجهها التجاعيد وإسمرار تحت العين  اشتعل شعرها شيبًا تجلس أمام غرفتها في شارع طويل أمام منزل يتكون من طابقين يتماشي الناس أمامها من يضحك ، و من بقلبه الحزن ، تنتظر من يأتي ليجلس معها ولكن كل إنسان مشغول بأسرته وهي تشكي الله همومها تسكن في غرفة لا تسع غير سرير يحميها سقف من الخشب أثناء دخول الشتاء تعوم غرفتها في المياه ينسد عليها باب عند شروق الشمس يملأ غرفتها نور من شدة الخروق المتواجدة به ، جزًء من أسرة مكونة من أب وأم متوفيان وأخ يعيشان في منطقة «غزالة عبدون» بمركز فاقوس ، عاشوا جميعهم مآساة إنسانية تسيطر فيها الوجع بعد وفاة الوالدين ، لم تري سواء شقيقها سند لها في الحياة ، ولكن الدنيا ماهي إلا لوحات ترسم في الذاكرة وومضات وبداية لآمال أحلام ، وأحزان تسكن في القلب .

الحاجة «أمينة» تعيش وحيدة في غرفة غير آدمية بفاقوس وحلمها أن تؤدي العمرة قبل أن تلقى ربها
الحاجة «أمينة» تعيش وحيدة في غرفة غير آدمية بفاقوس وحلمها أن تؤدي العمرة قبل أن تلقى ربها

لا تمتلك من حطام الدنيا سوى سرير و كشاف و شعلة من الغاز لإعداد الطعام لا تتمنى من الله سوى الستر ، وأن تعيش حياة كريمة ، تبدأ حديثها عن شقيقها بالبكاء قائلة : كنت اذهب معه «للغيط» راكبة الحمار ساحبة الجاموس ، اعمل معه في الزراعة كنت ارتدي ملابس رجالي لم اعتبر نفسي فتاة  تعيش طفولتها كباقي الفتيات ، كل طموحي مساعدة أخي رغم كثرة الأوجاع التي في قلبي  لم أبالي  ذلك أملًا في مساعدة أخي لتربية أولاده و تجهيز بناته ، كيف لأخ بعد عمر من التعب والسهر يتركني في غرفة يشاركني فيها القوارض والحشرات عجبًا على زمن تتجرد فيه الإنسانية ، عينيها تنظر في جميع الإتجاهات ترتجف بشدة وبكاء يعلو واضعة يديها علي وجها ناطقة ساعدني يالله فتحت أبواب السماء لمن يرفع يده إليك ، فأين سكان الأرض من صرخاتي  ؟ أخي من لحمي ودمي يتركني في الشارع أري نظرات شفقة لم أجد غيرك يا الله اشكي له ، وهو ينام علي وسادته مرتاح البال أَكل ميراثي غصبًا لم يعطني شيئًا .

الحاجة «أمينة» تعيش وحيدة في غرفة غير آدمية بفاقوس وحلمها أن تؤدي العمرة قبل أن تلقى ربها
الحاجة «أمينة» تعيش وحيدة في غرفة غير آدمية بفاقوس وحلمها أن تؤدي العمرة قبل أن تلقى ربها

معبرة بضحكة ساخرة تقول تعرفي يا ابنتي عندما كنت جالسة معه في منزله لم يأكل معي في نفس الطبق يخصص لي طبق ومعلقة ويجالسني بعيدًا رأيت الذل من زوجته ، عذاب منذ وفاة والدي ما علي ألا انتظر مجئ الموت و يريحني .

يلها ضحكة منكسرة بدمعة حارقة تنزل من عينيها مانعها أن تضئ نور في غرفتها قائلًا لها «لو شغلتي نور في الأوضة هكهربك» ،هل يخطر في بالك بعد هذا العمر يتعرض لي بالضرب والسب لإرضاء زوجته لا أملك سوى 300 جنيه أول كل شهر وأصرفها على الدواء ولم يتبقى غير 20 جنيه أكل منها لأخر الشهر ، وأنام أيام من غير لقمة عيش في معدتي ، عندما احتاج دخول الحمام انتظر لأخر الليل حتي ينام الجميع لعمل حمام في الشارع .

رغم كل هذا انظر  إلي باب غرفتي كل ليلة انتظر دخوله للإطمئنان عليه لكن نحن دائما في الحياة نحتاج إلي أن نحتفظ في ذاكرتنا بصورة جميلة ، هذه الصورة تساعدنا علي إمحاء القبح المنتشر داخلنا في كل مكان ، كنت اتمني ألا أصل إلا هذا الذل في يوم من الأيام ياريت يكون كابوس .

ما هي أمنية الخاحة أمينة؟

خنقها التعبير ، ولم تستطع الحديث من شدة البكاء والشد علي يديها ناطقة بكلمات هل نحن آلة إذا تعطلت نقوم برميها ؟ ، مرت شهور وسنين وانتظره ، لم تجد  إلا في صلاتها والتقرب إلي الله ونيسًا لها ، صلاتها الممزوجة بالبكاء والرجاء والعتاب والأشتياق، تتمنى من أصحاب القلوب الرحيمة عمرة لزيارة بيت الله ، فـ هل من مستجيب ؟ .

الحاجة «أمينة» تعيش وحيدة في غرفة غير آدمية بفاقوس وحلمها أن تؤدي العمرة قبل أن تلقى ربها
الحاجة «أمينة» تعيش وحيدة في غرفة غير آدمية بفاقوس وحلمها أن تؤدي العمرة قبل أن تلقى ربها

زر الذهاب إلى الأعلى