مقالاتمقالات القراء

بهاء الدين الصالحي| يكتب: الهوية اللغوية ( اللغة والتجارة)

الصالحي

كان طرح سؤال الهوية هو الملح دائمًا بدءاً من الثورة الشعبية التى كانت مع نهاية الاسرة الخامسة الفرعونية حتى الأن، ولكن ذلك الجدل يثار على مستوى الصفوة ولاينعكس على الواقع اليومى للجماهير وذلك يعود الى سبب جوهرى وهو أن معظم الحركات التنويرية كانت ذات منشأ مدعوم بالسلطة، فلولا إستدعاء جمال الدين الافغانى برضاء من الخديوى اسماعيل ومساحة الحركة التى أكتسبها وذلك متوافق مع نزوع الخديوى الاصلاحى والدليل على ذلك ترحيل الافغانى فى عهد توفيق ونفى تلميذه محمد عبده القسرى وعودته بعد ذلك فى عهد حسين كامل الذى كان يتمتع بميول جده الاصلاحية ومن هنا كان التأكيد على النغمة السائدة فى لغة الشارع، ونحن هنا نؤصل لاسماء المحال التجارية والدلالات الاجتماعية والاقتصادية لهذه الاسماء وذلك من حيث :

1- طبيعة الفئة الاجتماعية التى يتوجه اليها نظر صاحب المشروع التجارى اى شريحة المستهلك ومن هنا عندما كان المستهلك قد جمع ثروته من داخل مصر عندما كان السوق المصرى فى ظل قوته مع الغياب بالنسبة لثراء دول الخليج الذى ازداد نتيجة تأثير اقتصادى لنتائج حرب 1973بعد مقاطعة دول ابترول خلال فترة الحرب ، ومن هنا كانت عناوين المحلات التجارية ( الامانة – الارزاق بالله) او باسماء العائلات وكذلك المناطق التجارية كالازهر والحمزاوى .

2- تعكس الاسماء الخاصة بالمحلات التجارية كوزموبوليتانية الحركة التجارية وكذلك المجتمع من عدمه وذلك مثل موصيرى قبل الثورة وهو يهودى وكذلك الاسماء اليونانية للمحلات التجارية الغالب وجودها بالاسكندرية ، وكذلك تعكس الفئة المسيطرة على حركة اقتصاد الشارع ، ومع اجراءات التأميم مع بداية ستينيات القرن الماضى بدأت الخريطة تتغير مع ملكية الدولة لحركة الاقتصاد مع سيطرة عبارة ( شركة مصرية مساهمة ) والتى اختفت حاليا .

3- مع بداية السبعينيات ظهر مفهوم الخاص كمرادف اقتصادى للمشروع السياسى الذى اعلن ان 99%من اوراق اللعبة بيد الولايات المتحدة الامريكية وهو المسؤل الاول عن هدم مفهوم الملكية العامة فى العالم وصاحب ذلك تفريغ المجتمع المصرى من طاقته المبدعة والتى قامت بالدور الاكبر فى تحرير الوطن خلال حرب 73 وذلك بذهابهم للعمل بدول الخليج التى تسيطر حركة التوكيلات التجارية على السوق بها ، وعندما عاد هؤلاء من سفرهم والتى كان يطلق عليها غربة فى الماضى وجدوا ان المحلات التجارية المصرية الاصيلة قد غزاها المنتجات العالمية فلم يعد هناك شعور بالفرق بين هنا وهنالك خاصة مع الفارق بين جمال عبدالناصر الذى كان يرتدى ملابس صنعت فى المحلة الكبرى ومبارك الذى كانت تصنع له ملابسه فى باريس ونصف الشعب يشتكون لولا نعمة البنطلون الجينز .

4-تعكس اسماء المحلات التجارية المستوى الاقتصادى لسكان ذلك الحى فلن نجد مثلا محلا بأسم (فيرساتشى )فى منشاة ناصر او العشوائيات الاخرى قياسا بالمعادى او شارع عباس العقاد او حى القومية بالزقازيق الذين ينتمى غالبهم الى العائدون من دول الخليج . ومع ذلك الفهم المتواضع لهذه المسألة لن نستطيع تغيير ذلك الامر لان الموضوع مرتبط بمقدمة هذه المقالة وهى ازمة تميع الهوية متمثلا فى امر قد يبدو شديد الهامشية بالنسبة للبعض ولكنه يعنى كثيرا لمن يحترمون لغتهم كالالمان مثلا فمتى نعى درس طلعت حرب الذى قرن اسم كل مؤسسات بأسم مصر .

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى