تقارير و تحقيقاتسلايد

تحقيق يكشف المستور عن تجارة إبليس ووهم التخسيس.. والدواء المغشوش بالشرقية

dsdf

تحقيق | محمد علي

تصنيع الدواء المغشوش بواسطة دوكو السيارات

علاج التخسيس أكثر الأدوية المغشوشة في السوق

مصر تفوز بسبة 7% من نسبة 30% لترويج الدواء المغشوش

نقيب الصيادلة يعترف بأن هناك دواء مغشوش بالصيدليات

طبيب صيدلي يؤكد تصنيع الدواء المغشوش تحت بير السلم

 

في عام 1954 أنتجت السينما المصرية فيلم حياة أو موت، بطولة الفنان الراحل عماد حمدي، والفنانة مديحة يسري، والذي كان يروى قصة حقيقة لمواطن كان في طريقة إلى تناول دواء مغشوش عن طريق الخطأ وكانت هناك جملة شهيرة جسدت مشهد هام في السيناريو حيث أعلنت الإذاعة في بيان عاجل تناشد فيه المواطن أحمد إبراهيم عدم تناول الدواء لوجود به سمُ قاتل، وكان النداء. ” من حكمدار بوليس العاصمة إلى المواطن أحمد إبراهيم القاطن في دير النحاس لا تشرب الدواء الذي أرسلت أبنتك في طلبة فالدواء فيه سمُ قاتل.. الدواء فيه سمُ قاتل، كان هناك اهتمام واسع من قبل بوليس العاصمة والإذاعة المصرية التي توقفت عن بث برنامج هام من أجل إنقاذ حياة مواطن .

65
واليوم وبعد 71 عام من إذاعة هذا الفيلم، هل المسئولين بالدولة بالفعل يهمهم حياة المواطنين، أم الوضع قائم فقط من خلال شاشات السينما ؟ في الحقيقة يعلم الجميع أن الدواء المغشوش أصبح متواجد في جميع صيدليات مصر

 

أصبحت تجارة الدواء المغشوش أسهل وأسرع من تجارة المخدرات، نعم تجارة المخدرات، بل من الممكن أن نقول هى الأخطر على الإطلاق فمن يتناول المخدرات يتناولها وهو يعلم مصيره، وعلى نفس الطريق يسير من يتناول الدواء الفاسد منتهى الصلاحية أو المغشوش، كل هذا يجعلنا نطرح العديد من التساؤلات حول من يعتلى منظومة الدواء في مصر وخصوصًا بمحافظة الشرقية

 

و في هذا التحقيق قررنا أن نجد الإجابات على جميع تساؤلات

أين يوجد الخلل؟

من المسئول عنه؟

هل هناك قوانين تجرم ذلك ؟

وإلى أى حد أصبح الدواء خارج سيطرة الدولة؟

قررنا الخوض في تحقيق أقل خطأ فيه ثمنه حياة إنسان

 

تاريخ صناعة الدواء

يعود تاريخ صناعة الدواء في مصر إلى عام 1934 عندما قام الصيدلى المصري محمد حجازى باشا بإنشاء شركة حجازي للأدوية والتى كانت أول منشأة مصرية عربية لصناعة الدواء في مصر والمنطقة بأكملها بعد عدة محاولات لإنشاء معامل صيدلية متخصصة في مصر في وقت كان المتحكم الوحيد في سوق الدواء هي شركات أجنبية
aaaaa

ومن الممكن اعتبار البداية الحقيقية لصناعة الدواء عندما قام طلعت حرب فى 1939 بإنشاء شركة لصناعة مستحضرات الدواء فأنشاء أول شركة مصرية عربية لصناعة الدواء فى المنطقة لم تكن خطوة نحو التقدم فى صناعة الدواء فقط وإنما كان تمهيد لصناعة الدواء فى إفريقيا بشكل عام

 

deww

أرقام  و أحصائيات 

مصر اليوم تحتل مرتبة متقدمة على مستوى الدول العربية في صناعة الدواء بعد تونس ، حيث يوجد بمصر ما يقارب من  160 مصنع خاضع إلى إشراف كل من القطاع العام والخاص وأكثر من 70 ألف صيدلية  وتنفق الدولة على أبحاث علمية  لصناعة الدواء ما لا يتجاوز عن 0,24% من الميزانية العامة للدولة كل عام
أما الدواء المغشوش  فى العالم يصل إلى نسبة10 % من حجم الإنتاج ، وتزداد النسبة  فى الدول النامية بنسبة تصل إلى 30 % تستحوذ مصر وحدها على النصيب الآكبر من الدواء المغشوش فى العالم  بنسبة 7%  مقسمة على جميع محافظات مصر من بينها محافظة الشرقية ، وذلك طبقًا للإحصاء الذي تم نشرة عبر موقع منظمة الصحة العالمية عام 2013
مع نهاية الأسبوع الثاني أثناء العمل بهذا التحقيق كان لابد أن نجد الإجابة على هذا السؤال .. كيف يصنع الدواء في مصر ؟ ولكي نحصل على الإجابة الشافية كان لنا حوار مع أحد تجار الدواء المغشوش

حوار مع تاجر دواء مغشوش
كانت الخطوة الأولى هى الذهاب إلى أحد منافذ تلك الأدوية بهدف  شراء منتج للتخسيس  يسمى ” كابسولات تيربو سليم” يعمل على  خسارة الوزن” وذلك من أحد تجار الدواء بالزقازيق بعد مشاهدة الإعلان عبر مواقع التوصل الاجتماعي،  حيث روج لهاذ المنتج انه يعمل على تخسيس 12 كيلو فى الشهر بدون نظام غذائي أو رياضة
فغف

 

وبعد عرض المنتج على أحد المتخصصين، الذي قال لنا أن هذا المنتج يتم تجميعه  ” تحت بير السلم ” ولم يحصل على ترخيص فكيف وصل ترويجه الى هذا الحد فى المحافظة ؟
وبعد الحصول على المعلومات الكافية لتلك المنتج، قررنا أن ترك باب أحد تجار الأدوية المغشوشة، الذي يعمل صاحب صيدلية جديدة بالزقازيق  وتمتلئ  بهذه المنتجات لجذب الزبائن، وبعد استخدام أسلوب يجعل هذا التاجر يطئان لنا،  تجاوب معانا بالفعل، وبداء بعرض الأصناف المتاحة واحد تلو الآخر، وعند الاستفسار عن الأسعار وهنا كانت المفاجأة، حيث انه قال لنا، أن سعر المنتج ينخفض اقل من النصف اذا تم بيعه بالجمله فمثلا الصنف الذى ثمنه “120”جنية  وصل إلى 55 جنية، وهكذا.

 

قمنا باستدراج التاجر حتى حصلنا على معرفة كاملة بجميع الأصناف التى يتاجر بها ، حيث حدثنا انه يمتلك دواء سحري للتخسيس بأصناف عديدة ودواء لعلاج التهاب العظام، ولضغط الدم، وللصداع، وأخر لعلاج الشعر، وعندما طلبنا منه الإجابة عن أن كان هذه الأصناف مصرح به من وزارة الصحة ام لا ، كانت الإجابة  بلا لأنها جميعها مستوردة من ألمنيا و أمريكا ولكن يوجد بعض الادوية مصرح بها من وزارة الصحة المصرية !

 

شضصص
والتساؤل الدائر في أذهان المنشغلين بهذا الشأن.. من الذى أعطى له هذا التصريح ؟ وما هى الإجراءات للحصول على تصريح للبييع وتصنيع الدواء ؟
وكان لنا حوار آخر دار بينا وبين أحد التجار عبر موقع التوصل ” الواتس آب ” وبعد أن أكد لنا انه يورد إلى عدد كبير من الصدليات بالمحافظة، تلك الصيدليات التي تخصص ميزانية وركن خاص لأدوية التخسيس

 

فى اليوم التالى توجهنا إلى أكثر من صيدلية بالزقازيق للبحث عن منتج للتخسيس بشرط أن يكون مفعوله ايجابي، فعرض علينا الأطباء العديد من الاسماء الغريبة وبعضها لا يحمل تصريح من وزارة الصحة !! لذلك كان لنا تساؤل، أين الوزارة، ونقابة الصيادلة من تلك التجارة؟
بعد محادثة طويلة مع تاجر الدواء حتى وصل سعر فاتورة الشراء الى أكثر من عشرة ألاف جنية، طلبنا منه الاستفسار على عبوة “القهوة الخضراء ” الذي حدثنا عنها أنها تعمل على تخسيس الجسم 3 كيلو جرامات أسبوعياً مثلها مثل المنتجات الألمانية والأمريكية كما يدعى ، وقمنا بشراء تلك العبوة من احد الصيدليات القريبة وذهبنا بها إلى أحد الأطباء الذي أكد لنا أن تلك العبوة مغشوشة، وكل ما قاله التاجر بعيد كل البعد عن الحقيقة ، وهذا أيضا ما تم تأكيده من قبل نقيب الصيادلة بالشرقية
وقبل أن نذهب إلى رد نقيب الصيادلة عن تلك التساؤلات نود أن نعرض عليكم بالصور جانب من الحوار الذي دار بينا وبين تاجر الدواء المغشوش

 

 


الاتول
تحقيق 2
تحقيق
555

 14147875

 58655

نقيب الصيادلة بعترف بسوق الدواء المغشوش بالشرقية

 


أخذنا ما حصلنا عليه من تاجر الدواء وذهبنا به إلى نقيب الصيادلة الدكتور «عصام أبو الفتوح»  وعرضنا عليه نوعين من الدواء المغشوش الدواء الأول « سليم بودى» . والثاني  «تيربو سليم»
فى البداية قال  أن اى دواء يباع خارج الصيدليات هو من مصادر غير موثوق فيها ويمكن أن يكون مهرباً أو مصنوع تحت “بير السلم”  أو منتهى الصلاحية  وهذه المنتجات دائماً ما تباع فى مراكز التخسيس ، وصالات الجيم
dsdf

نقيب الصيادلة
أكد لنا « أبو الفتوح»  أن الأطباء فى العيادات يحصلوا على الامتيازات والخصومات الكبيره  والهدايا الفاخره  وغيرها من الاغراءات حتى يسوقوا لهذه الادوية المغشوشة  ويتم بيعها فى عياداتهم ومراكزهم العلاجية  وأكد أن تخزين الدواء فى هذه الآماكن هو تخزين غير مطابق للمواصفات ويسبب ضرر كبير  بالدواء  حتى ولو كان سليماً
وأكد لنا انه قام تأكد من انه تلك الأدوية مغشوشة من خلال تجارب قام بها بنفسه، حيث تأكد أن هناك صيادلة يبيعون أدوية مغشوشة، ولكن التفتيش الصيدلى يحارب ذلك بكل الطرق ويعمل على تنفيذ القوانين لردع أى محاولة غش من أجل كسب المال من خلال المتاجرة بأرواح الأبرياء
وكانت مفاجأة بالنسبة لنا عندما أكد أبو الفتوح  أن العلاج الحر فى محافظة الشرقية لا يقوم بواجبه ويقوموا بمجاملة  الأطباء  لذلك الأطباء هنا بالشرقية يحصلون على الدواء من أماكن غير مرخصة وسيئة السمعة ومشبوهة بغش و بتزييف الدواء  ويتم التسويق لها فى عيادات الأطباء

وأثناء حوارنا مع نقيب الصيادلة كان لابد أن نتساءل عن مستقبل علاج سوفالدى المخصص لعلاج مرض وباء الفيروس الكبدي والمعروف بفيرس سى وعن إن كان الغش الدوائي طال هذا العلاج أو لا ؟ قال أن دواء السوفالدى الذي يتناوله المرضى الآن لم يكن مغشوشاً على الإطلاق، ويتم صرفه تحت إشراف وزارة الصحة

وعن القوانين التى تعاقب من يخالف قواعد بيع الدواء والسعي إلى التربح من وراء الغش الدوائي، قال أن القوانين موجودة بالفعل وأنها قوانين رادعه، ولكن المحسوبية والمجاملات أقوى من القانون في هذا الشأن !!
وعند طرح التساؤل الأبرز في هذا التحقيق وقلنا له كيف يصنع الدواء المغشوش؟ كانت الصادمة بالنسبة لنا، حيث قال.. أن الدواء المغشوش له عدة طرق لصناعة منها استخدام السكر المطحون وبعض الأعشاب التي يتم طلائها بدوكو السيارات أحيانا بالإضافة إلى مواد وألوان صناعية أخرى، وجميع المراحل التي يمر بها الدواء من بداية التصنيع حتى التغليف والتخزين،  وهى جريمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى

 

وأضاف نحن فى مأساة حقيقة بسبب جشع الأطباء وأخصائيين للعلاج الطبيعي الذين يتعمدون  الاستخفاف بأرواح الناس
آما عن الإعلانات التى تملئ القنوات الفضائية  عن الادوية التى تعالج جميع الامراض فى وقت واحد ، وعن مدى ضوابط ذلك ؟ وما دور النقابة في هذا الأمر ؟ قال  : هناك بعض القوانين التي يعد إليها الآن للحد من هذا الإعلانات والقبض على مروجي هذه الأدوية وفرض عقوبات قد تصل إلى إغلاق القنوات التى تعرض تلك الإعلانات

 

 

الأدوية المزيفة الطريق الأقرب إلى الموت

 


هكذا تحدثت منظمة الصحة العالمية فى تقرير لها  والذي يتضمن وضع قوانين وضوابط الدواء فى العالم لمواجهة هذا الخطر المتفشي خصوصاً فى مصر والدول النامية، وكان نص البيان ” تزييف الأدوية ظاهرة منتشرة في جميع البلدان، وهي تمثّل 10% من تجارة الأدوية على الصعيد العالمي، وتدفع الأدوية المزيّفة المرضى، نظراً لما يتسّم به منتجوها من قدرة فائقة على الخداع، إلى الاعتقاد بأنّهم يتعاطون أدوية لها القدرة على شفائهم، مع أنّها قد تزيد من مرضهم أو تودي بحياتهم في بعض الأحيان
وتسعى منظمة الصحة العالمية إلى إنشاء فرقة عمل دولية تضمّ جميع الأطراف الرئيسية المعنية، وستركّز تلك الفرقة نشاطها على المسائل المرتبطة بإنفاذ التشريعات والقوانين والتجارة والإبلاغ بالمخاطر والحلول التكنولوجية الابتكارية، بما في ذلك قيام مبادرات مشتركة بين القطاعين العام والخاص لتطبيق تكنولوجيات جديدة بغية الكشف عن المنتجات المزيّفة والقضايا المتعلقة بنقل التكنولوجيا إلى البلدان النامية
وقال «هوارد تسوكر »، المدير العام المساعد لشؤون التكنولوجيا الصحية والمستحضرات الصيدلانية بمنظمة الصحة العالمية، “إنّ حمل حقيبة يدوية مزيّفة أو ارتداء قميص داخلي مزيّف لا يعرّض حياة المرء للخطر، غير أنّ المرء قد يهلك إذا ما تعاطى دواءً مزيّفاً، وبناء عليه، ينبغي أن تكون الإجراءات التي تتخذها الشرطة على الصعيد الدولي ضدّ مصانع الأدوية المزيّفة وشبكات توزيعها بالصرامة ذاتها التي يواجه بها مهرّبو المخدرات

 

وتنتشر الأدوية المغشوشة بصورة أكبر في البلدان التي تقلّ فيها الآليات اللازمة لمراقبة اللوائح الخاصة بالأدوية وإنفاذها، غير أنّ جميع البلدان باتت معنية بتلك المشكلة، ذلك أنّ التقارير الواردة من دوائر الصناعة الصيدلانية تشير بوضوح إلى أنّ الوسائل والقنوات التي يستخدمها منتجو الأدوية المزيّفة أصبحت أكثر تعقيداً، ممّا يزيد من صعوبة الكشف عنها

أضاف الدكتور تسوكر قائلاً لا بد من تكثيف هذه التدابير، كما ينبغي للبلدان التفكير في سُبل إدخال التعديلات التكنولوجية والتشريعية والمالية اللازمة، بأسرع وقت ممكن، لضمان توافر أدوية أساسية ذات نوعية مضمونة

و تود منظمة الصحة العالمية أيضاً تطوير المزيد من الحلول الابتكارية التي تستند إلى تكنولوجيات عالية أو بسيطة لمنع التزييف في مرحلة التصنيع والكشف عنه في سلسلة التوزيع

هذا كان تقرير منظمة الصحة العالمية وهكذا كان رأى نقيب الصيادلة  وهذه هى المشكلة نطرحها عليكم وعلى المسئولين بكل ما بها من تحديات فهل ستظل الحكومة فى هذا الثبات، أو البيات؟  أم ستحاول النهوض من أجل أرواح المواطنين وإنقاذ ما يمكن إنقاذه .. وماذا يفعل المواطن بعد أن فُقدت أجهزة الرقابة، والغياب التام في هذا الشأن من قبل  وزارة الصحة ؟

 

أحمد الدويري

كاتب صحفي منذ عام 2011 ، أكتب جميع أنواع قوالب الصحافة، تعلمت الكتابة بشكل جيد جدًا من خلال موقع الشرقية توداي الذي انضممت له منذ عام 2012 وحتى الآن
زر الذهاب إلى الأعلى