تحقيق | عبير البشبيشي، شهندة برهام
رغم تأكيدات وزارة «البيئة» و«الزراعة» علي انخفاض معدلات حرائق قش الأرز فى سماء الدلتا، خلال الموسم الحالى، مقارنة بالمواسم السابقة، إلا أن «الدخان» يكذب التأكيدات، فبطول الطرق بين قرى ومدن الشرقية، ما زالت حرائق القش مشتعلة، معلنة تحديها لمنظومة التخلص من المخلفات الزراعية، ولتهديدات «البيئة» بعقوبات تتراوح بين الحبس والغرامة.
وعانت محافظة الشرقية بالأخص من حرائق قش الأرز على الرغم من الجهود الحكومية المبذولة لمكافحة هذه الظاهرة شديدة الخطورة على الصحة العامة للمواطنين والتي تتسبب في زيادة أعداد مرضى الصدر والحساسية، وذلك بسبب بعض العادات السيئة للمزارعين الذين يفضلون حرق القش بدلاً من تدويره والإستفادة منه خاصة الأراضي الواقعة على الطرق وداخل القرى النائية.
ويقول «محمد أمين» أحد أهالي كفر صقر: أن مشكلة حرق قش الأرز هذا العام فاقت الحدود، حيث أصبح دخان حرائق القش يملأ المنازل ليلا ونهارًا وتصيبنا باختناقات شديدة في التنفس ونريد حلاً لهذه الظاهرة التي تمثل خطورة دائمة على المواطنين وخاصة الأطفال.
ويقول الدكتور «أحمد العيان» إستشاري أمراض الصدر والحساسية: أن ظاهرة قش الأرز تتسبب في زيادة أمراض الحساسية والأزمات الربوية والتهابات الشعب الهوائية وحدوث أزمات صدرية ، مشيرًا إلى أنه لابد لمرضى الحساسية والربو استخدام «البخاخات» الوقائية بانتظام والابتعاد عن مصادر الدخان.
ويضيف «العيان» يجب على المرضى المصابين بأمراض الحساسية وضيق الشعب الهوائية حال تعرضهم لاستنشاق هذا الدخان استخدام «البخاخة» المنقذة وفي حالة عدم الاستجابة يجب التوجه فورًا إلى مستشفى الصدر أو أقرب مستشفى وذلك لإجراء جلسة طبية لتوسيع الشعب الهوائية.
ويقول «عوض حسن» أحد المزارعين: أن الفلاحين غير راضيين عن موضوع حرق قش الأرز بأراضيهم فأول من يتأذي هم وأولادهم، ولكن عدم وجود المكابس هو ما اضطرهم لذلك.
وأضاف «حسن»: يحتاج المزارعون إلى إخلاء الأرض فور انتهاء حصاد الأرز مباشرة، ليتسنى لهم البدء فوراً فى زراعة المحاصيل الشتوية، من برسيم، وفول، وبنجر، بالإضافة إلى أن معظم المزارعين يريدون زراعة الطماطم فى الموسم الحالى، ما يستلزم أن تغرس البذور خلال شهر أكتوبر، ونظراً لعدم توافر المكابس، اضطر مزارعون إلى حرق القش داخل الأرض، فى محاولة لتقليل الخسائر التى ستلحق بهم نتيجة التأخر فى زرع البذور الجديدة».
وقال «السيد رحمو» نقيب الفلاحين بالشرقية: إن المحافظة تعانى من عجز شديد فى أعداد مكابس قش الأرز، بالإضافة إلى ضعف دور الإرشاد الزراعى فى التوعية بخطورة أعمال الحرق، ما يصعب من مهمة القضاء على الظاهرة، مضيفاً «من المفترض أن يتم التنسيق بين وزارتى الزراعة والبيئة لتوزيع المكابس على المزارعين بشكل أسبوعى، لضمان عدم ترك المزارعين عرضة للتخبط».
وصرح المهندس «علاء عفيفي» وكيل وزارة الزراعة بالشرقية: أنه تم تحرير 3200 محضر حتي الآن للمخالفين،كما تم إخماد العديد من الحرائق،مشيرا إلي تشكيل غرفة عمليات رئيسية فى المديرية، لمتابعة موسم حصاد الأرز على مدار الساعة، وتلقى شكاوى المواطنين من حرائق القش، مع تكليف لجان بالمرور على الحقول لمكافحة الحرائق، بما يؤدى إلى الحد من ظاهرة السحابة السوداء، بالتنسيق مع إدارة شئون البيئة فى المحافظة، مشيراً إلى عقد 97 ندوة لتوعية المزارعين فى مختلف مراكز الشرقية بخطورة ظاهرة حرق قش الأرز، وأهمية الاستفادة منه.
وأضاف «عفيفي»: أن هناك قرار صدر من وزارة البيئة بتزويد العقوبة للمخالفين وهي السجن إذا تكرر توقيع محضرين حرق قش أرز للمزارع،كما أن من يتحرر لهم محاضر يقوموا بدفع غرامة مالية تصل إلي5000 آلاف جنية للبيئة،و2000 للمحافظة.
والسؤال هنا هل سنري مشهد حرائق قش الأرز في العام المقبل خاصة بعد وضع عقوبات رادعة، وعمل حملات توعية، وتحريمها علي الجانب الديني حيث أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوي تقضي بتحريم الحرق المكشوف للمخلفات الزراعية خصوصاً حرق قش الأرز لما يسببه من أضرار فادحة مادية وصحية وبيئية يتسع مداها على رقعة كبيرة من البلاد؛ وذلك استنادا إلى القواعد الشرعية: «لا ضرر ولا ضرار» وإلى أن «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح»، وأن «المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة»، وإلى الأبحاث العلمية التي أكدت تأثر الإنسان سلبيًا بالتلوث الناتج عن تلك الحرائق خصوصا الأطفال.
تابع الشرقية توداي على جوجل نيوز 
