أعمدة

حسن المستكاوي | يكتب : تريزيجيه يسدد عقد مارتن يول

حسن-المستكاوي

** الآن يستطيع الأهلى أن يسدد راتب مارتن يول الصعب بالعملة النادرة، الدولار، على مدى عقده دون الحاجة إلى مساعدة رجال أعمال، أو بنوك، وذلك من حصيلة بيع لاعبه تريزيجيه إلى أندرلخت البلجيكى بمبلغ 3 ملايين و300 دولار، بالإضافة إلى مبلغ 700 ألف جنيه حصل عليه الأهلى مقابل إعارة اللاعب.. وذلك هو أبلغ رد على الجدل حول راتب المدرب الأجنبى فى ظرف اقتصادى صعب تعيشه مصر حاليا.. وإن كنت أظل متحفظا على عدم التوازن بين الإيرادات العامة والخاصة بكرة القدم فى كل الأندية وبين الملايين التى تنفق على اللعبة فى كل ناد، علما بأن الدورى المصرى يمكنه أن يحقق إيرادات مالية أعلى بكثير مما يحققه، لو تحسنت إدارته، بالملاعب الجيدة، وبالجمهور، وبرفع مستوى التدريب، وبممارسة الاحتراف بحق. وبالتصوير والنقل التليفزيونى الجيد، وبانتظام مواعيده، وبإعادة النظر بالكامل فى مصير الفرق الجماهيرية التى تمثل المحافظات، وهو ما يترتب عليه إعادة النظر فى فرق المؤسسات، الجيش والشرطة والبترول. فكرة القدم صناعة شديدة الأهمية رياضيا واجتماعيا.. وسياسيا أيضا.

** اختيارات المدربين بشهادات خبرة، ليس كافيا، فهناك عوامل أخرى تؤثر فى عمل المدرب، وأولها شخصيته، وكيف يفوز بثقة لاعبيه وحبهم واحترامهم، ثم الكيمياء بينه وبين لاعبيه، مع إدارة جيدة، ومسابقات جيدة، وعوامل تدريب مساعدة عالية المستوى، وربما لا ينجح مارتن يول، وربما ينجح. فالقضية ليست أجنبى ومصرى، وإنما المدرب الجيد، وغير الجيد، وأذكر أننى سألت مدرب منتخب إنجلترا والأهلى الأسبق دون ريفى عام 1985: أيهما يصنع الآخر.. المدرب الجيد يصنع فريقا جيدا أم أن اللاعب الجيد يصنع مدربا جيدا؟! أجاب دون ريفى: «كلاهما يصنع الآخر..».
** اختصارا يمكن للأهلى والزمالك أن يمولا كرة القدم بالكامل، بما يملكانه من ثروة هائلة، وهى الشعبية التى صنعت بالتاريخ والبطولات، وأضطر إلى تكرار أن الناديين كانا يتنافسان بقوة ويتبادلان حصد الألقاب فى الخمسين عاما الأولى من عمرها، وحين قررا خوض مباراتين وديتين عام 1917 كان ذلك لتحديد أيهما الأقوى.. وصناعة مثل هذه الشعبية أمر صعب. بجانب أن جوهر تأسيس النادى يترك آثاره مدى الحياة، وهذا الجوهر يرتبط بصورة ما بالشعبية، فأندية العالم كلها تأسست لأسباب اجتماعية، أو سياسية، أو عقائدية، أو دينية.. مثل أندية السلطة. أندية الفقراء. أندية الأغنياء. أندية كاثوليكية، أو بروتستانتية، كما الحال فى أسكتلندا، السلتيك والرينجرز.. وتلك الأسباب مع قوة الخصومة والمنافسة، هى التى صنعت الدربيات فى كل دولة ومدينة..
** هذا يقودنا إلى ثروة الأهلى والزمالك بالتاريخ والبطولات.. وهى الشعبية التى عبرت حدود القطر. وبناء عليه يفترض بل يجب أن يكون الناديان غنيان، وأغنى الأندية العربية والإقليمية. فالجمهور يترجم التشجيع والانتماء إلى مال.. وإدارة تلك الثروة هى صيحة العصر القادم وعلينا أن نلحق به، وقد كانت إدارة تلك الثروة صيحة الزمن الذى فاتنا ومضى، فعشنا فى أطلال كرة القدم، وأنبتت لنا اللغة هذا التعبير القديم الذى امتلأت به صفحات جرائدنا: «لا داعى للبكاء على اللبن المسكوب وقد مضت عقود وعقود، وجرى اللبن أنهارا وبكينا كثيرا..!

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى