تقارير و تحقيقات

«زاهية» الأم المثالية بالشرقية.. مدرسة وتعمل بائعة خضار وفقدت ابنها الأكبر بسبب السرطان

المثاليةة

كتب | أحمد سمير ، رويدا عادل

تحلم كل فتاة بأن تصبح أمًا في يومًا من الأيام ،  وتنجب أطفال كثيرة ، وعندما يتحقق الأمر يتغير مشاعرها اتجاه والدتها وتعلم أن كلمة «أمي» تعني الكثير وتعرف مدى تعبها والشقاء الذي تعرضت له  لتوفر لها الراحة  بكل معانيها.

يأتي يومًا واحدًا يحتفل به الأبناء كل عام وهو الـ 21 من شهر مارس ، وهو عيد الأم الذي مهما تحدثنا من كلمات لا نوفي ما مدى أهميتها في حياتنا ، ولكن لأمهات كثيرة قصص كفاح تستحق فيها لقب «الأم المثالية »، فإليكم بـ قصة واحدة  لـ الأم المثالية بالشرقية نتعلم من خلالها  الإصرار ، ومهما كانت الوظيفة الأهم أولادها يكونوا في أحسن حال .

ومن أول خطوة بسلم الشقة تستقبلنا الابتسامة الجميلة والوجه السَمح ومن داخل  غرفة  الجلوس  تعرفنا على قصة مربية الأجيال معلم أول بإحدى مدارس مركز فاقوس و أيضًا بائعة الخضار والفاكهة  لكن الظروف تجبرنا على عمل الكثير ، من لدينا أغلى من أولادنا ؟ ، فهم الشمعة التي تنير الماضي والحاضر والمستقبل.

فجلست «زاهية محمد عبدالسلام» تحكي في هدوء بدأت حديثها عن ابنها «محمود» الذي مرض في عمر الـ 11 عامًا بذلت كل ما لديها في علاجه ، مع الحجز في المستشفى  وعمل الأشعات بمبالغ كبيرة ، ولا تتقاضى من أجر معلمة غير 2300 جنية ، نقول هذا يكفي عائلة ، ولكن ماذا لو لديها 4 بنات وفتيان ؟.

وتساءلت هل يكفى أيضًا ، أشعة مبلغها يتراوح ما بين 1000 وأكثر ، وهي بمفردها ، زوجها مريض يعاني بتعب في «المرئ » و يمر بظروف أصعب ، متجوزة منذ 25 عامًا ، وجبرته أن يكون بعيدًا عنهم ، ظلت تكافح وتأخذ من كل شخص مبلغ حتى تعالج ابنها وصل بها الأمر لأخذ قرض من إحدى البنوك حتى تكفى مصاريف بناتها ودروسهم و كل واحدة  منهم بمختلف التعليم الدراسي ، أسودت الحياة في وجهها وأصبحت ظلام كالح  .

SSS

وأكملت كل هذا مازلت أعالج ابني حتي في يومًا طلب الطبيب عمل أشعة رنين على رأسه حتي يتضح لنا ما سبب الصداع المستمر والدوخة واختلال توازن الجسم ، بعد ظهور الأشعة اصدمت بحقيقة كانت بعيدة كل البعد عن خيالي  أن ابنى مريض بالمرض اللعين «السرطان » ، وعليه حجزه في المستشفى لأخذ جرعات الكيماوي  ،  كانت حياتي متدهورة أصبح عقلي يجن أكبر بناتي كانت في الإعدادية  وحملت مسؤلية  بيت ومسؤلية  أخواتها البنات .

وتابعت: كنت أبعد عن منزلي بالشهور بجوار ابني مع صلواتي والدعاء ووقوفي أهلي بجانبي ، كانت المفاجأة هي شفاء ابنى من المرض ورجع إلى حالته الطبيعية وهو في الصف الأول الإعدادي ، ومرت الأيام وهو بخير و رجع للعب مع أصدقاء و الجلوس بجانب أخواته ، حتى بداية الصف الثاني الإعدادي شعر بنفس الأعراض والصداع  فقمت بإستشارة الطبيب.

فطلب على الفور التوجه إلى مركز الأشعة لعمل نفس أشعة الرنين على رأسه ، ومع ظهور النتيجة قالت الأم وظهر على وجهها الحزن الشديد فتحدثت بصوت مهزوز بالحزن  الدكتور قال المرض رجع لابنك بس كأنه حيوان متوحش ينهش في كل أرجاء جسمه ، عندما سمعت هذا كأن حياتي توقفت لا أعلم ماذا اعمل ؟ ، أو إلى أين اذهب ؟ ، بجواري  شقيقتي التي أدين لها بحياتي ، مع ضحكة خفيفة  بين شفتيها بحزن يلمع في عينها كأن شريط  حياتها يمر من أمام أعينها وتشعر بالعذاب .

المثاااالية

وأشارت قائلةً: أن القصة لن تنتهي بعد فقد احتجز ابني في المستشفى لأربعة أيام وعلمت شقيقتي من الدكتور أن ابنى لن يتبقى له غير يومين على قيد الحياة ، فحاولت أن تفهمي الأمر ، ولكن الدعاء لا ينقطع والإصار والعزيمة مستمرة ، والأطباء رفضوا خروج ابنى من المستشفى لكن  حاولت بكل إرادتي خروجه ومضيت على إقرار بأني مسؤولة على ما يحدث له بعد الخروج ، وذهبت للبيت وهو معى.

وتابعت: تكرر المنظر مرة أخرى ولكن لم يكن استمراره في المنزل لمدة سنة كـ أول مرة ، كان يومَا فقط ، أعلم أن ابني مدة حياته يومين شعرت بأني مقيدة الأيد والتفكير وقلبي ينزف من شدة الألم الذي ينطق به ابني من آهات ، مر أول يوم  له بسلامة وثاني يوم رحل إلى ربه ، أتمنى ألا يكون أحد بمثل هذا الموقف ويبعد عن أولادنا كل الآذى  ، والأن فقدت أعز ما أملك و الديون أصبحت كالجبل ، وعليا أن أقوم بسداد القرض ، فاضطررت إلى الذهاب مع شقيقتي للبيع في السوق «لا في اليد حيله».

فكلما زادت المسئوليات زاد الحمل، ولكن استطاعت تخطي جميع الحواجز من أجل أبنائها وحياتهم بالمشاركة سويًا فـاضطر كل منهما للبحث عن وظيفة حتى يعيشوا في سلام ، رغم أن كل منها يدرس ولكن يصعب عليا الأمر ، فالمرتب لا يكفي ، فـ البيع في السوق هو وسيلة أخرى حتى أستطيع سد جزء من الجبل الثقيل ، كنت أذهب  الساعة 4 فجرًا  للبيع و أعود للبيت الساعة 11 صباحًا ، ثم أذهب للمدرسة عملي الأساسي ، وجدت صعوبات في السوق وعدم الإحترام فكان يتوجه إلي السب كنت أرد عليهم بإنني مربية أجيال وعلمت مثلهم  ، ولكن الظروف التي جبرتني أن أكون في مثل هذا الموقف .

وأوقات الظروف الصعبة كانت تصعب عليا نفسي ، لكن كنت أفكر في أولادي إلى أين سيذهبوا ؟ ، فإنهم وحدهم أمثل لهم كل حياتهم ، عندما يدخلوا البيت ينادوا «أمي أمي» ويبحثوا عني في كل مكان ، فلا أستطيع أن أخيب أملهم بي وأتركهم .

كل ما اتمناه أن أزوج بناتي وتسديد القرض ، أمنيتي الكبيرة زيارة بيت الله ولكن مسؤلية البنات صعبة ، وتجهيزهم ورؤيته في بيوتهم سعداء فهو من سعادتي ، وأقول لـ جميع الأمهات ربنا يفرجها عليهم ، ويجعل أخرتهم حج بيت الله .

زر الذهاب إلى الأعلى