أخبار العالم

سامح المصري: يكتب | الزواج بهذه الطريقة يؤدي إلى الموت

المصري

لما كانت فى سنة تانية بكلية التربية قسم فرنساوي ، أهلها جوزوها عريف فى الجيش ، وفى سنة أولى جواز حصل خلافات ومشاكل كتير وصلت للضرب ، ولما خلفت ضربها علشان المولود بنت مش ولد ! أنتهى الأمر أنها ماتت مشنوقة وهى حامل فى طفل تاني، وجوزها متهم فى قتلها .

فى الحقيقة المتهم فى القتل ليس الزوج فقط ، لان أهلها شركاء فى هذه الجريمة البشعة ، أهلها قتلوها لأن ليس من حقها أن تختار شريك حياتها لأن فى عقيدتهم لابد أن  تتجوز البنت فقط علشان تتستر وبس ! أهلها قتلوها لأن العادات والتقاليد فى الريف تجبر البنت أن تتجوز وهى صغيرة علشان مش تعنس ! أو خوف من كلام الناس، أهلها قتلوها لأن الجواز فى تفكيرهم عبارة عن «جوازة ميري» ، ومطبخ،  وثلاجة، وغسالة واوضة نوم، أهلها قتلوها لأن المشاعر فى عقيدتهم عيب ، والحب حرام !

هى فتاة بسيطة تسكن بإحدى قرى مركز «بلبيبس» بمحافظة الشرقية ، أهلها ناس غلابة وعايشيين جمب الحيط ، والفقر هو الحقيقة الظاهرة فى حياتهم، ولكن رغم ذلك كانت متفوقة فى الدراسة ، والأم البسيطة كانت تقدم لها المساعدة بقدر المستطاع لكى تتعلم بعد أن مات والدها وتركها مع ثلاث أخوات .

بعد التفوق بالمرحلة الثانوية التحقت بكلية التربية قسم الفرنساوي بجامعة الزقازيق ، وفى السنة الثانية من الدراسة تقدم لخطبتها «عريف بالجيش» ، وفى أجازة الجامعة تحدد موعد الفرح ، وبعد الاتفاق على .. مين هيجيب الثلاجة، والغسالة ، واوضة النوم ، وهذا أهم شئ فى شروط الزواج فى الريف.. نعم أهم شئ أهم من الحب ، والمشاعر ، والتفاهم، .. فى الريف أختيار نوع الغسالة أهم من الاختيار العاطفي ، وهذا مفهوم راسخ ودائر تتوارثه الأجيال .

عاشت الفتاة مع زوجها منذ البداية فى مشاكل وخلاف وصل الأمر إلى الضرب ، كانت تشتكي إلى أمها السبيطة وتطلاب الطلاق، ولكن كانت تنصحها الأم أن تستحمل وتعيش وتحافظ على بيتها ، نضع فى هذا الأعتبار للأم حكم الفقر وضيق الحال،  إلى أن رزقت بأول مولودة ، لتكون شاهدة من اليوم الأول لها بالدنيا على ضرب أبوها لأمها بأشد صور القسوة، وهذا لأنها بنت !! هل هذا يعقل يا سادة بعد التقدم الثقافي والعلمي والثورة التكنولوجية التى نعيش فيها مازالت أفكار الجاهلية تعيش بيننا ، من الممكن أن نتقبل هذا المشهد من زوجان لم يلتحقوا بالتعليم ، ولكن أن يحدث هذا بين أم من المفترض أنها تعيش فى رقي تعليمي وفكري بقسم اللغة الفرنسية بكلية التربية ، وأب يعمل فى مؤسسة نتعلم منها التضحية والنظام ، أنا لا أشير بالأتهام إليهم لأننا جميعا شركاء فى هذه الواقعة، حيث أننا جهزنا مسرح الجريمة بكامل أركانه، والآن تفرغنا للتحليل .

ظلت الأم تصبر فيها وتكرر مقولة ” أستحملي علشان تحافظي على بيتك ” لينتهي أخر مشهد فى حياة الفتاة وهى مقتولة، وعلى رقبتها آثار تعذيب وشنق داخل غرفتها وهى حامل فى الشهور الأولى بمولود جديد وهذا يجسد بشاعة المشهد ، لتتهم الشرطة جوزها كا متهم أول بقتلها ، ليرد الزوج فى أقوال الشرطة على هذا الأتهام بأنها هى التى شنقت نفسها .

بعد الموت ظهرت لنا مشكلة اجتماعية لا تقل بشاعة عن جريمة القتل ، حيث أن الأهل كانت نيتهم فى البداية عدم إبلغ الشرطة بالواقعة ، وعدم تشريح الجثة ، وعدم وأتهام الزوج وهذه جريمة أخرى ، ولكن قرر أحد أقاربها إبلغ الشرطة ، وتشريح الجثة، واتهام الزوج .

هذا نتاج عادات وتقاليد وموروث ثقافي  خطر جدًا على المجتمع ، ولابد من تغيير هذا المفهوم ، لابد أن نعطى الشباب مساحة من التفكير ، والاختيار الصحيح، والتبادل العاطفي والحب فى مرحلة الخطوبة قبل الزواج، هذا فى الإيطار الديني والأخلاقي للمجتمع ، ولابد أن لا تقل هذه الفترة عن سنة ، وبعدها إذا اتفق الطرفين يتم الزواج والعقد الشرعي ..  والغسالة ، والثلاجة ، وغيرها .. ، لكي لا ينتهي المشهد الختامي فى قصة الزواج بالطلاق أو الموت .

أدعو الله أن يتغمدها بواسع رحمته ويغفر لنا ولها، وأن يلهم أهلها الصبر والسلوان ،  ولكن لابد من تغيير هذا الموروث الثقافي، لكي نعالج هذا المفهوم بشكل قاطع ، حتى لا تتكرر هذه المأساة .

قبل الختام، ولكى يساهم هذا المقال فى تغيير هذا المفهوم ، أترك لحضراتكم بعض المراجع التى تساعد فى الاختيار الصحيح لشريك الحياة ومنها ، مراجع الدكتورة «هبة قطب» فى أختيار شريك الحياة ، حيث أنها صدر لها العديد من الكتب ، والمقالات ، وحلقات فيديو عبر اليوتيوب خاصة بهذا الموضع ، سلسلة حلقات الداعية «مصطفى حسني» بعنوان فن أختيار شريح الحياة عبر اليوتيوب، مراجع الدكتور «أحمد عمارة» عبر اليوتيوبب كتاب معايير اختيار شريك الحياة للكاتب «الحسين بن حسن السيد» ، كتاب على أعتاب الزواج ، للكاتب أكرمم رضا .

زر الذهاب إلى الأعلى