مقالات

سامح المصري : يكتب | الغرفة رقم 308

 

Captureالساعة 12 كان الوداع الآخير بعد تسليم مفتاح الغرفة رقم 308 بفندق « ريتال فيو » المتلألئ وسط الصحراء والمطل على خليج السويس بمدينة العين السخنة الساحرة ، بعد قضاء 52 ساعة في المنتدي المدعوم من السفارة الألمانية ، بحضور عدد من الزملاء الصحفيين ونواب من البرلمان المصري ، لوضع توصيات وتشريعات تهدف إلى تسهيل التواصل بين الإعلام ومجلس النواب ، حصدنا من خلال النقاش الآخير بعض التوصيات والتشريعات والأحلام التى نأمل أن يرفعها مدير الجلسة الأستاذ  «سعيد عبدالحافظ » مستشار لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان ، حيث تقدمت بقترح تشريع قانون لتسهيل تجول ذوي القدرات الخاصة في الشوارع ، والقدرة على دخول المصالح الحكومية والأماكن الترفيهية والمحال التجارية .

 

السعادة تغمر وجوه جميع الجالسين أمام شاشة التليفزيون برسيبشن الفندق بعد فوز الأهلي برباعية ، أنا وصديقي العزيز هاني هنداوي مخرج التليفزيون المصري، الذي شاركني مشاهدة غروب الشمس وشروقها في الغرفة 308 ، وحتى الفرحة لم تفارق مدير الفندق صاحب الشعر الأبيض الذي كان في حالة من الغصب الشديد وهو يوبخ أحد العاملين بالفندق بسبب مروره من الريسبشن بدون زاي العمل حيث أنه كان يرتدي ترنج ، بعد أن أخبره أنه يعمل كاشير في المطعم بالشيفت الماضي ، ليأتي الهدف الرابع بقدم اللاعب «أحمد الشيخ» في الدقيقة 92 بعد تمريرة سحرية من حصان الأهلي الجديد «فاكاماني» ، ليعلن المعلق الرائع أيمن الكاشف عن الهدف الربع بصوت عالي .. أوعى القطر يا عم الحج .

 

كان في الانتظار على شاطئ البحر الفرعون المصري الذي وعدنا أثناء العشاء بتقديم عرض خاص لنا، وطلب مني أن أساعده في تجميع الزملاء أمام المسرح لبدء العرض ، كانت المجموعة الأولى من الزملاء تلتف حول الزميل «محمد حسنين » للإستماع إليه وهو يلقى بعض التواشيح الدينية بصوت ملائكي لم يصدقه أحد من قبل حيث أنه في الظاهر لم يوحي بهذه الموهبة ولكن أنفجرت موهبته مع نسيم الهواء الذي يداعب سكون مياه بحر الخليج ليحرك موهبة الزميل «محمود الشاذلي»  الذي تلتف حوله المجموعة الثانية وهو يغني أغنية .. يالي شمس الدنيا تطلع لما تطلع ضحكة منك .. حسي الناس الغلابة إللى زاي بعد إذنك .. بطلي تحلوي أكتر .. وأوعي وشك يوم يكشر .. وضحكي ديما يا سكر ، ويلحم بعدها وصلة من مقتفات لأم كلثوم ، ونحن نستمع إليه ونتناول مشروب المانجو ?عزومة العمدة ” الكريم ” ، الذي شكيت به في البداية أنه يتبع لجهة أمنية إما مخابرات أو أمن وطني ، وكان البعض الذي يجهله يتراجع أثناء المناقشة بالمنتدى عن مفهوم الأمن القومي ، ذلك قبل أن أطلب منه تعريف نفسه من جديد ليكشف لنا إنه عمدة أحدى القرى بمركز ديرب نجم ، بعد أن شكرته على كرمه ومشروب المانجو ، كان الفرعون ينادي من جديد في مكبر الصوت .. السادة الضيوف ندعوكم لمشاهدة العرض الخاص لبعض ألعاب القوة الخارقة? تجمعنا داخل الخيمة لنشاهد العرض وبعد أن استمتع الجميع ذهبنا إلى الريسيبشن هروبا من برد هواء البحر القارص ، ليحوم حولي من جديد الحديث عن أخبار الفريق «أحمد شفيق» الخاصة بالترشح للرئاسة، والظهور على قناة الجزيرة ، وطريقة ترحيله من دولة الإمارات تلك الأخبار التى تعمدت أن أهرب من تحليلها منذ البداية لأنى في الحقيقة لا أفهم ماذا يحدث حتى الآن ?

 

صعدت إلى الغرفة 308 وقبل أن أنام تأكدت من ضبط منبه التليفون على الساعة 6 صباحا ، لكي أصحى وأجلس أمام البحر اقرأ في الكتاب وأستمتع بجمال خليج السويس بعيدا عن ضجيج الزقازيق ، لأغرق بعدها في نوم عميق لم أنم مثله منذ شهور طويلة بسبب الهدوء والجو الجميل بعيدًا عن ضغوط العمل ، انتظرت أن يرن المنبه بعد أن شبعت من النوم ولكن لم يرن ، تحسست التليفون لمعرفة الساعة وجدته ” فصل شحن ” بسبب سوء وصلة الشحن لذلك لم يرن المنبه ، نظرت في الساعة بنصف فتحة عين لأجد الساعة 9:33 دقيقة ? نهرت الصديق هاني وقولت .. ضاع مننا اليوم يا صديقي ولم نستمتع بالقراءة والجلوس على البحر قبل أن نغادر ، ولكن في عجالة إنتهينا من “الشيك أوت” ، وودعنا الغرفة 308 ووضعنا الشنط في الريسبشن تمهبدا للمغادرة ، وهرولنا إلى البحر لنستمتع بما تبقى لنا من وقت أقل من ساعتين ، غرقت في القراءة وفي نفس الوقت أتنفس هواء البحر النقي بعيدا عن رائحة أقوام تجمعات الزبالة الكريهة بالقومية ، وعوادم السيارات ، نظرت في الساعة كانت 12:8 اتصلت بالزميلة إيمان مهنى مدير مكتب اليوم السابع بالشرقية وسألتها أن كان وصل الأتوبيس ، وكان قد وصل بالفعل ، ودعت البحر والفرعون الذي كان يجلس على حمام السباحة يتحدث مع أحد النزلاء ، وصعدنا إلي الباص الذي كان ينتظرنا على بعد 10 أمتار من باب ريسبشن الفندق ، وقبل أن أجلس على المقعد درست خريطة طريق العودة بشكل سريع في ذهني لكى أهرب من الجلوس اتجاه الشمس وهذه خبرة اكتسبتها من السفر المتكرر ، وبالفعل جلست على المقعد اليامين لكي أتجنب حرارة الشمس .

 

صوت عبدالحليم الذي كان يخرج من سماعات الباص التابع لأحد شركات السياحة المشهورة بمدينة الزقازيق ، لم يخلق لي حالة من الإسترخاء ، لذا وضعت سماعات التليفون في أذني ? لكي استمع إلى موسيقى هادئة وفي يدي كتاب تمر صفحاته بين أصابعي في هدوء تام كأني أسير على طريق من حرير ولم أشعر أني راكب في الأتوبيس يضم 50 راكب، ولم أشعر بمشقة الطريق الذي يبلغ طوله 170 كيلو تقريبا بالطريق الدائري الإقليمي الجديد من العين السخنة إلي مدينة بلبيس، لم أشعر بالمطباط المعتادة حتى نزلنا من الطريق الجديد لتعود المطبات من جديد التى تسبب في آلام الظهر مرورا بالزحمة والتكدس على جانبي الطريق بعد الدخول في عمق مدينة بلبيس حتى وصولنا إلي مدينة الزقازيق التي يميزها الضجيج المرتفع ، ومع قرب نقطة النهاية قلت لماذا أشغل نفسي في تحليل أخبار الفريق شفيق ، رغم أني لا يهمنى من يحكم مصر المهم أن يخلصنا الرئيس القادم من ضجيج المدينة ويعمر الصحراء الممتدة على طول 170 كيلو بين بلبيس والعين السخنة بدون أي فائدة ، وأن يوفر لنا الطرق مثل الحرير الذي سلكناه في الذهاب والعودة، لكي نشعر أننا في وطن لكل المصريين ، وقتها ستتحقق العدالة الإجتماعية والسياسية في وقت واحد بعيدا عن ضجيج برامج التوك شو .

سامح المصري

كاتب صحفي ومدون منذ عام 2000، بداية احتراف الصحافة كانت من خلال موقع الشرقية توداي الذي اعمل به منذ عام 2011، اكتب جميع أنواع القوالب الصحفية ولكن اتميز في كتابة مقالات الرأي
زر الذهاب إلى الأعلى