مقالات

سامح المصري | يكتب : القهوة العشق المشروع والكنز الممنوع

سامح المصري 5

القهوة، لمن أدمنها مثلي هي مفتاحُ النها، والقهوة، لمن يعرفها مثلي, هي أن تصنعها بيديك، لا أن تأتيك على طبق، لأن حامل الطبق هو حامل الكلام، والقهوة الأولى يفسدها الكلام الأول لأنها عذراء الصباح الصامت، ورائحة القهوة تتشرب الأصوات، ولو كانت تحيةً مثل “صباح الخير” وتفسد رائحة القهوة .. هذه المقولة من بعض ما قاله الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، كان دائما ما يعبر عن عشقه للقهوة بالكلمة، وبيت القصيد.

وفي حقيقية الأمر أن عشق القهوة تملكنا جميعًا، وتعمد الجمع هنا أقصد به سلالة آدم عليه السلام في شتى بقاع الأرض من شرقها لغربها، لذلك أصبح الاحتياج للقهوة عنصر أساسي، وسلعة رئيسية في نمو أقتصاد بعض الدول النامية، والتى تعد أكبر الدول منتجة للبن مثل البرازيل، وفيتنام ، وكولومبيا، وإندونسيا، وإثيوبيا، والهند، وغيرها من بعض الدول المتصدرة قائمة إنتاج وزراعة البن، ولكن الغريب في الأمر أن جميع الدول العربية تشرب القهوة بكثرة ، ولكن دولة اليمن فقط هى التى ترزع البن، وتحتل الترتيب رقم 31 وتعد في مأخرة قائمة الدول المنتجة للبن، وان دولة بحجم مصر تجاوز تعداد سكانها 100 مليون إنسان، والنسبة الأكثر منهم يشربون القهوة والغريب أن أرضها لا تزرع بها حبة بن واحدة، ولو أجرينا بحث على أسرة واحدة سنجد أن الجد ، والأب ، والابن، والأم ، والابنة، جميعهم يستحون القهوة، أتذكر جدي الله يرحمه كان يآتيه الناس من أماكن بعيدة لكي يشربون معه القهوة على الفحم، الله أتذكر راحتها الآن، كنت أشمها على بعد نص كيلو، لأنه كان يضع عليها العنبر لتزداد ريحتها جمال وتشعل أنفاس كل من أقترب إليه.

الهدف من كتابة هذا المقال هو تقديم بحث مختصر عن إقتصاديات تجارة البن، حيث أن البن يعد ثاني أكثر سلعة متداولة بعد النفط حول العالم، تصل صادراتها إلى 20 مليار دولار سنويًا، ويصل التداول عليها لأكثر من 100مليار دولار سنويًا، حيث بلغت فاتورة استيراد مصر لوحدها من البن ٣٨ ألف طن سنويًا، بقيمته ١٣٣ ألف دولار، بما يعادل ٢.٣ مليار جنيه سنويًا تقريبا .

أما عن صادرات البرازيل الرائدة في زراعة البن نجد أنها حققت لوحدها أرباح وصلت إلى 4.2 مليار دولار، بما يعادل 68 مليار جنيه مصري، وهذه القيمة تقترب من إرادت قناة السويس بعد التوسع، حيث بلغت إيرادات القناة العام الماضي 93 مليار جنيه، لذلك أتمنى دراسة زراعة البن، وتجارة القهوة الغير مكلفة في نظري من قبل المتخصصين لعل أن نتعلم من تلك الدول، ونزرع البن في مصر ليعوض المحاصيل التى حرمنا منها مثل القطن بسبب فساد نظام مبارك، والأرز بسبب أزمة سد النهضة، والتى محاصيل استراتيجية، وكانت تشكل عامل أساسي في إنعاش الاقتصاد المصري الأعوام الماضية .

السؤال المهم.. هل مناخ مصر مناسب لرزاعة البن؟ بالتأكيد نعم، وأستند على ذلك بتصريح للدكتورة نهاد مصطفى، أستاذ الفاكهة الاستوائية بمعهد بحوث البساتين، بوزارة الزراعة ، التى أكدت أن مناخ مصر صالح لزراعة البن، وسهل جدًا بداية الزراعة فى عدة مناطق، منها: محطات بحوث البساتين بالقناطر الخيرية، بمحافظة القليوبية، ومناطق محددة فى محافظة البحيرة، والأراضى الجديدة المستصلحة بـ توشكى ، وأن التربة المناسبة لزراعة بذور البن فى مصر، هى التربة المفككة العميقة، جيدة الصرف، وكذلك الأراضى الحمضية، والغنية بالعناصر المعدنية، وخاصة البوتاسيوم، والمواد العضوية، ومن الممكن زراعة البن أسفل شجر المانجو، وأعتقد أن مصر بها مساحات كثير لمزارع المانجو مثل محافظة الإسماعيلية، والسويس، والشرقية .

الاستمتاع بالعشق المشروع ” القهوة ” والعثور على الكنز الممنوع ” زراعة البن في مصر ” والتفكير خارج الصندوق هو الحل الوحيد للخروج من الأزمة الاقتصادية التى نعيشها، ولابد من توفير حلول بديلة قابلة للتنفيذ من أجل تحقيق التنمية السريعة، وإنتشال المواطن البسيط من القاع.

 

سامح المصري

كاتب صحفي ومدون منذ عام 2000، بداية احتراف الصحافة كانت من خلال موقع الشرقية توداي الذي اعمل به منذ عام 2011، اكتب جميع أنواع القوالب الصحفية ولكن اتميز في كتابة مقالات الرأي
زر الذهاب إلى الأعلى