تقارير و تحقيقات

سيدة عجوز تمسح الأحذية بالزقازيق لتنفق على أبنائها

الزقازيق

كتبت | هدير هشام

أمٌ قد ضاق بها الزمن وظهر لها شبح الجوع والفقر يراود ليلها دائماً طرقت جميع أبواب الرزق فكان الصمت مجيبها الوحيد فإذا بها تجد الوظيفة الأنسب والمتوافرة «ماسحة أحذية» في الزقازيق .

فمنذ الصباح الباكر تجد «أم رضا» التي تظهر عليها علامات الشيخوخة المرسومة علي وجهها البسيط ممزوجة بابتسامة لا تفارقها مرددة عبارة «الحمد لله»، فتبلغ من العمر 78عاماً تعيش في مساكن التجنيد بالزقازيق.

لم يمنعها كبرها في السن من أداء عملها الذي تعودت عليه منذ 50 عاماً، فتجلس بالقرب من أحد المقاهي من الساعة السابعة صباحاً حتى الساعة الثامنة مساءاً بمنطقة القنطرة بالزقازيق أمام صندوقها خشبي وأدوات تلميع الأحذية وقطعة من القماش الملطخة بالصبغة تمسح بها يديها وتنتظر من اعتاد على مسح حذائه عندها حتى وقت متأخر ولا يحميها من حرارة النهار وبرودة الليل إلا جلباب ترتديها .

أم رضا تحكي للشرقية توداي قصتها

الزقازيق

قالت العجوز أنها تمارس مهنة تلميع الأحذية بعد أن تزوجت وكانت الحجة المنطقية التي عبرت بها السيدة السبعانية «كان لازم اشتغل عشان أربي عيالي الخمسة» وبهذا الكلمات تتحدث عن بداية عملها في تلميع الأحذية .

واستكملت «أم رضا» بأنها بدأت في تلك المشقة بعد أن أنجبت فخرجت لمساعدة زوجها حتى يستطعوا أن يربوا أبنائهم بالمال الحلال مرددة «أنا أم لأربع بنات وولد والحمدلله جوزتهم كلهم من مسح الأحذية »دون أن تطلب مساعدة من أحد .

و أشارت أن زوجها توفى منذ 20 عاماً ولم يترك لها شيئاً فهو كان عاملاً في الصابغة ولم يملك أي شئ يتركوا لهم وبعد ذلك توفيت ابنتها الصغرى «صباح» تاركة لها طفليين صغيريين وضاق الحال أكثر من الأول إلا أنها كانت دائماً واثقة في قضاء الله .

وبنظرة تملئها حزناً شديد تقول أن من يعيش معها الأن أبناء ابنتها المتوفية فقط فأحدهما في المرحلة الإعدادية والأخر في الثانوية الفنية، وبسؤالها هل أحد منهم يساعدها في تلك المهنة قالت «أنا ميهنش عليا أقعد عيالي ولا عيال بنتي يمسحوا جزم لحد».

وعلى الرغم من كبر سنها إلا أنها مازلت تعمل في تلك المهنة الشاقة لكي تستطيع أن تربي الولدين حتى لا يشعرون بكسرة النفس عندما يمدون  يديهم لأحد.

لحظة «انكسار وانهزام» هذا ما شعرت به «أم رضا» بعد ما ربت وكبرت وعلمت وتعبت على أبنائها من أجل زواجهم الخمس فتركوها وحيدة هي وأبناء ابنتها قائلة «مابيسألوش عليا غير كل فترة وفترة لما يفتكروا أمهم» وعلى رغم من ذلك بتمنى دايماً أنهم يكونوا بخير ويفرحوا باعيالهم.

وعن الإقبال على مسح الأحذية قالت العجوز: حالياً لايوجد زبائن زى زمان بالرغم أنها تأخذ 2 جنيه أو3 جنيه فقط نظير مسح الحذاء مشيرة أنها تجمع في اليوم الواحد« 10 جنيهات وبالكتير خالص 25 جنية والناس بتستكترهم عليا».

طلب وحيد لـ أم رضا

وفي نهاية حديثها تمنت أن محافظ الشرقية يساعدها ويوفر لها كشك بدلاً من جلوسها في الشارع تحت أشعة الشمس وحرارة النهار وبرودة الليل في الشتاء، وأن يعينها الله ويطيل عمرها لتساعد أبناء بنتها المتوفية مرددة «مالهمش حد يسأل عليهم»، وأن تقوم بأداء العمرة وترى الكعبة المشرفة، نهاية كلمها «ربنا يكتبها لكل مشتاق» .

الزقازيق

زر الذهاب إلى الأعلى