رأي

عادل عصمت | يكتب : الثورة شاهداً علي تخلفنا

عادل عصمت

عندما تتوسل  «بجمل» في ايامنا هذه نظرا لدواعي السفر الطويل فأنت تتوسل بوسيلة قديمة للغاية فنحن في عصر السيارة والقطار السريع والطائرة النفاثة .
وعندما تكون الثورة هي ماتتوسل بة شعوب لتغيير سلبيات واقعها المعاش فإن ذلك يعد شاهداً علي انها تستخدم أداة من ماضي بعيد
نتذكر فيه صراع الثورة الانجليزية بين العموم واللوردات  «١٦٨٨ » ، فلاسفة الثورة الفرنسية «١٧٨٩ » عظمة الاباء المؤسسين للثورة الامريكية « ١٧٧٥ / ١٧٨٣ » .


– ستظل ( الثورة ) والثورات كأداة لازالت تعمل في دول العالم الثالث شاهداً علي تخلفنا عن الحداثة وعن التطور .
– طالما ظلت ( الثورة ) هي اسلوبنا في التغيير والتطوير والاصلاح .
– طالما استطعنا التأكيد علي رجعيتنا وتخلفنا وتخلف دولنا او قل اشباه الدول التي نعيش فيها ( حسب تعبير الرئيس السيسي )
– فالشعوب الاوربية وفي امريكا تحدث اكبر واهم التغيرات في حياتها دونما حاجه للفعل الثوري ودونما استخدام لتلك الوسيلة القديمة جدا فهي شعوب تتحرك في اطار مؤسسات راسخة بنتها لنفسها عبر سنين وعبر ارادة واعية بمعناها ومغزاها وضرورتها واهميتها وعبر سنوات عجاف وحروب اهلية وعنصرية ودينية وسياسية
– ولان الشعوب في اوربا نجحت مبكرا في اختراع « الدولة » .


واختراع مصطلح  «المواطن » الذي هو قرين مصطلح الدولة  وأولى متطلباتها ومكوناتها فلذلك لم تعاني حتي اوربا الشرقية قديما وهي  « الاكثر تخلفا » عندما قررت شعوبها التحرر من قبضة الانظمة الشيوعية الدكتاتورية المستبدة والانتقال الي الانظمة الديمقراطية المؤسساتية.


فلقد كان التحول سهلا يسيرا فالشعوب كانت في حالة شعبية اصلا ولم تتسبب تلك الانظمة المستبدة رغم ديكتاتوريتها واستبدادها في ردها وارتدادها الي انتماءاتها الاولي الي القبيلة او الاسرة او الدين او الطائفه او ……الخ . 


– ولان الشعوب في اوربا وامريكا نجحت مبكرا في بناء احزاب كبيره راسخه بتاريخها وتجربتها وانتظم المواطنون فيها حتي تحولت الي ادوات حديثه لتنظيم التغير وتنظيم الاصلاح وتهذيب الثورة  او قل ان شئت اوعيه لاجهاض الثوره كفعل مكلف يتطلب هدما كاملا وبناءا من الصفر
بإعتبار ان الثوره هي بمثابه فعل انقطاع وليس فعل استكمال واستئناف .


– ولان الشعوب الاوربية وامريكا تتحرك بمرجعية دستورية مستقرة ومتجذرة وراسخة وحاكمة علي« الجميع »  غرست ورويت بدماء شعوب ونضالات اجيال واجيال عبر قرون وخصوصا في الثورتين الانجليزية والفرنسية ومتتاليا في الامريكية .
– ولان تلك الشعوب لديها « مواطن » وليس « فرد »
فإن لديها مجتمع مدني كبير وحيوي ونشط وواع في مقابل مالدينا من مجتمع اهلي وطائفي يتحكم بحركه الجماهير ويفسدها عندما تنوي التحرك .
ولان تلك الشعوب لديها ذلك  « الكائن المدني »  العقلاني الحداثي القابل للاجتماع والتعايش والعمل في فريق والذي انتجه التعليم الاوربي الفريد ذلك المواطن الذي يدرك تماما وعلي الاقل الفروقات بين ماهو عام وماهو خاص
بين ماهو ديني وماهو وطني في مقابل «الكائن الطائفي»  لدينا بكل تشوهاته الفكرية والسلوكية الغارق حتي اذنية في انتماءاته الاولي الي العائلة والقبيلة والطائفة والدين والذي هو جاهز دائما للصراع وللعنف وللفتن وللهياج وللتدمير وللقتل وللتخوين وللتكفير .


– ولان الشعوب الاوربية وغيرها نجحت عبر الاربعة قرون الاخيرة في الاعمال الاولية للديمقراطيه من خلال البناء الاكثر حداثه 

« الدوله /المواطن / الدستور الحزب / النقابه / الجمعيه / القيم الاكثر حداثه / التقاليد الاكثر عقلانيه / الاخلاق الدستوريه » .


فإنها ضمنت لنفسها التعايش المستقر الامن وصارت حركتها استئنافيه استكماليه تطوريه متغيره في انسيابيه وهدوء وماتت الثوره هناك ودخلت الي متحف التاريخ كأيقونه قديمه نتفرج عليها ونتذكرها لكن لانستخدمها فلم تعد صالحة للاستخدام .


ماتت الثورة في الغرب وتلاشت وضمرت واختفت ولم تعد من ادوات السياسة ولم تعد من ادوات التعبير فالصندوق صار الوسيلة الفعالة والوحيدة والحاكمة للتعبير وللتغيير ولتحقيق الاحلام  والناخب المدني الحداثي صار متوفرا وموجودا والمؤسسات اصبحت راسخه بتقاليدها وقيمها .


ماتت الثورة واكلها الصدأ باتت اداة ماضويه عتيقة  كمثل من يحارب بسيف صدأ في عصر الاقمار الصناعية والكمبيوتر والقنابل والقذائف النووية والحروب الكيماوية بينما تظل الثورة لدينا شاهداً علي تخلفنا وشاهداً علي فوات تاريخي مديد نعيشة  وشاهدا اكبر علي تخلفنا كشعوب عربية وعلي استمرار وديمومة استخدامنا لادوات قديمة للتغيير والتطوير تؤكد اننا لازلنا هناك قبل العام «١٦٤٨ » العام الذي يؤرخ من خلالة لعصر الدوةه القومية .


المقال يحاول الاجابه علي سؤال اشكالي لماذا ماتت الثوره كآداة تغيير في اوربا ؟!
ولماذا هي لازالت تعمل كآداة لدينا ؟! .

 

 المقال لا يعبر بالضرورة عن رأي الشرقية توداي، فهو يعبر عن رأي صاحبه .

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى