مقالات

عادل عصمت| يكتب : علاقة القضاء الإداري بالاتفاقيات الدولية

عادل عصمت

القرار الإدارى بتعريفه المشهور هو : افصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة وفقا لأحكام القوانين واللوائح بقصد إحداث (أثر قانونى ) ( نركز علي كلمه أثر قانوني )
ومن بين ما يميز القرار الإدارى عن أعمال الإدارة الأخرى أنه يصدر بإرادة (منفردة) من جهة الإدارة ( وهنا نركز علي كلمه منفردة ( يعني السلطة التنفيذية منفردة ) ( أي دون تدخل السلطه التشريعية أصلا ).

أما الاتفاقية الدولية أو المعاهدة فهى عمل قانونى تبرمه السلطة التنفيذية مع دولة أخرى أو منظمة دولية من أشخاص القانون الدولى وما يميز إبرام المعاهدة أو الاتفاقية الدولية عن القرار الإدارى أنها عمل قانونى لا يتم بالإرادة (المنفردة ) للسلطة التنفيذية وحدها فهى تغاير فى طبيعتها القرارات الإدارية ولا تختلط بها، ناهيك عن كون أن الدستور حدد كامل الاختصاص وحصره في السلطة التشريعية وحدها ودون أي سلطة للسلطة التنفيذية ماده ١٥١ ).

ولذلك كان يجب إدراك أن المستند الذي تأسست عليه القضية وهو نص الاتفاقيه بتوقيع رئيس الحكومة يعتبر مستندا (غير منتج )
وبالتالي لايدخل في عداد القرارات الإدارية التي تنفرد بها السلطة التنفيذية والتي يترتب عليها آثارا وأوضاعا قانونية جديدة
لذلك كان يجب علي المحكمة قبول الطعن بعدم اختصاصها أصلا، فالاتفاقيات والمعاهدات الدولية ليست من أعمال السلطة التنفيذية منفردة، وتنفرد السلطة التشريعية وحدها بإنفاذه قانونا وهو مالا يخضع في رأينا لسلطة القضاء الإداري وولايته.
كما يجب إدراك أن توقيع مندوب الحكومة المصرية علي مستند اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المصرية السعودية
ليس له أي أثر قانوني يذكر ولا يترتب عليه أي حقوق للسعودية بأخذ الجزيرتين،كما لايلزم مصر أبدا بتسليم الجزيرتين.

أي أن توقيع مندوب الحكومة علي الاتفاقية لايؤسس لأي حقوق للسعودية ولا ينزع من الطرف الآخر (مصر) شيئا،
حيث أن الاختصاص هنا ينحصر في السلطة التشريعية وحدها حصريا، ولذلك يعد المستند الذي قامت عليه القضية مستندا (غير منتج ) لأي أثر، وعليه فلا يعد ذلك المستند ( الاتفاقيه ) قرارا إداريا أبدا حيث يشترط في القرار الإداري أن يترتب عليه أثر قانوني
وأن يكون صادرا عن السلطة التنفيذية منفردة، وهي صاحبة الإرادة فيه حصريا وهي تعبر فيه عن إرادتها.

وعليه فإن ولاية القضاء الاداري عليه منعدمة أصلا وكان علي القاضي أن يدرك عدم الاختصاص الولائي للمحكمة أصلا،
فالقضاء الإداري تنحصر ولايته في قرارات وأعمال السلطة التنفيذية وحدها ولا تمتد ولايته علي أعمال السلطة التشريعية
وماتصدره من قوانين وماتوافق عليه أو ترفضه من اتفاقيات أو معاهدات، وهو ماتختص به علي سبيل الحصر المحكمه الدستورية العليا التي تختص وحدها وحصريا في الحكم علي مدي دستوريه القوانين، كما تحتكر حصريا تفسير النصوص الدستورية وحدها.

ويمكن تناول الموضوع من جانب آخر بعيدا عن نفينا القاطع أن توقيع مندوب الحكومة المصرية لايعد قرارا إداريا وأنه غير منتج لأي أثر، حيث أننا نعتبر أن موضوع إعطاء مصر للجزيرتين من قبل الجانب السعودي في العام ٥٠ ١٩ نظرا لظروف الصراع العربي الإسرائيلي وقتها هو عمل من أعمال السياسة والسيادة التي لاتخضع أصلا لولاية القضاء الإداري.

واذا كان الحكم قد استند في متنه إلي المادة ٩٧ من دستور البلاد والتي تنص علي عدم تحصين أي (عمل ) أو ( قرار إداري ) من رقابة القضاء عليه وفهمها علي أنها توسع من ولاية القضاء الإداري علي جميع تصرفات السلطة التنفيذية من أعمال وقرارات إداريه وأعمال السيادة أيضا فإننا نذكر أن النص الدستوري ذكر عن القضاء بإطلاق ولم يختص القضاء الإداري بذلك، أي أن المقصود هو القضاء الإداري الذي تشمل ولايته القرارات الإدارية التي تصدر عن رئيس الجمهورية بوصفه رئيسا للسلطة التنفيذية وأعمال السياده التي تصدر عنه باعتباره رئيسا للدولة ومسؤلا عن سياستها والتي يشاركه في بعضها البرلمان وتخضع في رقابتها لقضاء المحكمة الدستورية كالاتفاقيات والمعاهدات الدولية

الآراء المنشورة تعبر عن صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الشرقية توداي.

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى