مقالاتمقالات القراء

عادل عصمت| يكتب: لماذا يفضل البعض الثورة على الدولة

13124815 662874363860280 9199109001621775808 n

• سألني صديقي : لماذا يفضل البعض «ثقافة الثورة» علي «ثقافة الدولة» ؟
• ولماذا بضاعة الثورة رائجة تمامًا في أوساطنا بينما ثقافة الدولة تعاني من الركود والكساد والاستهجان ؟
———
• قلت له : ثقافة الثورة ياصديقي شاهداً علي تخلفنا فالثورة مثلنا ياصديقي متخلفة وماضوية وأداة متخلفة وقديمة وبدائية وتاريخية لإحداث (التغيير) وانتفت تمامًا من كل أوروبا ومن كل العالم الحديث .

• مصر والمصريين ياصديقي لا يزالون يعيشون في عصور (الماقبل) قال ماذا تقصد بعصور الماقبل ؟

• قلت عصور ماقبل السياسة ، عصور ماقبل الدولة وعصور ماقبل قبل الحداثة

• المصريين لم يدخلوا بعد إلي ( الزمن الدولوي) وعصور السياسة ولم ينجحوا بعد في بناء الدولة ، دولة المؤسسات ، والقانون والمواطنة والمساواة والمواطن ولم ينجحوا في بناء أحزاب حقيقية ، بل لايدركون أهمية ذلك أصلاً وهذا عجيب ، الأدهي أنهم لايربطون بين نجاحهم في بناء أحزاب سياسية كبيرة وفاعلة ومؤسساتيه ومدارس سياسية واقتصادية كبيرة وبين تطور أحوالهم وتحسن معيشتهم ؟

• هم فقط يشتكون ، هم فقط يئنون ، هم فقط يصرخون ، لديهم قدرة كبيرة علي الهدم لكنهم لايعرفون كيف يكون البناء ؟!

• قال وماهو العصر الدولوي هذا ؟
قلت هو ذلك العصر الذي يؤمن بالتحري وبالدقة وبالدأب وبالسهر وبالتفكير وبالتفكيك وبالتدقيق وببذل المجهود المضني لإحداث تغيير ولو بسيط لكنه مستمر ومتراكم ويؤدي خطوة خطوة إلي التحسين والتطوير و يؤمن بالدراسة والبحث وبالتغيير المدروس و الرصين والصغير واليومي والتخلص النهائي والفوري من الطوبي والأوهام

• الثورة حسب صديقي المفكر “شادي فؤاد” مجرد وضعية انفجارية لإنسداد الأفق التي تفضي إلي تجاوز الأوضاع المأذومة

• والثورة غالباً مجرد يأس بالواقع وتبرما بالسياسة وأدواتها

• والثورة كالشعر ميدأنا للتخييل والتهوييم

• والثورة غالبًا ماتصطدم سريعًا بإتساع البون بين سموات الحلم ووديان الواقع ومنحنياته

• وماضي الثورة التي تعدنا بالانقطاع عنه غالباً لايمضي بل تجعلنا غارقين فيه ليل نهار ومستقبلها ( البهي) الموعود غالبًا مالا يأتي أبداً ، فالرؤية غائبة أصلاً للثوار ومعرفتهم بالقاع منعدمة وإدراكهم للحالة بائس ، وامتلاكهم للحلول الناجزة مجرد وهم كبير وخطابهم لايخلوا من إدعائيه يدعوننا إلي التوحد دائمًا بينهما هم مختلفون وفوضويون ، متمزقون ومرضي بالـ أنا وبعباده الذات وعشقها وبالإدعائية والشخصنة !!

•كذلك فالعقل المصري عقل قرووسطي قديم ، ومريض ومشوه وعاجز ومحدود وليس لديه قدره علي نزع البداهة ومفارقة التبسيط والأشكله وطرح الأسئلة وجمع المعلومات ومحاولة الإجابة عليها والتفكيكية وأعمال العقل والتخلص من الأوهام وغير دقيق وترادفي وكسول وخلاصي وخيالي ويحلم (بعلي بيه مظهر ….وهبا فوق) يفكر بأسلوب الطفرة ويفكر بمنطق الطفرة والخلاص ، ويفكر بطريقة (المصباح السحري) ( يحكه فيحضر العفريت فتطلب علي الفور فتتحقق الاحلام علي طول وفورا، إنه الميل إلي تحقيق الأحلام دون أقل مجهود والانعتاق من واقعك فورا ) وهو عقل يفكر بأسلوب ألف ليله وليله و (بساط الريح ) الذي سينقلنا سريعًا من حال إلي حال ، من النار إلي الجنة الموعودة دون أي مجهود !

• وفي النهاية الثورة مجرد (فورة) تعدك بالجنة وبالعدل وبالفراديس (جمع فردوس ) الغناء لكنها وغالبًا ماتصطدم في النهاية (بقيعان) الواقع ومنحنياته وتعقيداته ومآسيه .

•وللأسف الدراما التليفزيونية أقست ذلك العقل وساعدته علي التمادي في كسله وغذت أوهامه ، واستثمرت جهله وتملقت ذلك الجهل ورسخته ونمته .

مسلسل مثلا ٣٠ حلقة يتكلف ملايين ، ليحكي لك قصة ممرضة طببت ثري صدفة فوقع في غرامها وتزوجها وفتح لها أكبر مستشفي ، فتحولت الممرضا الفقيرة البائسة التي تخدم في البيوت فجأة إلي صاحبة مستشفي تعين وتطرد وتستغني عن كبار الأطباء وواحد وجد كنزًا وواحد وجد آثار وبعها بملايين وواحدة غنية وثرية أحبت واحد ضايع ووقعت في غرامة ورفعته إلي عنان السماء فاجأة ، وسلامة في خير ليه سلامه في خير ؟!

لأنه وقع عليه الاختيار صدفة أيضاً ليمثل دور سلطان بالأجرة ويعيش في نعيم مقيم أيامًا معدودة منتهية وهو عامل كحيان في محل «وابور جاز» ؟

• والثورة أكلافها باهظة لكنها سهلة ويسيرة هي الأخري ليس مطلوبًا منا أكثر من النزول إلي الشوارع والهتاف والتوحد .

والتحول إلي الحالة الجماهيرية التي تخرج أسؤأ مافينا من بدائية وفوضوية

• قال صديقي ومتي تحدث الثورة ؟!

• قلت عندما تحدث الفجوة وتنفصل الدولة تمام عن مقولاتها الأساسية وتنفك تمامًا عن دورها التقليدي والحصري والمعروف لها وتنشغل عن مشكلات الواقع وعذابات الناس التي يأن منها الجميع ويتعذب والتي من المفروض ان تعكف ليل نهار عليها وتحاول (حلحلتها) تمهيداً لحلها وعندما ينفصل خطاب الدولة عن الواقع الذي يعيشه الناس بينما من المفروض ان يتماهي ويتطابق خطاب الدولة مع واقع الناس ، تحدث الثورة عندما تذهب الدولة بعيدًا عنك وعن ألآمك وعذاباتك وشواغلك وعن واقعك وتتركك تعيش في قيعان قذرة سحيقة دون أدني اهتمام ، لتبني لك الأهرامات وتعدك بالخلاص وبالجنة وتصبح هي الأخري مثل الثورة تعدك بالجنة فتتحول الدولة إلي “طوبي” هي الأخري مثل الثورة فتحدث الثورة
قال وكيف نقي الدولة من الثورة ؟!
قلت هذا موضوع حوارنا القادم بإذن الله .

 

المقال لا يعبر عن الشرقية توداي بل يعبر عن فكر ورأي كاتبه .

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى