أعمدة

عباس الطرابيلي | يكتب : التطور التاريخى للحرامية

%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%B3

كل حرفة تتطور حتى اللصوصية أى الحرامية وتطورها مرتبط بتطور قيمة المال أو المطلوب سرقته وحسب الوضع الاجتماعى للسكان وما يملكون ولصوص المدينة غير لصوص القرية.

إذ كانت أكبر سرقات زمان فى الريف هى سرقة الحمير، ومنها سرقة المحاصيل وأقلها سرقة دكر البط أو الأوز.. وفى المدينة كان حرامى الغسيل هو الأشهر ثم حرامى الحلة ، أى النحاس عندما كان نحاس البيت ذا قيمة.. أما عندما اتجه الناس إلى الحلل الألومنيوم فقد توقفت أو كادت حكايات سرقة الحلل  وفى المدينة  أيضاً اشتهرت عمليات سرقة عشش الفراخ و غية الحمام ويا ويله إذا كان ديك البرابر عفياً إذ كان يصيح ويكاكى ليستيقظ أصحاب عشة الفراخ فوق السطوح

وكان لصوص الغسيل يستخدمون عيدان الغاب «البوص» بتركيب موس حلاقة على قمتها.. ثم يقطعون به حبل الغسيل.. بالذات من الدور الأول فوق الأرضى.

وتطورت «مهنة الحرامية» بظهور التكنولوجيا الجديدة مثل أجهزة التليفزيون، وعندما صار الفيديو زينة البيوت عرفنا حكايات حرامى الفيديو، كما عرفنا لصوص راديو السيارات إذ كان يسهل فكه وسرقته ثم بيعه.. إلى أن وصلنا إلى قمة السرقة بسرقة السيارة كلها!! وظهر ذلك خلال الفوضى الأمنية عقب ثورة 25 يناير وثورة 30 يونيو.. فالسيارة يسهل سرقتها.. وما عليك إلا انتظار مكالمة على المحمول تحدد لك «الفدية المطلوبة» للإفراج عن السيارة.. تماماً مثل فدية الإفراج عن المخطوط وانتشرت عمليات «تقطيع السيارات المسروقة» وبيعها قطعاً للغيار بالذات من السيارات غالية الثمن ولكن أشهر سرقات السيارات كانت رفع السيارة نفسها على قوالب من الطوب.. ثم فك الإطارات الأربعة وسرقتها.

ومن سرقة أسماك بحيرة ناصر  عند أسوان  إلى سرقة حصيلة أسماك المزارع قرب موسم الصيد.. إلى خطف الأطفال، يعنى حرامى العيال سواء سعياً لاستخدامهم كقطع غيار بشرية، أو عصابات أطفال الشوارع للتسول والسرقة.. إلى ما صاحب ارتفاع سعر الذهب والمصوغات الذهبية، ولذلك شاعت عمليات سرقة السلاسل الذهب من صدور الفتيات باستخدام الدراجات النارية. واحد يقود الموتوسيكل..وخلفه من يخطف السلسلة، وكذلك سرقة حقائب السيدات بنفس الوسيلة لتصل إلى جريمة العصر وهى سرقة المحمول، من أى شخص يتكلم فيه.. بعد أن صار ثمن المحمول بآلاف الجنيهات وهى سرقات تتم من الأطفال – وما أكثر من يحمل المحمول منهم أو من الرجال والفتيات إذ كل منا يحلو له الحديث فى المحمول ماشياً وسط الزحام.. أو راكباً سيارة والأشهر أن تترك المحمول وأنت تقود سيارتك على المقعد المجاور لك تترك زجاج الباب مفتوحاً فيخطفه الحرامى ويجرى والجدع يحتار هل يوقف السيارة ليطارد حرامى المحمول أم عوضه على الله؟!

وعن أشهر لصوص سلاسل الذهب من صدور السيدات ما حدث فى دمياط عندما نجح لص فى نزع سلسلة سميكة من صدر فتاة وهو يمنى نفسه بغنيمة عالية القيمة، بعد أن راقب الضحية فصرخت الفتاة وهى تقول له «إتنيل يا بعيد دى دهب صينى!!» فألقى اللص بالسلسلة ولا يدرى أن الفتاة الدمياطية.. خدعته!!.

ومع ظاهرة السكن فى تجمعات سكنية جيدة الحراسة والتأمين.. وانتشار ذلك فى كل «كومباوند» عرفنا أخيراً ظاهرة حرامى الكومباوند والحصيلة هنا تقيلة بحكم طبيعة سكان هذه المستوطنات السكنية الجديدة التى انتشرت فى بلادنا إذ بات الواحد يطلب الحماية.. ويدفع الكثير لنظم الحراسة الخاصة التى يوفرها كل كومباوند لسكانه ولكن آفة هذه الفيلات هى حكاية الألوميتال والزجاج الفاميه.. إذ يعتقد البعض أنها أفضل من نظام الشيش، القديم، والترابيس وغيره بينما هى غير ذلك تماماً.

ومع التطور الحديث وجدنا من يسرق الشعوب، ومن يركب الثورات بل يسرقها ليحكم ويتحكم وما عشناه أخيراً منذ عام 2011 خير مثال وكم من شعوب فى المنطقة تمت سرقتها تحت شعارات الثورة!!

وهكذا تطورت حرفة الحرامى من حرامى الحلة وحرامى الغسيل..وحرامى الحمام والفراخ.. وحرامى الحمير.. إلى أن عرفنا حرامى الفيديو وراديو السيارة والتليفزيون ولكن الأخطر الآن.. حرامى الشعوب.

وإذا كان حرامى الحمير ينال جزاءه بالضرب والتجريس.. فإن حرامى الغسيل ينتظر الحصيلة ولو كانت مجرد قميص أو بنطلون.

إيه رأيكم الآن فى هذا التطور التاريخى لحرفة الحرامية.. منذ عرفنا النشالين الذين يمزقون الجيوب ويسلبون الناس «محافظهم الجلدية» أو النشالين الذين ينطلقون كل عام إلى الحجاز ليسرقوا حجاج بيت الله الحرام.. حتى فى بيوت الله لا يتورع الحرامى بل منهم من يسرق أحذية المصلين وحتى الزعيم مصطفى النحاس نفسه لم يسلم من لصوص الجوامع!!.

 

المصدر 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى