مقالاتمقالات القراء

عبدالغني الحايس | يكتب: ملحمة السويس في 24 أكتوبر

 

الحايس 2
يا بيوت السويس يا بيوت مدينى استشهدك تحتك وتعيشى إنتى، إنها محافظة السويس أرض الأبطال البواسل بلد المقاومة الشعبية بلد حافظ سلامة ومصطفى ابوهاشم وأحمد أبوهاشم ومحمود عواد ومحمود طه وأحمد عطيفى وعلى سباق وغريب محمود وعبدالمنعم خالد وابراهيم سليمان وعبدالمنعم قناوى وأشرف عبدالدايم والكابتن غزالى و حمام بلد الأبطال الذين خاضوا مع كثيرين لا نستطيع حصرهم المقاومة ضد الإحتلال عقب هزيمة 1967.

وبادروا بالتطوع لإسعاف ونقل الجرحى وتطورت مهماتهم إلى زرع الألغام والقيام بعمليات فدائية متواصلة كان العدو يدفع ثمنها غالياً من خسائر بشرية ومعدات وكذلك قيامهم بعمليات الاستطلاع وجمع المعلومات لتستفيد منها القيادة العسكرية للجيش المصرى فى خططتها وتحركاتها .

حتى تم إنشاء منظمة سيناء العربية لتضم كل المتطوعين من مدن القناة وسيناء لمواجهه العدو الصهيونى .وكان هؤلاء الأبطال فى مدن القناة متعطشون للمشاركة فى المهام المقدسة لاستراد الأرض وضربوا أروع الأمثلة فى البطولة والفداء والتضحية ولنا ان نفخر بأن كل فرد فيهم هو قصة بطولة منفردة .

وقد أن تدربوا على أيدى ضباط القوات المسلحة على إستخدام الأسلحة واستمروا في عملياتهم خلف خطوط العدو حتى كان وقف إطلاق النار حسب مبادرة روجرز 1970 لكنهم استمروا فى التدريب حتى تاتى اللحظة المناسبة للإنقضاض على العدو لاستعادة الأرض.

وكانت اللحظة الحاسمة التى انتظرها المصريين جميعا شعبا وجيش وهى عبور قواتنا المسلحة فى 6 من اكتوبر 1973 وخوض حرب الكرامة والثأر وانتصار الجيش المصرى وعبور خط بارليف المنيع ودك الحصون المنيعة وانكسار العدو المتغطرس .

ولكننا هنا نتحدث عن صمود شعب السويس ومعركتة الفريدة يوم 24 أكتوبر وهو اليوم الذى اتخذته السويس عيدا قوميا لها ليظل يشهد بطولة أهل السويس جميعا والذين قرروا عدم ترك مدينتهم فريسة للاحتلال الصهيوني وبذلوا الدم والروح للدفاع عنها والدفاع عن الكرامة المصرية وكما قال السادات أن السويس فى 24 أكتوبر لم تدافع فقط عن السويس إنما عن مصر كلها .

وبداية تلك المعركة كانت عندما اضطر الجيش المصرى الى تطوير هجومة جهة الشرق لتخفيف الضغط على الجيش السورى والذى فقد الجولان بعد ان كان حقق مكاسب على الأرض فاستغل اليهود عدم وجود احتياطيات كافية فى الجيش المصرى وبعد أن اكتشفت طائرة استطلاع امريكية وجود ثغرة بين الجيش الثانى والثالث حتى تمكنوا من العبور وفصل بين جيشينا وكانت الثغرة محل خلاف سياسى وعسكرى بين الرئيس السادات والفريق الشاذلى ولكن الرئيس رفض الانصياع لتقديرات الشاذلى فتقدم العدو ودخل الى الأدبية حتى وصولاً إلى طريق القاهرة السويس ، وكان هدفهم الأسمى احتلال مدينة السويس وزعزة الانتصار المصرى .

فتم حصار المدينة من جميع الجهات وظل الطيران والمدفعية يضرب بدون هوادة ولكن رجال المقاومة بقيادة الشيخ حافظ سلامة الذى ظل ينادى فى الميكرفون حى على الجهاد حتى تجمع الأبطال البواسل من منظمة سيناء العربية وبعض المدنيين مع رجال الشرطة بالمدينة ليضعوا الخطة لمواجة العدو وهم يعلمون أن المدينة ليس بها قوات نظامية من الجيش .

وقد صدر قرار مجلس الأمن رقم 338 وقتها يوم 22 اكتوبر بوقف إطلاق النار ولكن العدو الإسرائيلى لم يحترم القرار وواصل انتهازيتة ومجونة حتى صدر قرار ثاني من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار ابتداءً من صباح 24 أكتوبر .
ولكن الفدائين مع رجال الشرطة كانوا يعرفون برغبة العدو فى دخول المدينة لزعزة الانتصار .

فوضعوا خطتهم واقاموا الكمائن فى المثلث والجناين والزيتية وعند كوبرى الهويس وميدان الأربعين والمحافظة وبعض الأماكن الأخرى وكانت الخطة تتطلب أن يدخل العدو المدينة حتى يطمئن لعدم وجود مقاومة وبدت لهم السويس كمدينة اشباح وهنا خرج الاسرائليون من مدرعاتهم وألياتهم العسكرية بعد أن اطمئنوا، وكانت لحظة الانقضاض فى وقت واحد على قوات العدو لتنطلق صرخاتهم ويفروا مرعوبين مذعورين وتم قتل الكثير منهم وتركوا دباباتهم وألياتهم وأسلحتهم وتحركت الكمائن لتضيق عليهم الخناق وعند حلول ليل 24 اكتوبر كانت قوات العدو قد انسحبت تماما خارج السويس بعد ان تركت قتلاها وألياتها العسكرية والتى قام الفدائيين باحراقها خشية عودة الجنود للحصول عليها مرة أخرى .

ولذلك يعد يوم 24 اكتوبر ملحمة شعبية قادها أهالى السويس للدفاع عن مدينتهم بل عن مصر كلها ومع تقهقر العدو وفشلة فى الاستيلاء على السويس والاسماعيلية قام بمحاصرة المدينة وارتكبوا كثير من الحماقات كعدو بربرى همجى يخرب ويقطع الأشجار ويطرد المزارعين من منازلهم بعد الاستيلاء على محاصيلهم ومواشيهم ويمارس ضدهم التهديد والتعذيب وواصل تخريبة فى القرى بالقطاع الريفى حتى نفذت المواد التموينة واضطر الأهالى الى ترك اماكن معيشتهم هربا من البطش والطغيان وبربرية العدو الإسرائيلى وظل الحصار 101 يوم حتى انتهى في شهر فبراير 1974 بناءا على اتفاقية فصل القوات و تطبيقاً لقرار مجلس الأمن وانسحب القوات الإسرائيلية بعد أن تركت خرابا ورائها وبعد ان تيقنت من أن الشعب المصرى لن يتركهم وستكون نهايتهم في تلك المنطقة بعد أن قطعت كل خطوط الأمداد عليهم ليقرروا دفنهم في أماكن تمركزهم فكان قرار الإنسحاب .

وهكذا انتصرت السويس وانتصرت المقاومة الشعبية واصبحت السويس مقبرة العدو الصهيوني وبعد أن كبدتهم أكبر خسائرهم البشرية وفي المعدات في معارك حرب أكتوبر .

وسيبقى 24 أكتوبر يوم مجيد ومشرف لكل مصر ولكل السوايسة على وجة الخصوص .وسيتمر الأجيال تردد بشجاعة وبسالة أبائهم واجدادهم فى معركة فاصلة فى عمر مصر كلها بعد أن ضربوا أروع الأمثلة في التضحية والفداء ودافعوا ببسالة مع رجال الشرطة والمدنيين وبعض من القوات المسلحة عن المدينة فحقا هى المدينة الباسلة .

إنها مدينتى مدينة السويس الباسلة ، فكل عام وكل أهالى السويس ومصر بخير وان شاء الله سنكمل بناء جمهوريتنا الجديدة بالكد والجهد والعرق فالشعب الذى انتصر في ظروف صعبة سيبنى وطنه ويتخطى كل الصعاب.

أحمد الدويري

كاتب صحفي منذ عام 2011 ، أكتب جميع أنواع قوالب الصحافة، تعلمت الكتابة بشكل جيد جدًا من خلال موقع الشرقية توداي الذي انضممت له منذ عام 2012 وحتى الآن
زر الذهاب إلى الأعلى