مقالات

عبد الغني الحايس| يكتب: جمهورية التحرير

عبد-الغني-الحايث

الثورة فى أى زمان ومكان تستهدف  تغيير الواقع .وميلاد الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية .وذلك لن يتأتى الا بنظام ديمقراطى راسخ يستوجب علية قيام مجتمع مدنى قائم على أسس سليمة راسخة وقوية،وأحزاب قوية ذات ظهير شعبى مؤمن بأفكارها ويعتنق ايدلوجيتها . ومعارضة تلقى الدعم من النظام الحاكم ويستمع الى رأيها والغلبة للأغلبية طبقا لقواعد الديمقراطية، وبرلمان قوى يعبر عن جموع المواطنيين يحمى حقوقهم ويحترم الدستور والقانون ويأتى نوابه باختيار حر شريف، ومؤسسات دولة قوية قادرة على إدارة الأمور على أسس سليمة هدفها خلق حياة كريمة ورعاية مواطنيها .الكل سواء بسواء لا مكان للمحسوبية فى جنباتها والكفائة هى المعيار لتولى زمام الأمور فى ربوع دولتنا، ورئيس يخلص لقسمة ويكون ولائة لوطنة ورعاية مواطنية .وأن يحترم القانون والدستور .ويتحلى بكريم الخصائل وفضائلها وذو علم وحكمة لادارة شئون البلاد، وشعب يعرف حقوقة وواجباتة وأن يكون الوطن هو انتمائة وغايتة ولا يخلق هالة على حاكمة مهما كان ويكون مؤمن بقواعد الديمقراطية .

كل ذلك كان حلما يعشعش فى راسى منذ أن كنت قابع هناك فى قريتنا الصغيره .كنت أسأل نفسى دائما سؤال لا اجد اجابة عنه .هل يعلم الرئيس والحكومة ان هنا يقبع الألاف من المواطنيين فى قرية ليس بها اى خدمات لا كهرباء ولا صرف صحى ولا مكتبة ولا يحظى فلاحيها برعاية اجتماعية ولا صحية تليق بما يقدمونة من تضحيات  فى خدمة وطنهم .

كنت احلم بالمدينة الفاضلة وكان ولائى وانتمائى لقريتى كبير .كنت احلم وقد تغيرت من حال الى حال واصبح بها مستشفيات وطرق ممهدة وصرف صحى ومدارس ومكتبه عامة ومركز شباب .وهناك رعاية واحتواء لطاقات شبابها واكتشاف لبراعمها ليكتمل بهم المجتمع الكبير والاهتمام بشهدائها الأحياء من فلاحين يبذلون الجهد والعرق فى صبر ورضا .

كنت احلم بالثورة كحلمى بالمدينة الفاضلة .ولكنى كنت مؤمن بان يأتى يوما ويظهر فى الأفق نور . ومهما طال ذلك الاستبداد وتنامى الظلم وادرك الحاكم فى عليائة انه محصن فى بروج مشيدة تحمية زبانيتة وجلادية سيأتى يوما ويقف وحيدا ليلقى عقابة وينال مصيرة المحتوم.

وعندما قامت الثورة فى تونس امتلأت بالأمل ان النور قادم .ولكن جهل الطغاه  كان قابع على صدورهم فقالوا مصر ليست تونس وتمادوا فى غيهم .وكانهم لم يقرئوا التاريخ ولم يعرفوا نهاية الطغاة عبر العصور كيف كانت نهاية شاوشيسكو وهتلر وموسيلينى والقذافى من بعد وغيرهم كثر. حتى كان يوم الحسم .

يوم كنت استعد له منذ طفولتى .جاء بعد سنين طويلة ولكنة جاء .اندفعت وسط الجموع غير عابىء برصاص ولا خرطوش استنشق الغاز المسيل للدموع .اندفع وصراخى يتقدم على خطواتى وانا اصب جام غضبى على نظام باكملة .انتزع منه حريتى واكسر حاجز الخوف من جلادية وزبانيتة غير مبالى بدمائى التى تنزف كل ما يهمنى ان انزع اقنعته وسطوتة .

كنت انظر الى الحشود وابكى مصر قد عادت مصر لنا جميعا هؤلاء من يقبعون فى ميدان التحرير وكل ميادين مصر الان ويعلون بهتافهم عيش .حرية .كرامة انسانية مصريون احرار شرفاء .

اليوم يكتب المصريون بدماء شهدائهم ومصابيهم تاريخا جديدا ابهر العالم اجمع .بسلمية المصريين الذين خرجوا بصدورهم العارية ضد عصابة من الفسدة والطغاة غير مبالين بالرصاص والموت .

كتب للثورة النجاح لم ننم ليلتها وقت ان تنحى رأس الطغاة وعدت الى احلامى مرة اخرى اتذكر 18 يوما عشتها فى ميدان التحرير وسط اروع شعب صنع حريتة بقوتة وتضافرة .منتظرا نتائج الثورة المجيدة ويسيطر على حلم المدينة الفاضلة واقول لنفسى قوة المصريين الحقيقة كانت فى اتحادهم وايمانهم بهدف واحد وتجمعهم تحت شعار واحد .ولكن انفض الجمع وتفرق الى اشلاء متناحرة لم نتعلم الدرس ولم نستفيد من جمهوريتنا الفاضلة فى ميدان التحرير ان نبنى دولة قوية فى كل المناحى .ان نضع دستور يليق بثورة عظيمة وان يكون لدينا برلمان قوى وان يكون لدينا مؤسسات متماسكة قوية وان يكون لدينا رئيس يجمع المصريين تحت راية الوطن وان يخضع الجميع للدستور والقانون .وان تبدأ مرحلة البناء بعد عقود طويلة من الفساد .

وان يعلم المصريين مواطن الخلل والضعف فى الجسد المصرى وان يسعى الجميع جاهدا لعلاج امراضنا من سوء فى التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية وان نستعيد دورنا الاقليمى وريادتنا العربية والافريقية ومكانتنا الدولية بين دول العالم .

مازلت احلم بالقضاء على الفساد والمحسوبية وبلادنا قوية وكل مشاكلنا التى كنا نعانى منها اصبحت من الماضى بعد ان طورنا انفسنا الى خلق جمهوريتنا الجديدة .

للأسف مازال عليا ان احلم بعودة جمهورية التحرير ومدينتى الفاضلة وان اتذكر دماء الشهداء وبسالتهم. وعلى الجميع ان يعرف ان التاريخ قد بدأ مسيرتة الجديدة من ميدان التحرير نحو الديمقراطية والعيش والحرية والكرامة الانسانية وحتما سيحدث مهما تكالبوا وتغالبوا علينا

عيش .حرية .كرامة انسانية

 

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى