مقالات

عبد الله اسماعيل يكتب | طلع الداعية اللى جواك

عبد الله اسماعيل

 

جرت بي العادة أن أرصع مقالاتي بالجزيل من المعاني و البديع من الكلمات ذات الزخرف اللفظي بما يوائم القارئ ذا التعليم المتوسط ، و أن أقترب إلى السطح بتبسيط كل عمق فكري ربما أصل و يصل إليه الكثيرون غيري ممن يمسكون بالأقلام ، و ألا أتخلى أبدا في كتابتي عن اللغة العربية الفصحى ، فما لم تقتض الحاجة إلى الكتابة بغير الفصحى لا يحق لمن يعرف كيف يعبر عن رأيه بكلمات عربية فصيحة أن يتركها إلى غيرها من كتابة عامية أو دارجة ، وذلك لأسباب جمة تمس بعضها الثقافة العربية التي تُحارَب و أبتلي أبناؤها بفقدان هويتهم اللغوية و نسيان الإنتماء إلى كيان إقليمي عريض من المحيط إلى الخليج متمثلا في الأمة العربية.

ولأكون صادقا هذه المرة ، فربما هي المرة الأولى التي أختار عنوان مقالتي قبل كتابتها ، فالأصح أن يتم اختيار العنوان في نهاية المقالة ليكون شاملا لكل أفكارها ، و كذلك هي المرة الأولى التي أعقد النية على كتابتها بالعامية الدارجة ، وذلك لأكون أسرع وصولا لفهم القارئ العادي الذي أستسمحه أن أكمل باقي كلماتي بالعامية المحكية .

من بعد الثورة و الدعوة الإسلامية متعطلة و الدعاة من شيوخ و علماء أفاضل متعطلين ، ممكن يكون السبب أنهم صدقوا شعارات الإخوان المسلمين اللي إتشعبطت في شمولية الإسلام ، ومعنى شمولية الإسلام أن ديننا شامل يوجه الفرد في كل شئون حياته من صحيانه و أكله و شربه و حتى دخول الحمام و الطلوع منه و خروجه من البيت و رجوعه له وركوب العربية هي دي شمولية الإسلام لحياة الفرد .

و كمان شمولية للاسلام في حياة المجتمع تقتضي حفظ النفس و المال و العرض و إقامة الحدود و تطبيق الشريعة اللي هي عبارة عن قوانين إلهية تردع المجرم و تحفظ على المجتمع أمنه و أمانه ، فلما الإخوان قالوا أنهم مع شمولية الإسلام طبيعي الدعاة صدقوهم و فرحوا إن الشريعة هتوصل لأعلى مراتب الحكم ، مع إقرارهم بإن أمور السياسة متروكة للناس ينظموها بنفسهم بمعنى لا اتباع منهجية الإسلام السياسي إيمان و لا إتباع أيديولوجيات سياسية مستحدثة كفر .

المهم إن كتير من الدعاة إتجمعوا حوالين الإخوان و صدقوا وعودهم بتطبيق الشريعة ، طبعا الإخوان لم يجرأوا أن يقولوا عندهم مشروع خلافة لأن الخلافة دي بتجمع الناس و تصفهم تحت راية واحدة ، و الاخوان أصلا يطفشوا بلد وينفروا الخلق منهم و الدليل شوف وقعوا همه و السلفيين في بعض ازاي؟

ومن اللحظة اللي أقحم فيها بعض الدعاة أنفسهم في السياسة أصبح لا حصانة على رأيه و بعد ما كان يؤخذ منه و يرد عليه بالدليل الشرعي أصبح يرد عليه من طوب الأرض بأبشع الشتايم.

و لأن الدعاة الآن إتاخذوا كلهم بذنب البعض منهم اللي أقحم نفسه في السياسة باعتراف عدد كبير منهم الدعوة تراجعت سنين طويلة للوراء و ناس كتير كانت بتختلف في السياسة مع بعضها اختلفت مع علماءنا و مشايخنا اللي انضحك عليهم من الاخوان للأسف .

ولأن الدين بتاعنا ما فيهوش كهنوت و اللي بيتعلم فيه شيء بياخذ ثواب نقله و تعليمه لغيره من الناس و حتى لو كان اللي اتعلمه ناقصه أدبيات اللغة المهمة في الدعوة و العلم الشرعي الراسخ ، ممكن على قد ما يقدر و يعلم ينصح و يدعي دايرة الناس اللي حواليه متمثلين في أسرته و أصدقاءه و زملاته في الشغل و يفكرهم بربنا و يرقق قلوبهم و يركز على النقطة دي بالذات ، و ما يربطش عبادة الناس لربنا بالعطاء و الفضل ، لأن الرزق حاجة و عبادة الله حاجة تانية ، ربنا قال في كتابه العزيز”كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا .

الدنيا صعبة على ناس كتير أوي اليومين دول و الماديات طغت على حياتهم ، و الصبر من أهم مفاتيح الفرج ، شوف ايه اللي تعرفه في الدين يرقق قلبك أولا و يزيل غشاوة حب الدنيا من عليه ، وقتها كل كلمة هتقولها أو تكتبها لازم هتكون طالعة من قلبك و بسهولة ممكن توصل لقلوب الناس ، لازم ترق و ترقق قلوب اللي حواليك من ناحية الله عز وجل ، هي دي وظيفة الدعوة في الإسلام ، تفكرني بمقولة لوالدي رحمة الله عليه (وظيفة الدعوة في الإسلام هي ترقيق قلوب المسلمين إلى الله تعالى و تذكيرهم به ، و ليست إراقة دماء المسلمين بإسم الدعوة إلى الله .

 

الآراء المنشورة تعبر عن صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأى الشرقية توداى 

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى