أعمدة

عماد الدين حسين | يكتب : أردوغان يخنق جولن

أردوغان يخنق جولن

كيف ومتى بدأ الصراع بين حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا وزعيمه رجب طيب أردوغان الذى صار رئيسًا للبلاد، وبين حركة «الخدمة» وزعيمها فتح الله جولن المقيم فى بنسلفانيا فى الولايات المتحدة منذ 1999؟.
قبل الإجابة نقول إن الجميع يعرف الآن تقريبًا أردوغان، لكن لا يعرفون جولن بنفس القدر.
جولن هو مفكر وداعية إسلامى، ولد فى محافظة أرضروم التركية عام 1941، ونشأ فى أسرة متدينة، حيث كان والده رامز أفندى شخصًا مشهودًا لـه بالعلم والدين، وكذلك والدته. بدأ عمله الدعوى فى مدينة أزمير فى جامع «كستانة بازارى» فى مدرسة تحفيظ القرآن التابعة للجامع، ثم عمل واعظًا متجولًا، فطاف فى جميع أنحاء غربى الأناضول، وله عشرات من الكتب والمؤلفات فى الدين الإسلامى وعلاقته بالحياة، وترجمت إلى لغات عدة، وصار له مريدون كثيرون ليس فقط فى تركيا بل فى أنحاء كثيرة بالعالم لأن مدارسه تنتشر من آسيا الوسطى شرقًا إلى المغرب وأوغندا غربًا مرورًا بأوروبا وأمريكا.
الصراع بين أردوغان وجولن بدأ قبل حوالى خمس سنوات حين اتهمت الحكومة الجماعة بإعلان الحرب عليها عبر تسريب أشرطة تنصت غير مشروعة وأنها أصبحت كيانًا موازيًا تغلغل داخل أجهزة القضاء والشرطة، ما مكنها من القيام بعمليات تنصت غير مشروعة و«فبركة» تسجيلات صوتية تكشف عن فساد أهل الحكم فى تركيا.
وكما هو معروف فقد شن أردوغان حملة كبيرة على الجماعة التى كان تحالفه معها سببًا فى وصوله للسلطة قبل حوالى 14 عامًا، وقام بعزل عدد كبير من ضباط الجيش والشرطة والقضاة على أساس انتمائهم للجماعة، كما لم يسلم المدنيون من ذلك الأمر، وصارت مهاجمة الجماعة أمرًا روتينيًا متكررًا فى تصريحات أردوعان وأنصاره.
يعتقد البعض أن استدعاء المدعى العام، صدر الدين صاريقايا، فى فبراير 2012، لرئيس الاستخبارات هاكان فيدان، للإدلاء بأقواله بصفته مشتبهًا به فى قضية اللقاءات مع قادة حزب العمال الكردستانى، أدى لأزمة مفاجئة بين الطرفين، حيث رأى أردوغان، أن هذه الخطوة تستهدفه مباشرة، وقامت الحكومة بتمرير قانون من البرلمان يشترط موافقة رئيس الوزراء قبل استدعاء رجال الاستخبارات.
الجماعة شعرت وقتها بخطر انقلاب «أردوغان» عليها، خصوصًا بعد تأميم التعليم وإنهاء «استقلالية» المدارس الخاصة، التى كانت تمثل بالنسبة للجماعة «رئة» للنفوذ والحركة، فزاد الكتاب المنتمون إلى الجماعة من لهجتهم فى انتقاد الحكومة، متهمين أردوغان بـ«السلطوية» و«الديكتاتورية».
كما هاجم جولن، سياسة «العدالة والتنمية»، قائلاً «إنه وعد بدفع مسيرة الديمقراطية إلى الأمام، وبناء دولة القانون حين أتى أول مرة إلى الحكم، إلا أنه بعد الانتخابات البرلمانية سنة 2011 غير مجرى سيره نحو إقامة «دولة الرجل الواحد».
واعتبر جولن انقلاب أردوغان على حركته «أسوأ عشرات المرات» مما واجهته الحركة بعد الانقلابات التى قام بها الجيش العلمانى. هذه الحرب الضروس أدت إلى قيام السلطات التركية بما يشبه خنق الحركة وزعيمها خصوصًا إغلاق بعض مدارس الحركة، وتضييق الخناق على الأنشطة التجارية التابعة للحركة. غير أن كولن من جهته ينفى دائمًا الاتهامات التى وجهت إليه وإلى حركته، واتهم ــ بالمقابل ــ خصومه فى حزب العدالة والتنمية بتضليل الناس، واصفًا تلك الاتهامات بأنها «افتراءات» لا أصل لها.
الآن وصل الرفيقان إلى القطيعة والحرب، وأردوغان لم يعد حتى يذكر اسمه بل يسميه الشخص وهو ما فعله حينما طلب رسميًا من أمريكا أن تسلمه إياه بدعوى أنه من خطط للانقلاب الأخير.
السؤال: هل انتهى الأمر وحسمت المعركة بحملة الاعتقالات والمطاردة وإنهاء عمل الآلاف من أنصار جولن؟
لا أحد يعلم الغيب إلا الله لكن المراقبين يعتقدون أن الأتراك ومن ينشغلون بأمرهم سوف يشاهدون المزيد من هذه الدراما الممتلئة بالتشويق والإثارة.
المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى