مقالات

عماد الدين حسين| يكتب : الخاسرون من إسكات إبراهيم عيسى

%D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%AF %D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86 %D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86
خلال المؤتمر الوطنى الأول للشباب فى«شرم الشيخ» أواخر شهر أكتوبر الماضى، كتبت أكثر من مقال فى هذا المكان أشيد فيه بالمؤتمر ومن نظمه ووقف وراءه، وذكرت من بين أسباب ذلك مشاركة الإعلامى الكبير «إبراهيم عيسى» فى ندوة شديدة الأهمية عن الإعلام والحريات، وكذلك مشاركة الدكتور اسامة الغزالى حرب واخرين فى ندوات مختلفة اهم ما ميزها وجود اكثر من صوت بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى مستمعا ومتداخلا فى بعض الأحيان.
يومها قلت إن تلك بدايات انفراجة خصوصًا أنها تزامنت مع الإعلان عن تشكيل لجنة للإفراج عن بعض المسجونين ولجنة أخرى لمراجعة قانون التظاهر.
اليوم وبعد وقف برنامج «مع إبراهيم عيسى» على قناة القاهرة والناس مساء الأحد الماضى، فإن الخاسر الأكبر ليس«إبراهيم عيسى » أو القناة كما يظن كثيرون، بل أطراف كثيرة فى مقدمتها «الحكومة» وسمعة الإعلام ومناخ الحريات والأمل والثقة فى المستقبل.
سيقول البعض ومن هو «إبراهيم عيسى» حتى تقول إن الحكومة ستخسر بسبب وقف برنامجه؟.
هو إعلامى كبير ومتميز،صاحب تجارب إعلامية متعددة ومتميزة أهمها تجربة جريدة الدستور، ثم اللون والاسلوب الخاص به فى برامجه التليفزيونية المتعددة.
هو أديب وروائى ومثقف من طراز رفيع، وقارئ جيد للتاريخ الإسلامى ومهموم بالكثير من الهوايات والمشاغل من اول تشجيع الزمالك إلى مستقبل الامة العربية.
أعرف عيسى منذ كنا زملاء فى كلية الإعلام بجامعة القاهرة قسم الصحافة اوائل الثمانينات، وأقمنا معا فى المدينة الجامعية، ولم تنقطع صلتى به منذ هذا الوقت، حتى مقابلتى له مساء أمس الأول الاثنين فى حفل المطربة انغام بدار الاوبرا.
هل معنى ذلك أنه بلا أخطاء أو أن كل ما يقوله هو الصواب؟!
الإجابة هى قطعًا لا، هو صاحب رأى، وما يقوله هو ما يؤمن به، وبالتالى فهو أمر نسبى، قد اتفق معه اليوم وقد اختلف معه غدًا، والرجل لم يزعم إطلاقًا أنه يحتكر الحقيقة، دعم 30 يونيو بقوة ثم اختلف مع بعض مساراتها بقوة أيضًا، والفيصل فى الحكم على ما يقوله للقارئ أو المشاهد أو المستمع.
تحدثت معه أكثر من مرة خلال الأسبوعين الماضيين، وأنكر الرجل كل ما هو منسوب إليه بأنه أهان البرلمان أو أعضاءه أو رئيسه، وقال إن على من يشكك فى كلامه العودة للحلقات المتاحة على يوتيوب.
أخبرنى أيضا أنه لم يقل إطلاقًا على النواب إنهم نصابين أو أفاقين أو كذابين، فهو دارس جيد للتشريعات الاعلامية بحكم «الطبول التى دقت فوق رأسه مرارا وتكرارا»، لكن الذى حدث أنه اختلف سياسيا وبوضوح على طريقة عمل البرلمان، وهذا حقه الطبيعى كأى مواطن أو إعلامى مصرى.
قد يكون «عيسى» أخطأ فى هذه الحلقة أو ذاك المقال، لكن الخطأ كان ينبغى أن يتم مواجهته ببرنامج اخر أو مقال لكاتب آخر.
فى مثل هذه المواقف فإن الحجة بالحجة والرأى بالرأى، وعندما يحدث خلاف فهناك القضاء حكما فيصلا.
وقف برنامج «عيسى» قد يريح البعض قليلا لكنه لن ينهى الأمر، والسبب أننا جربنا هذه الطريقة قبل ذلك مع أكثر من شخص ولم تنجح. الفضاء الإلكترونى والفضائيات خارج الحدود قللت إلى حد كبير من قدرة الحكومات على التحكم فى حريات الرأى والتعبير، وحتى إذا نجحت فإنها تضع بذرة للغضب المكتوم والقهر الذى قد يتحول لاحقا إلى بركان هادر يعصف بكل شىء.
مرة أخرى «إبراهيم عيسى» ليس قديسا، هو بشر يصيب ويخطئ، واختلف معه فى بعض المرات على طريقة المعالجة، لكن لا يكون ذلك سببا فى قبول ما حدث مع هذا الإعلامى الكبير.
الأخطر أن هناك مناخا يوحى بأن كل البشارات التى تكلمنا عنها أثناء مؤتمر الشباب فى شرم الشيخ تواجه «شبورة» هائلة تحجب الكثير من الرؤية، التى قد تؤدى إلى مزيد من الكوارث والاصطدامات ما يؤدى إلى ضحايا كثيرين.
أتمنى أن تستوعب الحكومة وكل من يهمه الأمر خطورة إغلاق العديد من البرامج ذات الأصوات المختلفة، لأن ذلك هو جوهر ما يتمناه الإرهابيون والمتطرفون.
افتحوا النوافذ حتى تدخل الشمس وتطهر الجو من الفيروسات والميكروبات.
المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى