أعمدة

عماد الدين حسين | يكتب : السائحون الروس يعودون بعد البريطانيين

عماد الدين حسين

ظهر الأربعاء الماضى جاءتنى رسالة على الهاتف من خدمة الرسائل التى تبعثها الصحف والمواقع الإلكترونية المختلفة تقول «وزير الخارجية الروسى: اتفقنا مع مصر على استئناف الرحلات الجوية».

شعرت بفرح كبير عندما قرأت الرسالة، وقلت فى سرى الحمد لله، أخيرا خبر جيد وسط كل هذه الأخبار المحبطة فى جميع المجالات، وأخيرا سوف يبدأ السياح فى التدفق ومعهم العملات الأجنبية خاصة الدولار، ويعود العمال والموظفون إلى فنادقهم ومنتجاتهم فى شرم الشيخ والغردقة.

لكن للأسف كل هذا الفرح تبخر حينما قرأت تفاصيل الخبر، التى كانت عبارة عن كلام دبلوماسى منمق لوزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف خلال اجتماعه فى موسكو مع وزير خارجيتنا سامح شكرى. لافروف قال إن السياحة الروسية ستعود لمصر فى أقرب وقت ممكن بشرط توفير أعلى معايير الأمن والأمان للمواطنين الروس.

إذا كلام لافروف مطاطا جدا ولا يحدد موعدا محددا لعودة السائحين الذين تم سحبهم فجأة بعد تحطم طائرة الركاب الروسية فوق سيناء فى نهاية شهر أكتوبر الماضى، ومقتل كل ركابها وطاقمها وعددهم ٢٢٤ شخصا فى حادث تقول موسكو ومعها لندن انه نتيجة عمل إرهابى عبر زرع قنبلة أو عبوة ناسفة فى مخزن الحقائب بالطائرة.

عندما غادر السائحون الروس فى أوائل نوفمبر الماضى، ألمحت موسكو إلى ان ذلك سوف يستمر حتى مارس الحالى، وقتها رأى معظم المصريين ان ذلك عقاب صارم ومؤلم للاقتصاد المصرى. والآن فإن غياب السياحة الروسية قد يستمر لشهور أخرى قد تصل إلى الخريف المقبل طبقا لبعض المؤشرات.

الروس لم يبادروا بالخروج من مصر إلا عقب قرار بريطانى بسحب سائحيهم وعدم إقلاع وهبوط طائراتهم فى شرم الشيخ، وتزامنت هذه الخطوة المفاجئة مع زيارة كان يقوم بها الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى العاصمة لندن فى ٤ نوفمبر الماضى.

طبقا لمصدر أثق فى اطلاعه فإن الروس يختبئون خلف البريطانيين فى هذا الملف، ولن يعود سائحوهم إلا بعد أن تعلن بريطانيا عودة سائحيها.

قبل أيام كان لافتا للنظر إعلان شركة السياحة البريطانية الكبيرة توماس كوك تمديد إلغاء الزيارات إلى شرم الشيخ حتى ٣١ أكتوفر المقبل، وهو ما يعنى أن الغياب سوف يستمر لعام كامل. المصدر الذى قابلته أخيرا يقول إن الاشتراطات التى طلبها الأجانب خاصة البريطانيين والروس لم تتحقق على أرض الواقع، طبقا لوجهة نظرهم.

قبل أيام نشرت فى هذا المكان مقالا بعنوان «عودة السياحة تتعثر» وأشرت فيه إلى كلام مسئول مهم قال لى «إنهم يشعرون بأن بعض الدول «تتلكك» فى هذا الملف، وتضغط فى الملف السياحى كى تحصل على شروط فى الملف السياسى».

القضية باختصار هى أن نتأكد نحن المصريين من أننا أدينا ما علينا من واجبات، ووفرنا للسائحين الحد الأقصى من إجراءات الأمن والسلامة. قد يكونون «يتلككون»، ويحاولون الحصول على أثمان فى ملفات مختلفة مقابل إعادة السائحين. لكن طالما نحن نحتاجهم ونريد دولارتهم حتى نخرج من أزمتنا المتفاقمة، فقد وجب علينا ان نبذل كل جهد ممكن لتوفير أفضل سبل الراحة للسائحين من أول الابتسامة فى وجوههم مرورا بعدم «استكرادهم» والنصب عليهم بالفهلوة والطرق التقليدية المعروفة، نهاية بالحفاظ على حياتهم وأن يعودوا إلى بلدانهم سالمين وليس فى نعوش.

 

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى