أعمدة

عماد الدين حسين | يكتب: حكاية الأسعار المرشحة للإرتفاع

عماد-الدين-حسين1

«قولوا للناس الحكاية» تعبير كرره الرئيس عبدالفتاح السيسى أكثر من مرة فى حديثه المرتجل خلال افتتاح ٣٤ مشروعا نفذتها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة صباح السبت الماضى فى مشروع الإسكان الاجتماعى بمدينة ٦ أكتوبر على طريق الفيوم.

خلال الحديث طلب الرئيس من الوزراء ومن سائر المسئولين أن يصارحوا الناس بالحقيقة، خصوصا فيما يتعلق بتكلفة السلع والخدمات وكم تدفع الدولة من دعم لهذه السلع، مردفا أن الأمور لن تسير بهذه الطريقة.

بعد نهاية اللقاء ــ الذى شهد توزيع عقود تملك لبعض الوحدات السكنية ــ سألت وزيرا ينتمى للمجموعة الاقتصادية: ما هى الترجمة العملية لكلام الرئيس؟.

قال الوزير بوضوح: قولا واحدا.. فإنه يصعب أن تستمر الأمور بنفس الوتيرة السابقة، ولابد من إعادة النظر فى العديد من أسعار بعض السلع والخدمات. وطبقا لما هو واضح فإن كلام الرئيس خلال حديثه أمس يعنى أن عجلة التقشف قد بدأت بالفعل، والمؤكد أن غالبية المصريين يشعرون أو يكتوون بها من خلال ارتفاع أسعار الكهرباء والمياه وبعض السلع الأخرى.

عبارة «قولوا للناس الحكاية» تعنى أن التردد أو الخجل الحكومى لن يستمر، وسوف تصارح الحكومة الناس بالحقيقة المرة، وهى بوضوح أن «أحوالنا تصعب على الكافر»، فما بالك بالمؤمن!.

فى اللقاءات الخاصة سمعت من كبار المسئولين على اختلاف درجاتهم أنه لا يمكن الاستمرار بهذه السياسات، وأن الأسعار لابد أن تتحرك. لكنهم جميعا لا يستطيعون ان «يقولوا للناس الحكاية» بوضوح كاف، فأصعب خبر يقوله مسئول للمواطنين أن الأسعار ستزيد أو أن الرواتب ستقل أو أن الدولة والمؤسسات والهيئات ستضطر لاتخاذ إجراءات صعبة.

الدولة تقول دائما إنه لابد من اتخاذ إجراءات صعبة وقرارات مؤلمة وصادمة، والناس تستمع إلى هذا الكلام ولا تعيره اهتماما كبيرا، إلا عندما يتعلق بهم شخصيا أو يؤثر فى حياتهم المباشرة.

الرئيس لم يقل للناس بوضوح يوم أمس الأول السبت إن الأسعار ستزيد، لكن هذه هى الترجمة الفعلية لكلامه.

ظنى الشخصى أن كثيرين لا يختلفون على ضرورة تصحيح التشوهات فى أشياء كثيرة فى مصر، خصوصا فيما يتعلق بقضية الدعم، وبالأخص ملف دعم الطاقة ــ لكن الخلاف الجوهرى دائما هو: من الذى ينبغى أن يتحمل فاتورة هذا التقشف وعلى أى أساس سنفعل ذلك؟.

القادرون أو الأغنياء يقولون إن ذلك لابد أن تتحمله فئات كثيرة، ومنهم الطبقة المتوسطة وبعض الفقراء، والفئة الأخيرة ترى ــ ولها كل الحق ــ أنها «مسحوقة بالفعل»، وبالتالى فلا يمكن أن يقترب منها أحد.

والطبقة الوسطى هى عمليا التى تتحمل العبء الأكبر فى كل الأحوال، لدرجة تدفع البعض للقول إن الكثير من أفراد هذه الطبقة قد هبطوا عمليا ليصبحوا ضمن طبقة الفقراء.

الخبر السيئ ان الفقراء وسائر المواطنين سوف يتضررون فى كل الأحوال من أى ارتفاع للأسعار. ولو أن أى مسئول خرج وقال لك إن الفقراء لن يتأثروا، فلا تصدقه إطلاقا!!!.

لو كنت مكان الحكومة لخرجت على الناس وشرحت لهم فعلا حقيقة الأسعار بأرقام حقيقية، والدعم الذى تقدمه الدولة، وقلت لهم إننا سنخفض هذا الدعم بنسبة كذا فى المائة، لكننا فى المقابل مثلا سندعم الفقراء والأكثر فقرا عبر شيكات الحماية الاجتماعية المختلفة. وبالتالى فسوف يعرف الجميع كيف سيكون توزيع الأعباء على الجميع وبأى نسب، وأن يتم ذلك بشفافية واضحة، ومن دون ذلك فسوف يعتقد الجميع أنه الطرف الوحيد الذى ضحى.

يبقى سؤال مهم: هل هذا ظرف مناسب لاتخاذ هذه الخطوة؟!.

يقول البعض إن الأوقات فى مصر دائما غير مناسبة وبالتالى كيف يكون العمل؟!

سؤال يستحق البحث والمناقشة.

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى