أعمدةمقالات

عماد الدين حسين | يكتب : خمس ضربات فى الرأس

عماد الدين حسين

يقولون إن «ضربتين فى الرأس توجع»، فما بالك بخمس أو ست ضربات فى وقت واحد؟!.
من سوء حظ هذه الحكومة أنها مضطرة إلى اتخاذ أكثر من قرار مؤلم وغير شعبى خلال فترة زمنية قصيرة جدا، بدأتها بالفعل قبل أسابيع قليلة حينما قررت زيادة أسعار الكهرباء بنسب تتراوح بين ١٥ إلى ٣٠٪ لكل الشرائح بلا استثناء.
نظام حسنى مبارك ظل سنوات طويلة يتقاعس عن الإصلاح ويشترى صمت الناس، ويرحل الأزمة إلى الأمام.. والنتيجة أننا وصلنا إلى حالة شبه كارثية، لا يعلم إلا الله كيف سنخرج منها وبأى ثمن!.
ويوم الإثنين٢٩ أغسطس أقر البرلمان قانون القيمة المضافة بنسبة ١٣٪، وتم البدء فى تطبيقها الأسبوع الماضى، لجمع ٢٠ مليار جنيه فى الشهور التسعة المتبقية فى السنة المالية الجارية التى بدأت فى يوليو الماضى، والمتوقع أن يؤدى تطبيق هذه الضريبة إلى زيادة فى أسعار بعض السلع وثبات سلع أخرى، وإلى انخفاض أسعار سلع ثالثة إذا كانت إجراءات وآليات السوق تعمل بالفعل فى مصر.
وقبل أيام أيضا زادت أسعار السجائر بنسب غير مسبوقة.
وخلال أيام أيضا وربما أسابيع، قد نشهد زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق والسكة الحديد. وفى الفترة المقبلة قد تجد الحكومة نفسها مضطرة إلى رفع أسعار بعد الخدمات مثل الغاز والمياه.
أما القرار الأصعب، فربما يكون زيادة أسعار مختلف أو غالبية أنواع الوقود خصوصا السولار، وإذا تم ذلك فإن سلعا كثيرة ستشهد زيادات متباينة.
القرار الأصعب الآخر هو توحيد سعر الصرف أو تعويم الجنيه جزئيا أو كليا. ويعنى عمليا تخفيض قيمة الجنيه المصرى، وبالتالى فإن رواتب ومداخيل المصريين ومدخراتهم ستنخفض فورا بنفس نسبة انخفاض الجنيه أمام الدولار وسائر العملات الأجنبية.
من بين الإجراءات الصعبة أيضا تمرير قانون الخدمة المدنية الذى أسقطه مجلس النواب، وتم ترحيله للفصل التشريعى المقبل، رغم أنه خطوة مهمة فى طريق الإصلاح الإدارى.
سوء حظ الحكومة أنها لا تملك الكثير من الخيارات مع هذه القرارات غير الشعبية. فاتفاقها مع صندوق النقد الدولى مشروط بإجراءات محددة ومجدولة زمنية، بمعنى أنها لابد أن تكون قد نفذت إجراءات معينة فى فترة زمنية محددة حتى يمكنها الحصول على الدفعات المختلفة فى الشرائح الثلاثة لقرض الـ١٢ مليار دولار من صندوق النقد الدولى.
تقول الحكومة دائما، إنها حتى لو لم توقع اتفاقا مع صندوق النقد، فإنها مضطرة فعلا إلى اتخاذ نفس الإجراءات الإصلاحية التقشفية، لكى يخرج الاقتصاد المصرى من النفق الصعب الذى يتواجد فيه. وبالتالى، فسواء اتفقت الحكومة مع الصندوق، أو حتى تعثر ــ وهو احتمال شبه مستحيل ــ فإن الطريقة التى تتحدث بها الحكومة تعنى أنها مصممة على السير فى الطريق حتى آخره.
من بين الصعاب أيضا، بل ويمكن تصنيفها عقبات، هو الإرهاب والتطرف الذى يضرب مصر منذ خروج جماعة الإخوان من الحكم، وبعدها انفجرت بالوعة الإرهاب، التى نجد أنفسنا موحولين فيها.
الحكومة لن تنفذ برنامج الإصلاح فى هدوء، لأن الإرهابيين والمتطرفين سيحاولون الضغط المستمر على الحكومة، ليكسبوا المزيد من النقاط، كما سيسعون إلى اللعب على وتر الأزمة الاقتصادية، لتأليب الجماهير على الحكومة للعودة مرة أخرى إلى التأثير فى المشهد السياسى.
خلاصة الأمر أنه من هذه اللحظة وحتى تصديق مجلس إدارة صندوق النقد الدولى على الاتفاق المبدئى مع الحكومة المصرية، وربما بحد أقصى بداية العام الميلادى الجديد ستكون الحكومة المصرية مجبرة أو مضطرة إلى اتخاذ إجراءات غير شعبوية بالمرة، قد تعصف بشعبيتها إلى مستويات غير مسبوقة.
هل تملك الحكومة أى بديل لهذا الطريق؟!
حتى لو اضطرت الحكومة لتنفيذ الاتفاق مع الصندوق أو نفذته بنفسها من دون اتفاق، فإن طريقة التنفيذ، وتوزيع أعباء القرارات الصعبة، قد يشكلان مخرجا من هذا النفق الذى يبدو طويلا وإضاءته ضعيفة.
تستطيع الحكومة أن تحارب الفساد بلا هوادة، وتضرب بعنف ــ فى إطار القانون ــ على رموز الفساد فى البلد، والأهم أن تتقشف الحكومة فعلا وقولا.. وإذا فعلت كل ذلك، فربما قد يقتنع غالبية الناس بضرورة التقشف.

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى