أعمدة

عماد الدين حسين | يكتب : ما هكذا يتم التعامل مع النواب

عماد الدين حسين

قبل فترة استمعت إلى بعض أعضاء مجلس النواب، وهم يتحدثون فى الفضائيات بطريقة خاطئة وغير علمية أو مهنية عن السياسة النقدية وأزمة الدولار وتداعياتها.
هل مواجهة هذا الحديث الخاطئ يكون بإصدار قرار إدارى أو فرمان سلطانى بتهديدهم ومنعهم من الحديث تماما، أم بالرد عليهم بمعلومات صحيحة، والبحث عن آلية تصحح لهم طريقة تعاملهم مع قضية السياسة النقدية؟
ظنى الشخصى أن الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب ــ الذى أكن له كل تقدير على المستوى الشخصى ــ قد أخطأ خطأ فادحا حينما هدد بتحويل كل من يتحدث عن السياسة النقدية إلى لجنة القيم. إذا كان رئيس مجلس النواب وأستاذ القانون الدستورى يتحدث بهذه الطريقة ويهدد بهذه اللغة نوابا يفترض أنهم منتخبون شعبيا، فماذا يمكن أن نتخيل أن يفعل وزير أو رئيس مؤسسة أو هيئة مع موظفيه إذا فكروا فى التعبير عن آرائهم؟! المواطنون ينتخبون النائب لكى يعبر عن آرائهم وأفكارهم ويدافع عن مصالحهم، وليس لكى يصمت.
سوف نفترض أن هناك نوابا إما غير ملمين بقضية ما أو يبحثون عن مصلحة خاصة ويخالفون القانون. لو كانوا من الفئة الأولى، فالمفترض أن يتم استدعاء المسئولين، الذين يملكون المعلومات الصحيحة للحديث أمام المجلس، ليس فقط ليوضحوا الصورة الكاملة أمام النواب، بل وهذا هو الأساس أمام الشعب. أما لو كانوا من أنصار الفئة الثانية فالمطلوب كشفهم وفضحهم أمام الشعب، طالما أن هناك مخالفة قانونية واضحة، أو حتى سياسية.
المشكلة أن الدكتور على عبدالعال بحديثه قبل أيام قد أساء إلى نفسه وإلى المجلس وإلى الحكومة والرئيس.
لو كنت متربضا أو مترصدا أو حتى معارضا عاديا فإن الرسالة التى ستصلنى هى أن رئيس مجلس النواب قد صار مسئولاً فى الحكومة، وليس رئيسا لمجلس يفترض أن يراقب الحكومة!!
كان يمكن للمجلس ورئيسه أن يخبر النواب بعشرات الطرق عن بعض الملاحظات المتعلقة بمراكز الأبحاث الثلاثة، التى تقوم بتدريب النواب، كان يمكن أن يتحدث مع المراكز مباشرة. كانت هناك عشرات الطرق التى توصل الفكرة، لكن لا تؤدى إلى الخسائر الكارثية، التى لحقت بالمجلس نتيجة هذا التصريح الغريب من الدكتور على عبدالعال.
خطورة ما قاله د. على عبدالعال هو أنه يبعث برسالة إلى الجميع هى أن الكلام والخلاف والمعارضة ممنوع، حتى لو كان لنواب منتخبين من الشعب وظيفتهم الوحيدة هى الرقابة والتشريع.
أتمنى أن يبادر دكتور على عبدالعال إلى الاعتذار والتوضيح عما قاله. ليس عيبا أن يعتذر أى شخص خصوصا إذا كان الخطأ كارثيا، وسيؤدى إلى عواقب وخيمة لا يعلمها إلا الله.
ليس عيبا أن يراجع الدكتور عبدالعال ماذا كان يفعل الدكتور فتحى سرور أو حتى الدكتور سعد الكتاتنى وغيرهم أثناء ترؤس المجلس. لا يصح ونحن فى هذا العصر أن يتم التعامل مع النواب ــ بغض النظر عن طريقة انتخابهم ــ بهذا الشكل.
مرة أخرى، هذا الأمر لا يسىء إلى النواب، بل إلى المجلس ورئيسه والحكومة والرئيس وكل الدولة.
لو أن هناك تآمرا ضد الدولة من موظف صغير أو نائب كبير، فالطبيعى أن يتم تحويله إلى النيابة بالإجراءات القانونية.. أما تلك الطريقة فسوف ندفع ثمنها جميعا، إذا لم نكن قد دفعناها بالفعل.

 المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى