أعمدة

عماد الدين حسين | يكتب: هل سقطت نظرية اختراع ١١-١١ ؟

%d8%b9%d9%85%d8%a7%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%8a%d9%86-%d8%ad%d8%b3%d9%8a%d9%86-3-2
من أسوأ الممارسات فى المجتمع المصرى هذه الأيام، أن غالبية الناس تقريبا صاروا يشرحون ويحللون ويفتون فى كل شىء من دون علم، من أول خطط مباريات كرة القدم، نهاية بخطط إصلاح الاقتصاد، وأسعار العملة وإدارة الحروب العسكرية، مرورا بأى مجال يخطر على باله!
ليس عيبا أن يتحدث أى إنسان فى أى شىء بشرط بسيط أن يكون لديه حد أدنى من الإلمام به، والأهم أن يكون حديثه مبنيا على معلومات صحيحة، قدر الإمكان.
أحد أبرز الأمثلة على الفتى والهرى فى الأسابيع الأخيرة هى حكاية مظاهرات ١١/١١.
كتاب ومحللون ومعلقون وصحفيون وقراء عاديون كتبوا مرارا وتكرارا رواية شبه واحدة، خلاصتها أن ١١/١١ وهم واسطورة واخترعتها الحكومة، كى تقوم بحشد قوات الأمن فى الشوارع قبلها وخلالها، وعندما يمر هذا اليوم. تستغل الحكومة وأجهزة الأمن هذا الأمر لكى تتخذ القرارات الاقتصادية الصعبة، وبالتالى إذا فكر أى شخص أو جماعة فى التظاهر، ستكون قوات الأمن جاهزة للتصدى له، أو حتى إلصاق تهمة أنه من المعارضين السياسيين وليس المحتجين على سوء الأوضاع الاقتصادية.
بعض هؤلاء أيضا، عزز هذه النظرية التآمرية مسترجعا حكاية مظاهرات ٢٨ نوفمبر قبل الماضى، حينما دعت ما يسمى بالجبهة السلفية إلى مظاهرات لنصرة الشريعة وأيدتها فى ذلك جماعة الإخوان ببيان رسمى، واحتشدت قوات الأمن، ولم يخرج إلا مئات من المتظاهرين، لكن فى اليوم التالى تم الحكم بالبراءة على حسنى مبارك فى قضية قتل المتظاهرين، وكانت قوات الأمن جاهزة للتصدى لأى احتجاجات.
لا أعلم يقينا من الذى خطط أو اخترع حكاية ٢٨ نوفمبر قبل الماضى، ولا أعلم فعلا من الذى يقف وراء حكاية مظاهرات ١١/١١ المقبلة، وهل هم جماعة الإخوان، الذين يدعون انصارهم للتظاهر فى أى وقت، أم حركات تدافع عن الغلابة فعلا، أم منظمات فوضوية تسعى لهدم المعبد على كل من فيه؟!
لكن ليس هذا هو موضوعنا اليوم.. نحن بصدد مناقشة اجماع الجوقة التى اندفعت. نتحدث بيقين عن أن ١١/١١ اختراع حكومى للتغطية على رفع أسعار الوقود وتعويم الجنيه.
وفى اللحظة التى اتخذت فيها الحكومة هذين القرارين الخطيرين، أى تعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود قبل ١١/١١، فقد انهارت هذه النظرية تماما، لأنه لا يعقل أن تكون الحكومة اتخذت هذه القرارات مبكرا كى تحشد كل من تأثر بالأسعار المرتفعة للنزول للتظاهر ضدها؟!.
السؤال الجوهرى الآن هو: ألا ينبغى على كل من فعل ذلك أن يعتذر للمواطنين والقراء والمشاهدين على هذا الفتى والهرى. وحتى لا اظلم معارضى الحكومة وأتهمهم بأنهم فقط الذين يفتون بغير علم، اسارع وأقول إن المؤيدين للحكومة أيضا يرتكبون هذا الخطأ صباح مساء، وبعضهم يرى أن كل ما يحدث سببه الأول والأخير هو المؤامرة الأجنبية أو حتى محلية الصنع.
المشكلة الحقيقية أن الهوى غلاب، وكثيرا من الناس يتحدثون بمنطق إما مع أو ضد. لا أحد يريد أن يستند إلى معلومات أو حتى رؤى ووقائع ومؤشرات حقيقية. مع مثل هذا الواقع، فإن جزءا كبيرا مما يكتب يكون إما تأييدا مطلقا أو رفضا مطلقا من غير أساس.
شخصيا لم أعتقد فى أى لحظة أن الحكومة، سوف تتخذ قرارى تعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود فى يوم واحد، قبل ١١/١١، وربما ساورنى الشك للحظات مثل كثيرين، لكنى لم أكتب ذلك أو ألمح إليه، أو أبنى عليه حقائق وأساسات.
والسؤال: متى نتوقف عن الفتى والاستناد إلى معلومات حقيقية أو الانتظار حتى تتضح الحقائق، او التواضع قليلا حتى لا نساهم فى ارباك وبلبلة عقول الناس؟!.
إذا صح ما سبق، تكون نظرية أن الحكومة اخترعت اسطوانة ١١/١١ للتغطية على القرارات الاقتصادية قد انهارت. وبالتالى يصبح السؤال هو: هل هى حقيقة، واذا لم تكن كذلك فمن الذى اخترعها؟!.
المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى