رأي

عماد الدين حسين| يكتب: هل فات أوان مناقشة القرض الروسى للضبعة؟

عماد-الدين-حسين
مبدئيا أنا واحد من الذين يحلمون ويتمنون أن يكون فى مصر مشروع متكامل وكبير للطاقة النووية، ليس فقط لتوفير جانب من الطاقة النظيفة والرخيصة، ولكن أن نمتلك القدرة العلمية التى تتيح لنا مواجهة التجبر والتسلط والتفرعن الصهيونى الذى يهدد كل المنطقة بمفاعل ديمونة.
ورغم ذلك أتمنى أن يكون هناك وقفة حقيقية لنسأل أنفسنا سؤالا جوهريا: هل ظروفنا الاقتصادية تسمح بأن نبدأ فى هذا المشروع الآن؟!
مرة أخرى لا أشكك فى أهمية المشروع ولا أتحدث عن مخاطر تتعلق بالسلامة العامة أو المخاطر البيئية. سوف أفترض أن كل هذه الأمور تمت مناقشتها ومراجعتها والتأكد منها.
أتحدث فقط عن مدى مواءمة البدء فى هذا المشروع الآن ونحن نواجه عجزا شبه شامل فى العملة الصعبة تجعلنا غير قادرين على توفير أدوية أو أغذية أساسية، أو دفع رواتب بعض الدبلوماسيين بالخارج.
لست خبيرا فى شئون الطاقة النووية، ولذلك سألت من هم كذلك وكانت الحصيلة هى الآتى:
أحد الخبراء المرموقين قال لى إنه يتفهم المخاوف من إبرام اتفاق نحصل بموجبه على قرض روسى قيمته ٢٥ مليار دولار لإنشاء محطتين نوويتين فى الضبعة، لكنه للأسف يعتقد أن الوقت قد مر على هذا النقاش، بعد أن وصل التفاوض مع الجانب الروسى إلى محطة متقدمة جدا، بل تم توقيع الاتفاق الأساسى، وبقيت بعض التفاصيل التى يفترض أن يتم حسمها خلال أيام، وبالتالى يصبح التوقيع النهائى جاهزا قبل نهاية هذا العام.
خبير ثانٍ قلل من مخاوفى كثيرا وقال إن المشروع تمت دراسته جيدا من جميع النواحى، كما أن هناك فترة سماح فى السداد 13 عاما وبالتالى فإن السؤال الصحيح هو: ما هو سعر الكيلووات من الكهرباء المنتجة من المحطة النووية مقارنة بمثيله المنتج من أى مصادر أخرى تقليدية؟!
هذا الرجل القريب جدا من الملف قال إنه يتفهم أى مخاوف أو تساؤلات لكن المعلومات والأرقام والبيانات تقول إن إنتاج الطاقة الكهربائية من المحطات النووية لايزال هو الأرخص والأنظف. وأن المخاوف مما حدث فى تشيرنوبيل الأوكرانى أو فوجومايا اليابانى مشروعة، لكن هناك مئات المفاعلات فى بلدان كثيرة تعمل بصورة عادية، وان مصر أوفدت العديد من المهندسين والخبراء لتلقى تدريبات كاملة فى روسيا على إدارة المفاعلات.
مصدر ثالث قال لى إن صفقة بناء المحطة ينبغى أن ينظر لها بصورة شاملة وليس مجرد قرض وكيفية تسديده. هو يرى أن روسيا قدمت لنا مساعدات كثيرة ليست كلها اقتصادية، بل جزء منها سياسى، خصوصا حينما وقف غالبية العالم ضدنا بعد 30 يونيو 2013. ثم أننا نحن من سعينا إلى هذا المشروع، وبالتالى علينا ألا نلوم الجانب الروسى.
لكن هل روسيا تشترط توقيع مصر أولا على صفقة المحطة النووية كى تسمح بإعادة سائحيها إلى مصر؟!
البعض يلمح إلى ذلك ويقول إنه أمر مفهوم فى السياسة، لكن أحد المسئولين قال لى إن ذلك صعب جدا. وحتى إذا كانت روسيا تفعله، فنحن لن نقبله، مضيفا نحن من سعينا إلى إقامة هذه المحطة النووية.
مرة أخرى نحن لا نناقش أهمية المشروع، نحن فقط نتساءل عن جدوى التنفيذ فى هذا الوقت الذى نعانى فيه بشدة من انخفاض العملة الصعبة. وبالتالى فإن السؤال الاستفهامى وليس الاستنكارى هو: هل يكون من المناسب أن ننفذ هذا المشروع الآن؟! وكيف سنسدد قيمة القرض وفائدته حتى لو بعد 13 عاما، وما هى القروض الأخرى التى يفترض أن نسددها خلال هذه الفترة؟
يفترض أيضا أن هناك رؤية شاملة لخريطة كل القروض التى حصلنا عليها، مفهوم أننا نحتاج.. لكن علينا أن نكون منتبهين للمخاطر المتعددة المرتبطة بقرض كبير مثل هذا، خصوصا اننا سمعنا عن شروط صعبة وغرامات كبيرة ينبغى أن ندفعها إذا تأخرنا فى السداد.
أعلم أن الوقت ربما يكون قد مر على مثل هذا النقاش، وأتمنى أن تخرج علينا الحكومة، بتوضيح يقول إن كل ما أشرنا إليه مجرد مخاوف مشروعة لكنها غير حقيقية، أو أن هناك مشكلة ــ لا قدر الله ــ وبالتالى علينا البحث عن طرق حلها.
 المصدر

أحمد الدويري

كاتب صحفي منذ عام 2011 ، أكتب جميع أنواع قوالب الصحافة، تعلمت الكتابة بشكل جيد جدًا من خلال موقع الشرقية توداي الذي انضممت له منذ عام 2012 وحتى الآن
زر الذهاب إلى الأعلى