رأي

عماد الدين حسين | يكتب : ولا حتى ربع زويل!

عماد الدين حسين

عقب تشييع جثمان العالم الكبير أحمد زويل صباح الأحد الماضى اتصلت بى أكثر من فضائية تليفزيونية مهمة مثل «سى بى سى إكسترا» و«النهار» و«أون تى فى» وسألونى عن الراحل الكبير وقيمته وكيفية الاستفادة من علمه.
أحد هذه الأسئلة كان كالتالى: هل هناك إمكانية ليكون لدينا زويل جديد؟
إجابتى السريعة والقاطعة والحاسمة كانت هى: «للأسف لا» لأن إنتاج مثل هذه النوعية من المتفوقين والنابغين والعباقرة والمتميزين فى جميع المجالات يحتاج إلى مناخ وبيئة وتشجيع. قد تكون فلتة أو موهبة هنا أو هناك، لكن هذا الواقع لن يفرز زويل جديدًا للأسف، مهما كانت نوايانا طيبة وتمنياتنا صادقة.
نحيى الدولة على تكريمها لزويل والجنازة العسكرية له التى حضرها رئيس الجمهورية، ونحيى غالبية الهيئات والمؤسسات والوزارات التى نعته، وكذلك بعض القادة والزعماء العرب الذين أشادوا به عبر بيانات رسمية أو تويتات سريعة. لكن ذلك بطبيعة الحال مجرد إجراء سريع وعاطفة وقتية سرعان ما ستخمد ويعود كل منا إلى حال سبيله حتى تموت قامة كبيرة أخرى هنا أو هناك فنعيد تكرار نفس الكلام من دون حتى التغيير فى التعبير واللغة.
حال التعليم الآن معروف للجميع، وصرنا نعرف أن بعض الحاصلين على دبلومات أو ما يساويها فى الثانوية العامة، يتخرجون ولا يعرفون أحيانًا كتابة أسمائهم باللغة العربية.
نسمع الآن بعض كبار المسئولين والشخصيات العامة لا يعرفون أحيانًا كيف ينطقون جملة واحدة سليمة باللغة العربية!!. نسمع ونقرأ كثيرًا للأسف عن سرقة الأبحاث ورسائل الماجستير والدكتوراه، و«الأبحاث المضروبة فى ورش بير السلم» التى تتم فيها كتابة هذه الرسائل للباحثين العرب مقابل أسعار صارت معروفة للجميع.
لو كنا جادين حقًا فى تكريم زويل وأمثاله والاهتمام الفعلى بالعلم والتعليم والبحث العلمى فهناك خطوات محددة يمكن تطبيقها على الأرض.
على سبيل المثال هناك كتاب مهم أصدرته دار الشروق وألفته الأستاذة هديل غنيم عنوانه «رحلات أحمد زويل.. من حلم الطفولة إلى علم المستقبل». هذا الكتاب القيم يمكن تدريسه للأطفال الصغار من الحضانة إلى المرحلة الابتدائية، حتى يمكنهم فهم أن هناك عالًما مصريًا، عربيًا نجح وتفوق فى مجال معقد وصعب وأننا جميعا قادرون على النجاح والتفوق إذا سرنا على نفس الخطوات.
هناك كتاب آخر أصدرته دار الشروق أيضًا عنوانه «عصر العلم»، وكتب مقدمته الأديب الكبير الراحل «نجيب محفوظ» ويتضمن أهم مقالاته وأفكاره ومحاضراته وكتب مقدمته الراحل الكبير أحمد زويل نفسه. أيضًا يمكن تعميم هذا الكتاب على طلاب المدارس الإعدادية والثانوية أو حتى الجامعات. أو على الأقل أن يتم توفير هذه الكتب فى مكتبات المدارس والجامعات بصورة جادة، وليست مظهرية، حيث إن الوزارة حصلت على ٢٠٥ نسخ فقط لكل المدارس، بمعدل خمسة سطور تقريبًا لكل مدرسة!!. أى أن الكتب تم وضعها فقط للديكور وليس لكى يقرأها التلاميذ والطلاب.
يمكن للمكتبات العربية الحصول على مثل هذه الكتب الجادة وأمثالها من أى دور نشر إذا كانت تريد فعلًا أن تجعل طلابها يحتكون بآخر ما وصل إليه العلم من تطور، وأن نتوقف عن ثقافة التظاهر بتشجيع العلم والبحث العلمى بالبيانات والشعارات والتغريدات ثم يتوقف كل شىء بعدها.
الأمر لا يتوقف بالطبع عن زويل فقط، بل ينطبق على كل المجالات الأخرى، فلن ننجب مجدى يعقوب جديدًا أو محمد غنيم فى الطب أو نجيب محفوظ ويوسف إدريس والحكيم وزكى نجيب محفوظ فى الأدب والفلسفة والفكر، وأم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم فى الفن، وغيرهم من العمالقة فى بقية المجالات، إلا إذا كان المناخ العام فى المجتمع مشجعًا على ذلك.
لو كنا نريد تخليد علم وفكر وموهبة زويل رحمه الله فإن الحل لا يكون إلا بنسف منظومة التعليم الراهنة واستبدالها بمنظومة صحيحة، ومنظومات أخرى كثيرة فى غالبية المجالات. إذا حصل ذلك سيكون لدينا أكثر من زويل، وإذا استمر الحال الراهن، فلن ننجب ولو ربع أو حتى سدس زويل!.

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى