ثقافة و فن

عمر خيرت: الساحة امتلأت بالأغانى الارتجالية من أجل الفلوس

عمر خيرت

تتجلى فى موسيقى عازف البيانو الشهير عمر خيرت عوامل الإبهار والدهشة بسحر نغماته التى تعرف طريقها إلى القلب وتجوب معها المشاعر وتسمو بها الروح، وفى حواره مع «اليوم السابع» يتحدث المؤلف الموسيقى عن شكل الأغنية المصرية، ويكشف سر عزوفه عن تلحين الأغنيات وحرصه على صناعة الموسيقى، وإعادة توزيعه لألحان موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، ويتطرق للحديث عن جيل الشباب والكبار، ويطالب الشعب المصرى بالصمود على الحق.

فقدت الأغنية المصرية فى الفترة الأخيرة وقارها، واعتلى الساحة الغنائية بعض هواة الطرب غير الدارسين لفن اللحن والإيقاع وعلوم النغم، كما اختفت ملامح المدرسة الكلاسيكية، باعتبارك مؤلفا موسيقيا ما تفسيرك لهذه الظواهر؟
– الساحة الغنائية فى الوقت الحالى تشهد موجة من الأغانى الارتجالية التى تصنع من أجل المكسب فقط، وبعض شباب الأغنية بالفعل غير دارسين لقواعد اللحن الموسيقى وإيقاعاته، ويحاولون خلق شكل جديد عن طريق «التقليد» فى الملابس والإيقاعات، ولا يوجد أى مضمون للأغنية، ويمكننا القول بأن هذا ناتج عن عدم الدراسة من جهة، والمرحلة الانتقالية التى تمر بها البلاد، من جهة أخرى، حيث واكب شباب الأغنية الموجة السائدة اعتباطا، أما الأغنية الكلاسيكية فقد وقفت عند مطربينا العظماء، لكن ستظل موجودة على مدار التاريخ وفى ذاكرة كل الشعوب.

«الموسيقى مشاعر غير مرئية لكنها إيقاع حسى يذهب بك للخيال»، ربما لذلك اتجهت للتأليف الموسيقى وتركت التلحين؟
– اتجهت للتأليف الموسيقى لأننا نفتقد الموسيقى، والدهشة الموسيقية، ولدينا مطربون كثيرون، إلى جانب الأغنيات التى تملأ سوق الغناء، واهتمامى بالموسيقى جاء لنشر الوعى الموسيقى، وأود الإشارة إلى أن الموسيقى أصعب من التلحين، لأن الكلمات تعمل على تسهيل اللحن والإيقاع لكون الشعر يحمل جرسا موسيقيا ووزنا وقافية، وتعمقى فى التأليف الموسيقى جاء نتيجة لتخصصى فى دراسة العلوم الموسيقية العالمية التى منحتنى دراستها ثقلا فى التأليف الموسيقى بجانب دراستى لـ «الكونسرفتوار».

للموسيقى مدارس مختلفة، لكونها لغة التعبير العالمية، فأى مذهب موسيقى تأثرت به فى بداية حياتك؟ وماذا يمثل «البيانو» لعمر خيرت؟
– تأثرت بمدرسة جميع العباقرة الذين أثروا الحياة الموسيقية، وعلى رأسهم موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب والموسيقار رياض السنباطى وفنان الشعب سيد درويش وعمى أبوبكر خيرت مؤسس «الكونسرفتوار» المصرى، كما تأثرت بحضارة القاهرة وتراثها وأوبراتها وليلها وسكون نيلها، وبحرها الساجى الصامت الذى يشبه خشوع الزاهدين، كل هذه العوامل أثرت فى تكوين شخصيتى الموسيقية، والبيانو عشقى الكبير استطعت من خلاله ترجمة مشاعر الكثير من البشر واكتشف معه مناطق موسيقية جديدة فى إحساس وذكريات التركيبة الإنسانية وتجاوب معه جمهورى.

على ذكر اسم موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب وراهب النغم رياض السنباطى، لماذا لم يأخذ السنباطى حظا فى الشهرة مثل عبدالوهاب؟
– الموسيقار الراحل رياض السنباطى أخذ حقه من إعجاب جماهيره فى جميع الأقطار العربية بنغماته التى صنعها بسحر وخفة وصدق، وتجاوبت معها مشاعر محبيه، لكن شخصيته فرضت عليه العزلة، حيث كان قليل الظهور ولا يميل للحديث فى وسائل الإعلام بكثرة.

هل يمكن بثقافتك الموسيقية العالمية أن تخوض تجربة التلحين الغنائى مع نجوم الأغنية الشبابية؟
– إذا امتلك أى مطرب إمكانياته فمن الممكن أن ألحن له، لكن عادة ما يكون تلحينى من خلال العمل الدرامى، بمعنى أن أضع لحنا لتتر المسلسل ثم نستقر على مطرب لغنائه.

«غوايش» و«ضمير أبلة حكمت» و«الجماعة»، كيف يضع عمر خيرت موسيقى مسلسلاته لتتواكب مع انفعالات الموقف الدرامى؟
– أقوم بقراءة سيناريو العمل جيدا، وأتخيل شخصياته، ومن خلال تلك الشخصيات أقوم برصد الانفعالات المختلفة، بحسب المشهد الدرامى الذى رسمه السيناريو، وأبدأ فى وضع الموسيقى التى تتجاوب مع طبيعة العمل الدرامية، وأؤكد أن جميع تجاربى الموسيقية فى السينما والدراما خرجت منى بصدق وعاطفة وتعيش معى، ومازلت أتلقى ردود فعل واسعة على موسيقى عملى الأخير «الخواجة عبدالقادر» حتى الآن، وموسيقى فلكلور «مأساة الحلاج» التى أذيعت بالمسلسل نفسه.

بعد «الخواجة عبدالقادر» و«فرقة ناجى عطا الله» ما الأعمال التى تعكف على وضع موسيقاها الآن؟
– أضع حاليا الموسيقى التصويرية لمسلسل «الداعية» بطولة بسمة وهانى سلامة، وإخراج محمد جمال العدل، إضافة إلى تلحين أغنية التتر التى كتبها د. مدحت العدل ولم نستقر على الصوت الذى سيؤديها خلال الأحداث حتى الآن.

من ألحانك شدا على الحجار بـ«عارفة» ومحمد منير بـ«الطوفان» وغيرهما من الأغنيات، كيف ترى تجربتك مع هذا الجيل؟
– تجربة أصفها بـ«المحترمة» لأن هذه الأصوات لها ثقلها على الساحة الغنائية وستستمر بهذه القوة، ويتميز كل منهما بسمات مختلفة، حيث إن الكينج محمد منير له مدرسة خاصة فى الأداء الغنائى نجح فيه باقتدار، ومازال ناجحاً، والنجم على الحجار هو المدرسة الكلاسيكية الوحيدة الموجودة حاليا، والتى تعتبر أصعب وأهم مدرسة وتضم بجواره النجمين مدحت صالح وهانى شاكر.

يئس الكثيرون من عودة الريادة للأغنية المصرية مرة أخرى، فهل لديك رؤية لإنقاذها من السطحية والإسفاف؟
– التطوير لن يأتى إلا بالعلم والدراسة، والموسيقى مرآة الشعوب، وأتمنى عودة الأعمال الكلاسيكية التى يتشوق لها الجمهور ويحتاجها فى ذلك الوقت حتى يطمئن على فنه.

فى ظل الظروف المتوترة التى تشهدها البلاد، ألم يخطر ببالك التفكير فى الهجرة خارج مصر هربا من صخب القاهرة وبحثا عن الهدوء للإمعان فى التأليف الموسيقى؟
– استحالة أن أفكر فى الهجرة من مصر، أو أن أترك بلادى، وأتخلى عن مصريتى ووطنيتى، ولم تأت هذه الفكرة فى رأسى على الإطلاق رغم كل الظروف الصعبة التى نمر بها، ومن الممكن أن أسافر ل إحياء حفلات كالمعتاد فى أى دولة خارج مصر، لكن على موعد دائما للرجوع لبلدى.

هل فى جعبتك رسائل تريد توصيلها للشعب المصرى؟

– أقول إن الشعب المصرى من أعظم الشعوب وأكثرها قدرة على التحمل، وأطالبه بعدم السكوت على الظلم، خاصة بعد أن صنع ثورة تحدث عنها العالم أجمع، ولابد من الإصرار على تحقيق أهدافها لأنه «لا يصح إلا الصحيح».

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى