أعمدة

عمر طاهر | يكتب : الكهربا يا حكومة

%d8%b9%d9%85%d8%b1-%d8%b7%d8%a7%d9%87%d8%b1

ما ذنب المواطن أنه في ظل حكومة تستسهل حل مشاكلها من جيوب الناس؟ حكومة بلا خيال

عندي طفلة 5 سنوات وطفلة سنة لا مجال لديهما لاستهلاك الكهرباء، لا نستخدم التليفزيون كثيرا، بعض الوقت لأفلام الكارتون، وجولة مسائية بين القنوات تنتهي سريعا في الحادية عشرة، قبلها أكون قد أطفأت أنوار الحجرة الرئيسية وأشعلت أباجورة تجعل الأجواء لطيفة، تنزعج زوجتي أحيانا لانني أفعل ذلك مبكرا في الثامنة مثلا.

لدي سخان كهرباء واحد أحرص ألا يظل متصلا بالكهرباء طول اليوم الأمر الذي تترتب عليه احتكاكات زوجية عندما لا يوجد ماء ساخن لحظة استحمام الصغيرتين، بقية أنحاء الشقة معطلة، النصف الأكبر منها صالون نادرا ما يزورنا الضيوف لانني أسكن قريبا من بوابات طريق الإسكندرية.

عندي راوتر هزيل وشاحن عدد 2 موبايل وثلاجة ولاب توب، أما التكييفات فيبدأ استخدامها في غرفتي النوم عند النوم بشكل أساسي فيما عدا ذلك أوقات متقطعة لأن الزوجة امرأة عاملة والطفلة إذا لم تتواجد في المدرسة فهي عند جدتها، غرفة مكتبي بلا إضاءة لانني أعمل فيها نهارا فقط، نور السلم مصدره كهرباء العمارة وليست الشقة، نستخدم الخلاط أحيانا، والمكواة يوما ويوما.

ليس لدينا ميكروويف، لدينا جهاز صغير لتعقيم أدوات الرضاعة، تتقطع إيدي قبل ما أفتح نور البلكونة ليس خوفا من الفاتورة لكن لانه فاضح للغاية، علمت ابنتي الصدق واحترام الكبير وتقفل نور الحمام بعد ما تخلص، تتسلي زوجتي أثناء أعمال المطبخ براديو يعمل بعدد 2 حجر كبير.

ما الذي يجعل فاتورة الكهرباء 2000 جنيه تقريبا؟، طيب أنا رجل في منتصف الطريق، بدأت حياتي الزوجية متأخرا بعد استقرار مهني يجعلني قادرا علي دفع الفاتورة ومع ذلك تزعجني، لكن خريطة الكهرباء في حياتي هي خريطة شاب في بداية الطريق، بيت صغير وطفلتان وصفر رفاهية وسنوات في منتصف العشرينيات بدخل قد يمثل رقم الفاتورة ثلثه علي الأقل، فكيف ستستمر الحياة بهذا الشكل؟

ما ذنب المواطن أنه في ظل حكومة تستسهل حل مشاكلها من جيوب الناس؟، حكومة بلا خيال، ما الذي يمنع وضع رعاة وإعلانات علي ظهر الفاتورة، هناك ملايين يتم دفعها طول الوقت لرعاية مباريات كرة هزيلة في مدرجات خاوية، أو إنشاء محطات تليفزيونية لتقديم نفس البرامج، ما الذي يمنع رعاية فاتورة تدخل ملايين البيوت؟ منها دعاية ومنها تخفف علي المواطن.

الأمر مأساوي فعلا، وأذكر أنني بعد فاتورة الصيف الأولي كتبت علي فيس بوك تعريفا جديدا لشخصية الأب المصري: هو شخص يتجول في الشقة طول اليوم ليطفئ الانوار الزائدة، انتشرت الجملة وتداولها كثيرون، علي الحكومة أن تخاف مما هو أكثر من جملة ساخرة.

 

 

المصدر 

زر الذهاب إلى الأعلى