مقالات

لمياء خالد| تكتب: ماذا بعد الهجرة؟

لمياء خالد
لمياء خالد

«أنا عاوز أهاجر من البلد دي» أصبح أغلب طموح الشباب هو الهجرة إلى بلد أخرى، مع تنوع الأسباب  فهناك من يريد أن يجد مكاناً مناسباً للعمل حتى يحصل على راتب مثالي، والآخر يبحث عن الاختلاف، وأسباب أخرى كثيرة، ولكن هل سألت نفسك ذات يوم «وماذا بعد الهجرة»؟.

لفت انتباهي منذ فترة قصيرة جملة لفتاة نشرتها على جروب رحلات على فيس بوك، وكانت تحكي عن تجربتها في السفر ، وعن البلاد التي قامت بزيارتها.

فهي فتاة عزباء تقوم بزيارة أكثر من دولة بين الحين والآخر، وذلك بغرض التجوال والفسحة، فعبرت عن عدم راحتها عندما تظل فترة طويلة في تلك البلد!.

فقالت «بالرغم من أني جاية اتفسح والجمال اللي بشوفه في كل بلد والتانية إلا إني مبحسش بالأمان اللي بشوفه في بلدي ووسط عيلتي، فالجنة اللي من غير ناس ما تنداس».

فكيف لشخص يتجول في جميع بلدان العالم ولم تعجبه سوى البلد التي يعيش بها برغم عيوبها؟.

منذ فترة جاء لي عمل بالخارج، ساعدني في ذلك أصدقاء كثر في بعض البلدان العربية والأوروبية، فطلب مني أحد أصدقائي أن أرسل الـ CV  الخاص بي، حتي يتم عرضه على إحدى الشركات للعمل، ولكن بعد تفكير كثير حتى من دون استشارة عائلتي رفضت!.

بعد التفكير في الأمر بشكل جدي، اتضح أنني لا أريد أن أهاجر، ولكن غرضي فقط هو حب استكشاف الأماكن الأخرى.

ليس لكي أتغرب للعمل، البعض سيرى أن ذلك فرصة ذهبية، وهو الهجرة والعيش والراحة في بلد أخرى، ولكن هذا فقط في بداية الأمر قبل أن يصبح الخيال واقع وتغترب عن أصدقائك وعائلتك وكل من حولك في لمح البصر.

فلن يعوضك السفر أياً من ذلك، ولن تعوضك الزيارة السنوية شعورك بالأمان بجانبهم، وسط أناس من دمك.

إذا قمت بالتفكير لبرهة ستجد أن الرزق هنا في كل مكان، العمل موجود الأمان موجود وكل ما تحتاجه متاح.

ولكن النجاح والراحة لا يأتيان لشخص جالس طوال النهار أمام الهاتف ولا يقوم إلا بانتقاد البلد على مواقع التواصل الاجتماعي ويضع لوم كل فشله عليها ويقول «أنا عاوز أهاجر من البلد دي».

العمل والأمان والجمال الطبيعي وكل ما تنظر إليه في البلدان الأخرى موجود هنا، فهل إذا أتاحت لك فرصة للعمل بالخارج.

تعتقد بأنه سيتم الموافقة عليك بدون أي خبرات مسبقة؟، نفس الشئ هنا لن تقبل بأي عمل وأنت بدون خبرات مسبقة عن مجال العمل.

بعض الشباب يقولون كيف نأخذ خبرة ونحن لا تقبل بنا أي شركة بدون خبرة مسبقة؟ ، إذا فكرت قليلاً فستجد أن الـyoutube و google ، يوفر كورسات في جميع مجالات سوق العمل، فإن الخبرة ليست بكثرة الشهادات.

بل بالإمكانيات المتاحة لديك في سوق العمل، وكيفية إدارة العمل بالنسبة إليك، فإن العيب الوحيد هو فيك أنت، وليس في البلد، فلن تقوم البلد بتطويرك بل أنت من يجب أن يقوم ببناء بلده لتصبح أفضل بلدان العالم.

وإذا كنت من هواة التنقل والسفر، فانظر إلى الأماكن الموجودة في بلدك، فهناك سياح يأتون من جميع أنحاء العالم حتى يروا عظمة المتاحف والمعابد والآثار التي لم تولد في أي بلد أخرى، وستجد أماكن لا عدد لها.

انظر إلى ما في يدك واجعل بلدك مكاناً يتمنى كل شخص في جميع بلدان العالم أن يأتي لزيارتها.

إذا قمت بسؤال أي شخص متغرب حالياً، فلن تجد منه إلا كل الأسى والحزن في غربته، وكيف برغم فائدتها إلا أنها لا تساوي لحظة من شعور الأمان بوطنك ووسط عائلتك.

فلدي صديقة الآن مغتربة مع زوجها في إحدى البلدان العربية قمت بسؤالها في إحدى المرات هل أنتي سعيدة؟ أجابت «البلد برغم جمالها وبرغم أن كل حاجه متوفرة هنا بس القعدة مع صحابي واللمة وسط عيلتي بالدنيا وما فيها ومفيش حاجة هنا عارفة تعوضني عن إحساس الإمان ده الغربة وحشة»!.

كل الأمل من الشباب أن ينظروا جيداً على ما يتوفر لهم هنا قبل التفكير في البحث عن عمل ما بالخارج، بإمكانك وأنت هنا أن تحقق كل ما تريد بالعمل الشاق حتي تصبح ناجح بدون إهانة لبلدك بكل شئ، وحينها ستقول بلدي هي أعظم بلد في العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى