أعمدة

محمد أبو الغار | يكتب : تداعيات أخطر مقال في عهد السيسي

%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%a3%d8%a8%d9%88-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%a7%d8%b1-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d8%aa%d8%af%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a3%d8%ae%d8%b7%d8%b1-%d9%85%d9%82%d8%a7%d9%84-%d9%81

نشر د. محمد أبوالغيط مقالاً فانقلب المصريون من قراء الصحف والمطلعين على الفيسبوك أو الإنترنت رأساً على عقب، واهتزت شاشات الإنترنت والفيسبوك من الحزن والأسى على حال مصر الذى هو آخذ فى التدهور بطريقة مخيفة جعلتنى لا أنام يومين، وأصبح المقال حديث المصريين فى مصر وخارجها. المقال يذكر حقائق دامغة مؤكدة لا شك فيها.

أولاً: المقال مبنى على حقائق مطبوعة فى كتاب نشره الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، وهى جهة سيادية مصرية ووزع منه آلاف النسخ، وبالطبع معلوماته محايدة وموثقة وتقول كبد الحقيقة، وبنيت على دراسات متخصصين رسميين كثير منهم من رجال الجيش السابقين. ورئيس الجهاز لواء سابق معروف بالثقة والأمانة. وهناك احتمالية بأن تقضى هذه المقالة على مستقبل الجهاز المركزى، لأن الدولة قد تذبح الجهاز بالكامل لأنه أحرج الدولة وفى الأغلب سوف يتوقف الجهاز عن إصدار هذا التقرير لنصبح من جمهوريات الموز، عديمة الإحصائيات.

ثانياً: يقول التقرير ببساطة إن من يعيش على أرض مصر وقادر أن يتعلم على الأقل فى مدرسة حكومية ويأكل وجبة صحية ولا يعانى من سوء التغذية وقادر على إيجاد فرصة عمل هم فقط 15% من مائة مليون مصرى. الباقى 85% يعيش على الكفاف ونسبة الأمية فيه مرتفعة ويعانى من التقزم والأنيميا وضعف القدرات الذهنية بسبب ضعف التغذية.

ثالثاً: يعنى التقرير أن 15% فقط من المصريين منهم من يؤيد الرئيس ومنهم من يهاجمه ومنهم المليونيرات ومنهم ما تبقى من الطبقة الوسطى، وكل من كان إيراده أكثر من 4000 جنيه شهرياً، وهو يقرأ الصحف على النت ويرفض ويؤيد ويتظاهر ويستورد ويستهلك ويبيع. من الـ15% أعداد ضخمة من كبار الموظفين فى الدولة، أساتذة الجامعات، ضباط الشرطة، ضباط الجيش والقضاة، كبار رجال البنوك والشركات ومذيعى التليفزيون والفنانين، ومعظم اللصوص وتجار الحشيش والمهربين.

رابعاً: هؤلاء الـ15% فيهم نسبة من المتهمين سياسياً ونسبة من الناشطين سياسياً ونسبة من متظاهرى 25 يناير و30 يونيو وأعضاء الحزب الوطنى زمان وحب مصر الآن.

عندما يخاطب الرئيس المصريين فهو حقيقة يخاطب الـ15% والنكت السياسية يطلقها جزء من الـ15% وكذلك الكتائب الإلكترونية المؤيدة للرئيس التى تشتم من ينتقد النظام. هؤلاء الـ15% هم الذين يصنعون الفن والموسيقى والغناء ويؤسسون الفرق المستقلة للغناء والمسرح، منهم كبار الفنانين وصغارهم وشيوخهم وشبابهم. هؤلاء الـ15% هم الذين يكتبون فى الصحف ويتكلمون فى الإذاعة ويظهرون فى التليفزيون وهم الذين يتظاهرون فى الشارع وفيهم البلطجية التابعون للشرطة الذين يضربون من يتظاهرون فى الشارع.

منهم كل الحرامية الصغار والكبار ومنهم كل شركاء الحرامية التابعين للنظام ومنهم كل من يقبضون على الحرامية أو يأخذون رشوة منهم. والسؤال هل مصر هى 15% فقط من سكانها؟

خامساً: من هم الـ85%؟ ببساطة، وحسب تقرير الدولة المصرية الرسمى، هم الجوعى والذين يعانون من مشاكل صحية ضخمة بسبب نقص الفيتامينات والحديد والبروتينات، وغياب الصرف الصحى والمياه النظيفة عند معظمهم، كثير من هؤلاء الـ85% بدون عمل لأنهم لم يتعلموا أى مهارات ولم يتلقوا تعليماً حقيقياً، نسبة كبيرة منهم لا تعرف الكتابة والقراءة بالرغم من قضائهم سنوات فى مدارس الدولة. يتزوجون ويطلقون وينجبون عشرات الأطفال لا يعلمون عنهم شيئاً وتسكن العائلة فى حجرة واحدة ولا خصوصية لأحد.

هؤلاء الـ85% لم يشاركوا فى ثورة 25 يناير ولا 30 يونيو ويذهبون أحياناً إلى صندوق الانتخاب بعد دفع المعلوم وتوصيلة ذهاباً وإياباً لانتخاب رمز لمرشح لا يعلمون عنه شيئاً. هؤلاء الـ85% كانوا يعيشون فى أماكن معينة على أطراف المدن وبمرور الوقت زادت الكثافة السكانية وكبرت العشوائيات حتى أصبحت حزاماً ناسفاً قابل للانفجار فى أى لحظة على المدن التى تحيط بها.

سادساً: ما علاقة الدولة بالـ85%؟ المناطق العشوائية بها نوع غريب من الحكم الذاتى، فالشرطة لا تستطيع أن تدخل كل هذه المناطق وكل شىء تتم تسويته بالعنف والقهر. فالضعيف يقهر ويذل والمرأة تقهر والطفل يهرب إلى مناطق الـ15% ليصبح من أطفال الشوارع. هذه الكتل البشرية لا تستطيع الدولة أن تدخل التعليم أو الصحة أو النظام أو الأمن فيها. ليس فيها سياسة، والوحيدون القادرون على إقناع هؤلاء بشىء هم الإخوان المسلمون والسلفيون، الإقناع سهل فالحياه التعبانة جداً فى الدنيا ليس لها أهمية والمتع كلها فى الآخرة فهيا بنا ندخل جنة الإخوان ونترك نار مصر أم الدنيا.

الدولة مرعوبة من هؤلاء الـ85% الذين إذا ثاروا وانفجروا فلن يكون لهم مطالب سياسية أو حتى مادية، إنهم سيخرجون للانتقام وهناك مخاطر رهيبة على مصر ومستقبلها إذا حدث هذا.

أعتقد أن حديث الرئيس عن انتشار الجيش فى 6 ساعات هو موجه للـ85% ولكن الرئيس لا يعلم أن مشاكلهم وطريقة حياتهم تجعلهم لا يستمعون إلى خطبه ولا يعرفون عنها شيئاً.

سابعاً: هناك حل وحيد لا غير وهو أن يتصالح الرئيس مع الـ15% ويخرج المحبوسين احتياطياً ويتصالح مع جميع الغاضبين منه من رجال الأعمال الكبار إلى الصغار ومن المهنيين إلى الحرفيين والكتاب والشباب بكافة أطيافه ويتحدث معهم ويتفقوا على بداية ديمقراطية ويتداولوا الأفكار ويسألوا الخبراء كيف نهبط بمعدل النسل ونبدأ فى الابتكار فى حل مشكلة الـ85% ولتكن خطة حقيقية تنفذ على مدى سنوات طويلة.

بصراحة يا سيادة الرئيس لن تستطيع وحدك أو بمساعدة الجيش فقط أن تحل المشكلة بل سوف تتفاقم.

التفكير خارج الصندوق والتفاهم والائتلاف مع كل الـ15% هو الحل الوحيد لإنقاذ مصر.

قم يا مصرى مصر دايماً بتناديك.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى