مستشفى جامعة الزقازيق مثال للإهمال وبوابة العبور إلى الآخرة

editorأكتوبر 31, 2017 - 19:42

4 دقائق

تقرير | هدير هشام

وصف الله تعالى نفسه بالرحمة في كثير من الآيات القرآنية، فقال سبحانه: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ وقال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ وقال سبحانه: ﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾ الرحمة والتى خلقها الله في قلوب العباد على الأرض ، ولكن منا من يستفاد من هذه الصفة ، ومنا من ينزعها من قلبه متعمد ، ونحن لسنا في موقف حساب العباد والحكم عليهم ، ولكن الهدف أننا نكشف تلك الصور التى شاهدناها بالمستشفيات الحكومية بمحافظة الشرقية تلك التى تعج بالإهمال ، وغياب الجانب الإنساني بل ونزع الرحمة في قلوب العاملين ( إلا ما رحم ربي ) .

مشهد مؤسف :

ترتفع نبضات القلوب وتجري عقارب الساعة بسرعة البرق وتكاد الحياة تحسب بالثوانى من أجل إنقاذ مريض عبر باب قسم الطوارئ أو الاستقبال، وما هي إلا دقائق معدودة ليعبر فيها المريض إما من بوابة الحياة لينبض قلبه من جديد بغرفة العناية المركزة، أو يعلن الطيب الجملة التى يتهرب منها الجميع ( البقاء لله ) ، وللأسف الشديد تغلغلت حالة الإهمال داخل المستشفيات الحكومية وخصوصًا أقسام الطوارئ فى قلب وكبد وأجساد المواطنين، إضافة إلى التعامل السيئ وغياب الرقابة الطبية والتنفيذية ، مع نقص صارخ فى الأطباء، والخدمات الطبية التي تلتمس فيها كل العذر للطبيب الذي يعمل في مكان أشبه بسلخانة .

ميزانية الصحة 2017 :

الحقيقة التى لا ننكرها أن الدولة تعيش حالة اقتصادية صعبة يعلمها الجميع ويحفظ كل تفصيلها ، وأن الحكومة الحالية تحاول أن تقدم الإصلاح لهذا الملف الذي يعد ( صداع في رأس المسؤول) ، كما نعلم أن الحكومة تقدمت هذا العام بزيادة ميزانية الصحة حيث وصلت الميزانية فى موازنة 2016 – 2017 إلى 48 مليار جنيه ، تنفق الوزارة منها 27 مليار جنيه على رواتب وحوافز موظفين ، كما تنفق 5 مليار جنيه على تطوير المستشفيات ، ولكن كل هذا لم يسعف المريض الذي لا يملك نفقات العلاج وتخفيف الآلام .

الإهمال هو سيد المشهد :

بكل أسف نعلن أن هذا هو حال الكثير من المستشفيات الحكومية، والتى تشبه أماكن موبوءة تنقل الأمراض ولا ترتقي لعلاج البشر، والسيد فيها هو «الإهمال »، ومنها قسم الطوارئ بمستشفي جامعة الزقازيق الذي يصعب على أي صحفي أن يلتقط فيديو أو صورة تجسد هذا المشهد إلا بصعوبة بسبب الأمن الذي يجاهد من أجل الحافظ على تلك المشاهد المؤسفة داخل جدران القسم .

البداية :

على باب قسم الطوارئ بمستشفى جامعة الزقازيق تكون البداية في نقص الإمكانيات والادوات الطبية، مرورًا بنقص الأدوية، حيث تكون مهمة مرافق المريض في تلك اللحظات الدعاء لله لإنقاذ حياتة قرينه ، وفي نفس الوقت يعمل دليفري بين أقرب صيدلية للمستشفى لشراء الدواء الذي يأمل أن ينقذ به حياة إنسان بين يد الله ويد طبيب الطوارئ ، ويكون الحوار أشبه بمشهد متكرر من فيلم قديم مع كل مريض يعبر باب القسم، حيث يقول الطبيب ( ممكن تشتري لنا الحقنة دي من بره ، ليهرول المرافق قبل نهاية الجملة إلى الشارع لشراء الحقنة ) ذلك في مشهد متكرر .

الفقر :

يقع الفقراء فريسة سهلة للإهمال وعدم الحصول على خدمات طبية تنقذ حياتهم وتقود المواطنين إلى تدهور صحتهم ، عندما تدخل قسم الطوارئ يمكن أن تزيد أمراضك وحالتك النفسية مما تشاهده من تكدس المرضى بالتزامن مع قلة الأطباء.

يعاني المئات من سكان محافظة الشرقية بالكامل من مستشفيات جامعة الزقازيق لأسباب عدة تتلخص في الأهمها وعدم الرعاية في جميع الأقسام علاوة على ذلك نقض الأطباء وإصابة العاملين بها بالتبلد و عدم الإهتمام بالمريض الذي يقع تحت رحمتهم، لعدم قدرته على العلاج في المراكز والمستشفيات الخاصة وعدم مراعاة حالتهم الصحية .

عايز أعيش :

الهدف من الذهاب إلى المستشفى أن يعامل المريض معاملة آدمية ، ولكن الحقيقة تتجسد في تدنئ الخدمات التى تقدم للمرضى ، فهناك مظاهر الإهمال يستطيع أى وافد أو مسؤول رؤيتها ولا حاجة لهذا التقرير لكشفها في العيادات ودورات المياة الغير أدمية حيث تفوح منها روائح كريها وكذالك أنتشار القمامة التي تحيط في معظم جوانب المستشفى مما يسبب في إنتشار الحشرات والأوبئة .

رصدت «الشرقية تودي» تلك المعاناة وحاورت بعض المرضى الذين يعانون من الإهمال في قسم الاستقبال بمستشفي جامعة الزقازيق والذين انفجروا بالحديث بمجرد معرفتهم أننا صحفيون .

صرخات المرضى :

( كل يوم باجي بدري علشان أخد العلاج من الصبح بدري والدكتور مبيجيش غير بعد الساعة واحدة ) بهذه الكلمات بدأ عم «محمد أنور» الذي يبلغ من العمر 74 عاماً واصفًا معاناته مع المستشفى قائلاً: أنا بأفضل مستنيه فوق الـ 5 ساعات ده يرضي مين» .

وعلي جانب آخر تتألم «فوزية سليم»من حصوات الكلى ويقول ابنها أنه يحضر بوالدته إلى المستشفى الحكومي لعدم قدرته على الذهاب إلى العيادات الخاصة لارتفاع أسعار الكشف وهو ما لا يملكه قائلا: ً«إحنا فقرأ يابنتي ومفيش حد بيسمعنا» وأضاف أنه يتحمل سوء المعاملة من الأطباء فهو مجبر على ذالك بسبب حالتهم المعيشية البسيطة.

أما عن «إصلاح حسني » التىتبلغ من العمر 45 سنة ، تشكو من سوء معاملة بعض الممرضات والعاملين بالمستشفي، التي ظنت أنها ستجد الراحة والعلاج بعد تعرضها لحادث أدى إلى كسر في قدميها، ولكن حدث عكس ما كانت تتوقع فالإهمال وسوء المعاملة أصبح يسيطر، أكتفى الطبيب المعلاج بسماع مما تشكوا منه فقط مختتمة معاناتها بـ «حسبي الله ونعمة الوكيل» .

واختتم آخر كلامه مطالباً بمعاملتهم كمواطنون لهم حقوق عند الدولة وأبسطها توفير العلاج والعناية بهم في المستشفي .

أصبح السؤال الذي يتردد ما هو الحل بالنسبة للمواطن البسيط الذي لا يمتلك أموال ليتعالج في المراكز والمستشفيات الخاصة، هل ستظل مستوى الخدمة والإهمال متزايد في مستشفيات جامعة الزقازيق أم سيستجيب وزير الصحة ورئيس الجامعة بتحسين الخدمة ورعاية المرضى من أجل علاج الجراح وتسكين الآلام وإنقاذ الفقراء من الموت ؟.