أعمدة

نجيب ساويرس | يكتب: ماذا لو كان لدي الرئيس معلومات لا نعرفها

نجيب ساويرس
التقيت بالبابا شنودة رحمه الله في لقاء خاص عقب حملة شديدة ومظاهرات لرعية كنيسة قرر البابا نقل الكاهن بها إلي مكان اخر.. فتظاهر رعية الكنيسة وطالبوا بإلغاء القرار ووصل الأمر إلي التطاول والإساءة علي قداسة البابا.. وظل البابا علي موقفه دون أن يرد أو يتراجع عن القرار.. فسألت البابا: يا سيدنا لماذا لا ترد علي الناس أو تجيبهم إلي طلبهم وتخلص من الشوشرة والضجة؟ فقال لي : ليس كل ما يعرف يقال.. هل تريدني أن أقول للناس ما الذي كان هذا الكاهن يفعله.. فتهتز صورة الكنيسة ويهتز إيمان الناس؟ أفضل أن أتحمل كل هذا وآخذه علي نفسي ولا تتأثر الكنيسة.. فالناس تحكم وهي لا تملك كل المعلومات وأنا لا أستطيع أن اصرح بها!
تذكرت هذه القصة عندما أثيرت الضجة حول قضية الجزيرتين تيران وصنافير.. وتعرض الرئيس لحملة غير مسبوقة من الهجوم..
ان قناعتي هي أنه لا يمكن لرجل عسكري وضع حياته علي كفه عندما استجاب إلي شعبه في ٣٠ يونية أن يفرط في ملليمتر واحد من أرض مصر! إحساسي ايضا أن الرئيس لا بد أنه قد اتخذ هذا القرار بعد أن تأكد من الحقائق التاريخية ومن ملكية هذه الجزر وأنه لديه من الأسباب المعروفة والمعلنة وأيضا غير المعلنة أي التي لا يمكن البوح بها والتي تستوجب هذا الإجراء علي غرار قصة البابا شنودة! والله أعلم لكن هذا إحساسي فلقد وضعنا ثقتنا فيه ولن نأتي الآن لنخونه!
قناعتي أيضا انه كان هناك قراران اأحلاهما مر.. فما بين رفض إعادة الجزر او اعادتها فلكل قرار منهما حساباته من المنظور الوطني والسياسي والاقتصادي يتبعه خسائر ما مع اختلاف نوعيتها وحجمها بالنسبة لكل قرار.. أي انه لا يوجد قرار رابح بل القراران لهما خسائرهما المحتومة!.. ولذلك فان علي كل من يرفع الراية ويؤجج النقاش ويبعده عن الهدوء والتعقل ان يضع نفسه في مكان صاحب القرار الذي يتحمل التبعات ليجنب الوطن تبعات اشد!.. فما أسهل النقد وما أصعب القرار!
قناعتي أيضا أن علاقتنا مع المملكة السعودية والإمارات علاقة استراتيجية في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة وبالتالي فتناولنا لهذه القضية يجب أن يكون بحرص واحترام مراعاة لحساسية الموقف وتقديرا لمواقف المملكة ودعمها الدائم في وقت الشدائد.
و أخيرا: قناعتي أننا كشعب ودولة لن نقبل أن نحتفظ بما ليس لنا لو ثبت عدم ملكيتنا لأننا دولة وشعب محترم!
الكرة الآن في ملعب البرلمان الذي نرجو أن يشكل لجنة من القانونيين والمؤرخين والمتخصصين في القانون الدولي والتاريخ والجغرافيا وترسيم الحدود البحرية يتقدم اليها الجميع بمستنداتهم لتحسم الامر. وعلي البرلمان ان يناقش هذه القضية من كافة جوانبها وبالمنطق أعلاه..بكل هدوء وتعقل ودون مزايدات نحن في غني عنها ودون مساس بالعلاقات المصرية السعودية وهي علاقات مصيرية خاصة في الظروف التي تمر بها المنطقة حاليا..المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى