مقالات القراء

هدير هشام| تكتب: سوق التلات بالزقازيق بين الزحام وسبيل الغلابة

هشام

 

انتشرت في الشوارع المصرية وفي غالبية المحافظات منذ فترة ليس ببعيدة ظاهرة الباعة الجائلين والأسواق العشوائية، فبعد أن كانت الأسواق هي المتنافس الطبيعي لحركة البيع والشراء وتداول السلع وتقديم خدمة لجمهور المستهلكين لشراء احتياجاتهم إلا في الآونة الأخيرة انتشرت الأسواق العشوائية بالشوارع والميادين ومحطات السكك الحديدية بكل محافظات الجمهورية.

وتعد محافظة الشرقية واحدة من تلك المحافظات التي تحتوي على الأسواق العشوائية، فبها سوق الثلاثاء المعروف بالعامية «سوق التلات» الذي اكتسب اسمه من موعد انعقاده وأهميته من تنوع البضائع التي تعرض للبيع أمام محطة قطار الزقازيق وفى محيط منطقة الحلزونة ومقابر المبرز وعدد من الشوارع والحواري المتفرعة من شارع فاروق بدائرة حي أول الزقازيق .

حيث يقام  «سوق الثلاثاء» على مساحة كبيرة يفترش بداخلها الكثير من الباعة المتجولين على فرش مختلفة ،يأتون إليه من جميع نطاق محافظة الشرقية لبيع بضائعهم العادية التى تتوافر فى أي سوق  إلى جانب السلع المسروقة التي يقوم بعض التجار بعرضها للبيع بأسعار زهيدة.

حقاً فذلك السوق يعد من شر بقاع الأرض لما فيها من كذب وغش وتطفيف للموازين وحلف بيمين غموس بالإضافة إلى السرقة للمشترين وغيرها من أعمال التضليل .

وفى جولة لي بداخله فأجد أنها الحياة اليومية التي نتشارك فيها مع الآخرين حينما يقود الرجل سيارته فينغمس وسط الزحام وحينما تسير المرأة في الشارع فتتعرض لمضايقة النساء والفتيات أو السرقة وعندما نشترى ما نحتاجه فنكتشف أننا ضحية للغش التجاري .

فيتواجد كل شئ «من الإبرة للصاروخ» في «سوق الثلاثاء» لذا يقصده الناس لشراء مستلزماتهم من مأكل ومشرب وحلوة وملبس وأحذية بمقصد الحلال وعدم الغش في الميزان .

ولكن بعضهم يقع بغير مقصد لشراء المستلزمات من هؤلاء اللصوص الذين يفترشون الأرض لترويج بضائعهم المسروقة دون تستُر وبيعها بأسعار منخفضة للغاية .

فظاهرة العشوائية ليست مقتصرة فقط على الباعة الجائلون الذين ساهموا في انتشارها والزحام من خلال اشغال هؤلاء للطرق بالشكل الذي بات فيه من الصعب في بعض المناطق مرور الأشخاص بسياراتهم بل وفي بعض الأحيان تُغلق بعض الطرق ولايمكن المرور فيها.

ولكن استكمالاً لأزمة العشوائية والأزدحام فأجد أن «الميكروباص» مساهماً أيضاً في تلك الكارثة بسبب الخلافات الدائمة بين سائقي الميكروباص «لتحميل الركاب» والمشاجرات المستمرة التي قد تصل فى بعض الأحيان إلى سقوط ضحايا وإصابات.

بالإضافة إلي التكاتك التي تسير في الإتجاهات المخالفة للطريق والقيادة العشوائية للعاملين عليها باعتبارها أسهل وسيلة للتنقل ،مما جعل تلك المنطقة كأنها «قنبلة موقوتة» حتماً ما ستنفجر في قلب مدينة الزقازيق .

ولكن السؤال هنا :هل هؤلاء الباعة هبطوا من كوكب آخر أو أنهم قوة احتلال أو غزو خارجى، أم هم مواطنون مصريون اضطرتهم ظروفهم المعيشية إلى مثل هذا الاختيار؟؟

فأجد أن الإجابة هى بالتأكيد الثانية، فهؤلاء نتاج سياسات خاطئة لن تحلها الحملات الأمنية على أماكن تجمعهم، حتى بدت كأنها نوع من الفتوحات الحربية التى لن تحل بأى صورة تلك المشكلة.

وأرى أن السبب وراء وجود وانتشار تلك الظاهرة فأكثر من 60% من الشعب المصري يقع تحت خط الفقر وأغلبهم من الباعة الجائلين الذين يسعون إلي الكسب الحلال بدلاً من التسول أو السرقة ،حيث يعاني الشباب الراغب في الحصول على فرص عمل من صعوبات إدارية «عقيمة» الأمر الذي يشكل بالنسبة لهم معوقات مادية، مما قد يدفعهم للعمل كبائع متجول.

ومن رأي  أجد أن الخطوة الأولى للقضاء على تلك الظاهرة أن يجتمع الوزراء مع المحافظين لاختيار أماكن محددة لهؤلاء الباعة ، وبعدها ستصبح مواجهة المخالفين أمنياً وقانونياً مشروعة ومبررة تماماً.

 

زر الذهاب إلى الأعلى