والد شهيد الواجب بالشرقية: مستعد للتضحية بابني التاني
تقرير | أحمد سمير ، أسماء الهادي
ألم تكفل بالمهمة، وجرح نازف يعبر عن نفسه، مجرد يوم عادي داخل القرية الهادئة والمترامية أطرافها قرية الحلوات التابعة لمدينة الإبراهيمية يبدو الحزن واضحاً، يلف الحي ويمهد الطريق وصولاً لبيت خيم عليه سواد لا ينقطع، مع اقتراب الصباح بدأت المآساة، صباح نعق فيه الغراب ليملأ صوته جنبات البيت، ريح حاملة قبضة قلب لأم لاتدري ماذا يحدث لها ليذرف دمعها دون مقدمات وكأنها لم تصدق، تزداد قبضة قلبها، تخرج الأم من وراء السواد الذي يملأ المنزل وجنباته وأهله أعين محدقة ولهيب يحرق قلوبهم، لتسقط الأم على الأرض مغشيًا عليها إثر سماعها الخبر.
«البقاء لله توفى إلى رحمة الله فقيد قرية الحلوات الشهيد محمد فتحي عطية» هكذا دوى الخبر المفجع لأسرة لا حول لها ولا قوة، دموع لا تجف على دماء لم تبخل يوماً على أمن الوطن وسلامته، ويصبح الحمد والشكر والاستسلام لقضاء الله وقدره، هذا هو حال أهل شهيد قرية الحلوات المجند «محمد فتحي أمين عطية» 22 عامًا والذي استشهد في الحادث الإرهابي بمنطقة القواديس بشمال سيناء، حاصل على الشهادة الإبتدائية الأزهرية والتحق بالخدمة العسكرية منذ عاميين وتم توزيعه لأداء واجبه الوطني بشمال سيناء، شجاعًا ولم يخش شيئًا غير الله ولم يسعى للإنتقال من موقعه كما كان يريد أهله خوفًا عليه.
وجدير بالذكر أن المتحدث العسكري للقوات المسلحة قد أصدر بيانه بنجاح قوات إنفاذ القانون بالتصدى لمحاولة إرهابية فاشلة لإستهداف نقاط تأمين بمنطقة القواديس، والتي أسفرت عن مقتل 24 فرد إرهابي وإصابة فرد آخر وتدمير عربتان دفع رباعي تستخدمها العناصر الإرهابية وقد إستشهد 6 أفراد من بينهما الشهيد محمد فتحي ابن قرية الحلوات، كما أعرب محافظ الشرقية عن بالغ تعازيه ومواساته لأسرة ضحية الواجب الوطني، مؤكداً على أن دماء الشهداء من أبناء الوطن لن تضيع هباءاً وأن تلك الحوادث الإرهابية لن تزيدنا إلا إصراراً وعزيمة على ملاحقة الإرهاب وإستئصاله من جذوره لاستعادة الأمن و الاستقرار وبناء مصر الجديدة التي نحلم بها.
نزل الخبر كالصاعقة على أهل الشهيد الأم لم تتمكن من الكلام وأصابتها حالة من الإعياء الشديد، أما الأب لازم الترديد «كان صحبي مكنش أبني.. ضهري أتكسر» بهذه الكلمات تحدث والده «فتحي عطية» 62 عامًا عامل بمخبر بمدينة الإبراهيمية، لافتًا أنه أبنه طلب الشهادة «كان بيقول لي ياريت استشهد» قائلا: أنا جالي الخبر 6 الصبح مكنتش مصدق بس العوض على الله، لو جبتولي الدنيا كلها مش هلاقي فى طيبته، كان بيجري علينا.
واستكمل: «لو أبني التاني جاله استدعاء من الجيش مستعد للتضحية بيه».
«ابني عاش راجل ومات راجل» رددت «جمالات موسى حسن» ربة منزل 55 عاماً، والدة الشهيد هذه الكلمات ودموعها تزرف « لحظات صعبة قوي يارب محدش يشوفها.. مكنش بيقولي إلا ست الحبايب أنا موجود عشان رحتك».
استطرد الوالد:« أعمل أيه العياط مبيجبش نتيجة لو أنا اللي مت والدته مكنتش هتزعل عليا كده.. دا حته منها حسبي الله ونعم الوكيل.. كان أمله في حياته أنه يأمن مستقبلنا».
وأضاف عم الشهيد قائلًا: «كنا بنتحيل عليه نجيبله واسطة وننقله من العريش بس كان بيرفض».
«كان فرحتنا كلنا» بهذه الكلمات عبر «عادل فتحي» 25 سنة، شقيق الشهيد عن حزنه الشديد قائلاً: «كان صحبي مش أخويا أنا مش هلاقي أخ زيه هو اللي بيصرف على البيت مكنش مخلينا محتاجين حاجة».
أما زملائه فقالوا إن هذه الأعمال الإرهابية لن تنال من عزيمتنا بل تزيدنا إصرارا وقوة على مواصلة الكفاح والقضاء على البؤر الإجرامية والإرهابية، مؤكدين أنه كان طيب القلب وأنهم سيقتصون لزميلهم.
فيما طالب أهل الشهيد من محافظ الشرقية والمسئولين بالقوات المسلحة بالنظر إلى حالهم، وقال الوالد «أنا طالب سكن ليا أنا وعيالي ووظيفة ولابني التاني يشتغل ويصرف علينا ومش محتاج أكتر من كده، ولا مال الدنيا يغنيني عن ابني الشهيد».