مقالات

ياسر أيوب | يكتب : في وداع دورة أوليمبية

ياسر أيوب

أسدل العالم الستار أمس على دورة ريو دى جانيرو الأوليمبية بكل ما كان فيها من حكايات ومفاجآت وانتصارات وميداليات ودموع وانكسارات.. وفى الوقت الذى بدأ فيه العالم حولنا يراجع حساباته الرياضية بعد تلك الدورة استعدادا للذهاب إلى طوكيو فى دورتها التالية بعد أربعة أعوام.. بدأنا نحن فى مصر نمارس هذا الوداع الأوليمبى على طريقتنا الخاصة المميزة.. طريقة ليس فيها أى تغيير أو حتى محاولة للتجديد والخيال والإبداع وشجاعة المواجهة وجرأة البحث عن الحقيقة.. فعلى سبيل المثال لا يزال ينصب كل اهتمامنا على لاعبينا ولاعباتنا الذين عادوا من ريو بدون ميداليات.. وفى خلفية المشهد الغاضب أبطالنا الثلاثة الذين فازوا بميداليات برونزية دون أن ننسى الإشارة إلى وقوفهم بجوار الرئيس السيسى فى تلميح معتاد ومتكرر إلى أن رعاية أى رئيس هى دائما مفتاح الفوز لأى بطل.. وبدأ تكثيف الجهد الجماعى فى مهاجمة وزير الرياضة ورئيس اللجنة الأوليمبية ورؤساء الاتحادات الرياضية ومسؤوليها.. ولا أحد يعرف على وجه الدقة ما هى علاقة الوزير ومسؤوليته عما جرى فى ريو وهؤلاء الذين لم يفوزوا بميداليات هناك.. فكل الذى قام به وزير الرياضة هو تقديم المال الحكومى للجنة الأوليمبية واتحاداتها استعدادا لريو.

ولم يثبت فى أى وقت تدخل فنى للوزير فى اختيار لاعب أو لاعبة أو أى أمور فنية أخرى.. فلماذا الإصرار على مهاجمة الوزير لأن الميداليات التى حلمنا بها فى ريو لم تأت للقاهرة.. أم هى عادة قديمة ودائمة ورغبة غير معلنة فى أن يبقى وزير الرياضة فى أذهاننا هو المسؤول الأول مهما كتبنا وصرخنا وطالبنا باستقلال الرياضة وتحريرها من قبضة الحكومة.. كما أن كثيرين من زملائى الإعلاميين يدينون أنفسهم دون قصد حين يهاجمون الآن الإخفاق الأوليمبى ويتحدثون عن لاعبين لم يفوزوا بميداليات مع أن نفس هؤلاء الزملاء سبق لهم أن احتفلوا بتأهل هؤلاء اللاعبين وصدقوا أولا ثم أعلنوا ثانيا عن أحلام الميداليات وتوقعاتها دون مراجعة للنتائج والقياسات والأرقام الأوليمبية والعالمية.

وفى كل الأحوال لن نجد أى رؤية حقيقية لما جرى فى ريو وما هى الحسابات التى تغيرت والجديد الذى أضافته علوم التدريب واللياقة والحركة والطب والتغذية وإمكانية تطبيق هذا الجديد هنا فى مصر استعدادا لطوكيو وكل ما قبلها من سباقات وبطولات.. لم ولن يشغلنا أى من ذلك.. فالمهم أن هناك خسارة ومن الضرورى البحث عن أى رءوس لتعليقها فوق مشانق إحباطنا وغضبنا.. وليس من المهم على الإطلاق أن نبحث عن أى سبب حقيقى وأن نلتفت حولنا وندرس تجارب غيرنا الذين نجحوا وتقدموا.. ليس من المهم أيضا توجيه أى سؤال لأساتذتنا فى كليات التربية الرياضية ومتى يمكنهم المساعدة فى استشراف تجارب العالم الرياضية الناجحة.. أو السؤال عن الأساليب التى تدار بها اللجان الأوليمبية الناجحة فى عالمنا.. أرى ذلك كله أهم من مناقشات مكررة حول قانون قديم وجديد للرياضة وأهم من ذبح أو شنق أى أحد بشرط أن نكون بالفعل نريد التغيير والإصلاح.

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى