مقالات

سامح المصري | يكتب : 3 مشاهد توصف المرور بالزقازيق‏

FB_IMG_1460225699964

الخطوات الأولى لتقدم أى شعب من شعوب العالم الثالث تبدأ بتطوير، التعليم، والصحة، والاقتصاد، والديمقراطية، والنظام، وكلمة «النظام» هنا تعد من الكلمات التي لها معنيين، أو مفهومين، المعنى الأول والدارج والأقرب إلى مفهوم العامة  هو «النظام السياسي» الذي يحكم الدولة، وهذا بالفعل معنى حقيقي لتلك الكلمة، والمعني الثاني هو تطبيق منهج النظام في تعاملات الشعب المستهدف في الحياة اليومية وهذا ما اقصده، والنظام يعد هو الركيزة الأساسية للتقدم في التعليم، والصحة، والاقتصاد، وأيضا النجاح في تطبيق الديمقراطية، وذلك للوصول إلى الرفاهية.

 

ومن المستهدفات الهامة التي تحتاج إلى تطبيق نظرية« النظام» .. أول شيء الطرق العامة، وأيضا الشوارع الداخلية بالمدن المزدحمة بالسكان، وفضلت في هذا المقال أن استخدم مدينة الزقازيق للتشبيه، حيث أنها تشهد عشوائية عامة في كل شيء سواءً في السير عبر الطرق العامة، أو الشوارع الداخلية بالمدينة، وطبقًا لإحصائيات الجهاز المركزي بالشرقية أن مدينة الزقازيق تحتل مركز متقدم في الازدحام بالسكان، وأوضح تقرير الجهاز أنها تعد من أعلى مدن العالم ازدحام بالسكان طبقًا لمساحة المدينة التي يشغل منها السكان نسبة 97% فيما وصل عدد سكان المدينة إلى مليون نسمة تقريبًا، هذا بالإضافة إلى الوافدين والمستفيدين من المدينة على مدار اليوم مثل طلاب الجامعات، والوافدين على المستشفيات، والمصالح الحكومية، والمتنزهات رغم الفقر الواضح في هذا الجانب، وهذا يضعنا في أزمة مرورية طاحنة يشعر بها جميع سكان المدينة والمستفيدين منها.

 ورغم تقديم بعد الحلول التي تهدف إلى حل مشكلة المرور بالمدينة، إلا أن تلك المشكلة مازالت قائمة حتى الوقت الذي اكتب فيه هذا المقال، حيث انه تم إنشاء ثلاث كباري علوية لحل الاختناق المروري بالمدينة، ومنها الكوبري الجديد الذي تم افتتاحه عام 2002 في عصر رئيس الوزراء السابق عاطف عبيد، وأيضا كوبري عبدالعزيز رضون الذي تم إنشائه عام 2015 في عهد المحافظ الأسبق الدكتور سعيد عبدالعزيز، هذا بالإضافة إلى توسيع نفق أبو الريش الذي ساعد على تسهيل الدخول والخروج إلى المدينة بعد إن كانت تعاني تلك المنطقة من ازدحام مروري طاحن، وأخيرًا افتتاح كبرى الصدر في شهر فبراير الماضي، أيضا كان هناك بعض الاجتهادات الفرعية من المحافظين السابقين لحل الأزمة ومنها بعض التوسيعات التي تمت بالشوارع الرئيسية، أيضا نقل جميع المواقف خارج المدينة، ولكن للأسف كانت تلك الحلول مجرد مسكنات، رغم التكلفة المادية المرتفعة التي تم إنفاقها على تلك المشروعات، وذلك لعدم تطبيق الحل الجزري للقضاء على تلك المشكلة من خلال منهج أو منظومة ” النظام العام “.

منذ 15 يوم تقريبًا دعيت لحضور اجتماع، كان قد دعا إليه محافظ الشرقية اللواء «خالد سعيد »وكان برفقتي عدد من الزملاء الإعلاميين والصحفيين، وبعد أن دار الحوار حول المشكلات العامة التي تعانى منها المحافظة بشكل عام ومدينة الزقازيق بشكل خاص، قال المحافظ وقتها إن مدينة الزقازيق تشهد سيولة مرورية هذه الأيام بشكل ملحوظة، وذلك بعد التعديلات والتغيرات التي  أجراها مدير أمن الشرقية داخل إدارة المرور،  حيث تم تغيير بعض الضباط ، ووصل الأمر إلى تغيير مدير إدارة المرور اللواء السيد ندا ، وقتها أعلنت اعتراضي على حديث المحافظ وقلت له ” يا فندم هذا الكلام غير صحيح ” حيث أن المواطن لم يشعر بهذا التغيير حتى الآن، والشارع المزدحم على مدار اليوم يبرهن شهادتي.

 

 ولكن في حقيقة الأمر ومنذ أسبوع بالتحديد تعمدت أن أتجول في المدينة من خلال المواصلات العامة، وأيضا من خلال سيارتي الخاصة لكي احكم على حديث المحافظ بشكل عملي، كانت أول نتيجة قد وصلت إليها مع بداية الجولة، بعد عبوري من شارع وادي النيل إلى بداية طريق منيا القمح في دقيقتين فقط، وذلك عن طريق كوبرى الصدر الجديد، وهذا يعد تطور بالفعل حيث أنني كنت استغرق ما يقارب من 30 دقيقة وفي بعض الأوقات 60 دقيقة للخروج من المدينة.

 وأيضا كانت لي جولة في وسط المدينة التي كنت أشاهد الازدحام بها على مدار اليوم، ولاحظت أن هناك انتشار مروري مكثف، ووجدت أكثر من سيارة في “كلابش” المرور بسبب مخالفة الانتظار في صف ثاني، وكانت هناك سيولة مرورية ملحوظة.

 تجولت أيضا بالشوارع الرئيسية بمنطقة القومية، أيضا لاحظت وجود لرجال المرور بشكل مكثف بالتحديد أمام مستشفى صلاح سالم، ومطعم مؤمن، ومطعم طأطأ، حيث انه كانت تلك الأماكن يوجد بها اختناق مروري في المساء بالتحديد بشكل دائم.

 واليوم استكملت الجولة وذلك للحكم على المشهد بشكل عام، وللكشف عن صحة حديث المحافظ معي، فتوجهت إلي منطقة القنطرة الساعة 9 صباحاً، حيث أنى كان لدي صورة رأيتها أكثر من مرة عن تلك المنطقة المزدحمة على مدار اليوم بسبب سيارات موقف بنايوس المتمركزة أعلى كوبري القنطرة، وأيضا سير التوك توك بشكل عشوائي، هذا بالإضافة إلى السير عكس الاتجاه، وعدم وجود رجال المرور، ووجدت إن المشكلة مازالت قائمة، وذلك بسبب العشوائية وعدم النظام، وكان محافظ الشرقية في حوار سابق قال لي انه قام بتخصيص مبلغ مالي لإنشاء كوبري موازي للقنطرة وذلك لحل المشكلة، ولكن من وجهت نظري المتواضعة أرى أن الحل يتلخص في تفعيل النظام فقط وضبط سير التوك توك بالتحديد لأنه هو السبب الرئيسي في تلك الأزمة، واقترح أن يعيش المحافظ ومعه ثلاثة من رجال المرور بتلك المنطقة 24 ساعة وفرض النظام على الجميع، بدون تكلفة زائدة ، ليستطيع القياس والتحديد، إن كانت تلك المنطقة تحتاج إلى ضخ أموال جديدة للتوسيع ، أم الأمر يحتاج فقط  إلى تفعيل ثقافة النظام.

 بعدها قمت بالمرور بمنطقة كوبري أبو عميرة ، أيضا وجدت هناك ازدحام مروري طاحن وذلك، بالإضافة إلى شارع فاروق، ومزلقان الحسينية وذلك بسبب عشوائية السير وعدم التوجد لرجال المرور أيضا بتلك المنطقة.

 بعدها توجهت إلى مكتبي الواقع بميدان القومية، وأثناء المرور بشارع طريق موقف المنصورة وبالتحديد بعد شارع أبو نظارة، وجدت أيضا انتشار مكثف لرجال المرور حيث يوجد هناك شرطي يقف على كل دوران بالشارع، وفي الحقيقة هناك سيولة ملحوظة، ولكن وأنا في الطريق حدث ثلاث مشاهد، المشهد الأول بعد أن اقتربتُ من أحد رجال المرور وقالت له ” انتم عملين شغل هايل ” ولكن لو تم توسيع التواجد والانتشار بمنطقة ” القنطرة، وابو عميرة، وشارع فاروق، والحسينية ” الناس بعدها ستوجه لكم الشكرعلى هذا المجهود الرائع،  قال لي: أن المشكلة بتلك الأماكن تنحصر في ” زيادة عدد التكاتك والسير العشوائي، وعدم احترام الطريق.

 أما عن المشهد الثاني: كان في ميدان القومية، بعد أن وصلت إشارة المرور وكانت الإشارة وقتها حمراء وجميع السيارات التي سبقتني لم تلتزم بالإشارة لأجد نفسى السيارة رقم (1) التي تقف بالإشارة ، وبعد أن قمت بالانتظار سمعت كلاكس سيارة بصوت عالي، وقتها تخيلت أنى قد فعلت جريمة، ونظرت إلى الإشارة وجدتها مازالت حمراء، وبعدها نظرت إليه وقلت .. ” نعم يا فندم ” قال لي.. أمشى يا بيه الشارع مفتوح، قلت له ولكن الإشارة حمراء، فقام بالنظر لي بنظرة من نظرات الشهيرة للفنان “محمود المليجي” في أفلام الشر، بعدها تركته يكمل المشهد وحيدًا، وبعد أن فتحت الإشارة قمت بالعبور لكي أكمل طريقي حيث أن مقر عملي يبعد ما يقارب من 50 متر من الميدان.

 المشهد الثالث: كان أسفل الإشارة الموازية لي، حيث أن تلك الإشارة بها ممارين الممر الأول من اتجاه كافيه السكرية، والممر الثاني اتجاه مطعم  طأطأ، وكانت هناك سيارة شورفليه حمراء في الغالب تعمل تاكسي، قامة من اتجاه السكرية يريد العبور إلى اتجاه مطعم زيزينيا ، وهذا مخالف تماما لأنه في هذه الحالة سيصطدم مع القادم من الاتجاه الموازي، ومن الطبيعي أن تحدث الكارثة، وبالفعل كان هناك شاب يسير بموتوسيكل هو الآخر في نفس الاتجاه ويريد العبور من المخالف، وحدث التصادم لينزلق بعدها الموتوسيكل أسفل السيارة، وكل هذا لم يكن هناك أي وجود لرجال المرور في هذا الوقت، حيث أنهم يتواجدون في المساء فقط، وفى الحقيقة أنا من الذين ينتقدون إدارة المرور في الوقوف بالإشارات المميكنة، ومن وجهت نظري انه لا داعي لتواجد رجل المرور بالإشارة المميكنة، وإن كانت إدارة المرور مشكورة قد وضعت إشارة مرور لضبط السير بتلك المنطقة علينا نحن ” المواطنين ” بالالتزام بقواعد المرور.

 نعود من جديد إلى المشهد، بعد مخالفة قانون المرور كان من الطبيعي أن تتعطل الإشارة الخضراء التي كنت اعبر منها، ولكن الملفت في هذا الموضوع تلك المشاجرة بين سائق السيارة وسائق الموتوسيكل حيث جسدوا مشهد يشابه تلك المشاهد التي تنتجها شركة السبكي للأفلام السينمائية.

 وبعد تدخل العقلاء تم فتح الطريق ووصلت بحمد الله إلى مكتبي وبعد تناول قليل من الماء البارد، والاستجمام في التكييف تذكرت قصة قالها الدكتور «عمرو خالد» عام 2014 في برنامج بسمة أمل، تحت عنوان المرور في الهند، والتي  قال فيها انه كان في زيارة إلى الهند لمدة 5 أيام ، ولكن كان متخيل انه سيعاني من الازدحام المروري وذلك بسبب أن الهند يبلغ تعداد سكانها مليار و250 مليون تقريبًا، وأضاف انه كان ازدحام شديد بالتحديد في “نيودلهي” عاصمة الهند، وهذا بالمقارنة بالقاهرة التي تبلع تعداد سكانها 27 مليون.

 وأضاف: انه اكتشف في أول يوم سيولة مرورية بالشوارع، ولم يقف في إشارة مرور لفترة طويلة مثلما يحدث بالقاهرة ، وفقال: توقعت أن يكون اليوم إجازة، ولكن تكرر الأمر في اليوم الثاني والثالث والرابع والخامس، بنفس السيولة المرورية، وقبل مغادرتي للهند  حاولت أن أعرف السبب الحقيقي والكشف عن تساؤل يدور بداخل، وقلت كيف أن تكون الهند بهذا التعداد السكاني الرهيب، ولا يوجد بها أزمات مرورية، وبعد أن وجت السؤال إلى أكثر من شخص كانت الإجابة، الفاصلة : أن الحكومة الهندية حددت وقت موحد لدخول وخروج المدارس، وأيضا تحديد وقت محدد لدخول وخروج الموظفين العاملين بالدولة، هذا بالإضافة إلى تطبيق سستم موحد لجميع المصالح الحكومية عبر الإنترنت، وأيضا إنشاء أسواق عامة في أماكن موحدة، هذا بالإضافة إلى تطبيق صارم للقانون.

 أتذكر منذ ثلاث شهور أنى قد سردت تلك القصة إلى محافظ الشرقية الحالي وكان رده بأني احلم بالمثالية التي من المستحيل تنفيذها في الوقت الحالي، وبعدها قولت نفس القصة إلى اللواء السيد ندا مدير إدارة المرور السابق، وذلك لتنفيذ هذا النظام بالزقازيق، ولكن كانت الإجابة بيروقراطية بحتة، ولكن تمسكت بالفكرة لم يصبني اليأس، وقررت توصيل تلك القصة إلى نواب البرلمان بالزقازيق ومنهم النائب الدكتور ” خالد العراقي، والنائب اللواء هاني دري أباظة، ولكن أيضا لا جديد، بعدها قمت بعرض تلك الفكرة على رئيس مدينة الزقازيق الأستاذ على الصناديلي، ولكن أيضا لا جديد، وبعدها توجست استكمال المشوار مع التنفيذيين بالدولة لكي لا اتهم بعدها بالجنون،  ويبدو أننا سنعيش في إلا جديد إلى فترة طويلة بفضل تجاهل تطبيق منهج “النظام”.

أحمد الدويري

كاتب صحفي منذ عام 2011 ، أكتب جميع أنواع قوالب الصحافة، تعلمت الكتابة بشكل جيد جدًا من خلال موقع الشرقية توداي الذي انضممت له منذ عام 2012 وحتى الآن
زر الذهاب إلى الأعلى