أخبار العالم

مقالات واّراء | مبروك أخي في الله.. نجح مرشح الإخوان‬

سمير

«إنت مصدق استطلاعات الفيس بوك»

قالها صديقي عضو جماعة الإخوان بثقة وأضاف: «مصر ليست الجامعات ولا شباب الفيس بوك.. مرشحنا موجود على الأرض.. لأننا نحن على الأرض.. سنتخطى الجميع وندخل إعاده مع موسى.. وننتصر».

أصدقه وأعلم قدرة الإخوان على تحقيق مفاجأة، فشعبية الجماعة أكبر مما تبدو عليه على تويتر والفيس بوك.

الإخوان كأفراد شخصيات محبوبة وخدومة، والناس تنتخبهم أكثر مما تنتخب مرشحهم، فالإخوان يبذلون، والأهم من ثمن اليافطة الوقت والجهد الذي يبذل لتعليقها.

الإخوان حصلوا في الشورى على 2.7 مليون صوت، هؤلاء الأصوات شبه مضمونة، وإذا أضيف إليهم مجموعات متدينة ترى مرشحهم «الأحوط دينيًا» فربما يصلوا لـ4 مليون صوت بسهوله، ولأن عضو الإخوان لا يكتفي بدعم مرشحه إلكترونيًا ويبذل وقته وجهده لإقناع الناس حتى آخر لحظة بينما غيره يولول من منازلهم فربما يصلوا يوم الانتخاب نفسه إلى 5 مليون صوت كحد أدنى.

وفي ظل تراجع الدوافع القبلية في الرئاسة وانحسار الاستقطاب الديني بعد استبعاد حازم وعدم كشف الكنيسة عن مرشح لها فربما ينحسر حجم المصوتين عن عددهم في انتخابات الشعب، ليمثل الرقم ما يفوق الـ20% من أصوات الناخبين، وهي نسبة كبيرة، وفي ظل التفتيت ربما تمكنهم من الوصول للإعادة.

لكن لحظة.. ذلك لا يعني أن استطلاعات الإنترنت لا قيمة لها.

مرسي يخسر استطلاعات الإنترنت بشكل مهين، وهو ما يعني خسارة الإخوان للطبقة الوسطى والشباب الجامعي الذين يملكون الدخول على الإنترنت والتصويت في استفتاءات المواقع الإلكترونية.

وهكذا.. فالجماعة التي قوامها الشباب ستعتمد على أصوات كبار السن، وأعضاء الإخوان أبناء الطبقة الوسطى سينتظرون أصوات الطبقة الأدنى الذين يقدمون لهم الخدمات، وإخوان المدينة لن يعنيهم أقرانهم الذين يقارنون البرامج وسيراهنون على أصوات الريف.

لمن لا يعلم..هذه نقطة تحول تاريخية في الخطاب الإخواني.

من يعتمد على كبار السن لانتخابه سيموت بالشيخوخة، ومن يفخر بأنه مرشح الإسلام الوحيد سيفاجأ غدًا بسلفي متحمس يقول له أنا منهج الإسلام نفسه يا روح أمك، ومن يطرح من اليوم الأول شعار النهضة ليقفز فوق مطالب الثورة سيدفع الثمن أغلى مما يتصور عندما يمنعه العسكر من تنفيذ مشروعه فيصرخ ثورة وهو يقف وحيدا.

على الإخوان أن يتأملوا خطورة من أصبح خطابهم قادرًا على إقناعه، فمن سيطروا على الجامعة لأربعين عامًا سيدفعون غدًا ثمن تشكل رأى عام جامعي مناهض لهم عداءً مستحكمًا وتشكيكًا دائمًا في حركتهم سواء الدعوية أو السياسية.

ربما يفوز مرسي.. لكن الأكيد أن الإخوان خسروا.

(2)

إن لم تستطع أن تبهرهم بذكائك فحيرهم بغبائك.. مبروك أخي في الله.. نجح مرشح الإخوان.

كل تفكير شباب الإخوان أن ينجح مرشحهم.. لكن ماذا بعد؟

رئيس جمهورية من داخل تنظيم إخوان يشغل منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة يعني بقاء سلطة المؤسسة العسكرية، فالإخوان الذين يخشون على تنظيمهم الضخم أضعف الحلقات في مواجهة العسكر.

مرسي أعلن بوضوح أنه سيتشاور مع المؤسسة العسكرية حول وزير الدفاع، ولأن مكتب الإرشاد يخشى قانونية التنظيم ورقابة المركزي للحسابات على اشتراكات أفراده، فلن يجرؤ الإخوان على الضغط لكشف ميزانية العسكر علنًا في حين لا أحد يعرف ميزانية الإخوان أصلاً.

وهكذا ففي ظل رئيس إخوان، العسكر سيختاروا رئيسهم ويستقلوا بميزانيتهم عن جمهورية مصر الشقيقة.

والآن مع عرض الساحر، الإخوان معهم رئيس جمهورية ومجلسي شعب وشورى أي بالضرورة رئيس وزراء ولجنة تأسيسية، ولأن المحليات تحتاج كوادر هائلة على الأرض فأغلب الظن أنهم سيفوزون بغالبيتها قريبًا.

باختصار كل شيء منتخب.. ولأن الجماعة تدرك أن هذا الموقف حرج في دولة يحكمها العسكر منذ 60 عامًا سيحاولون عدم الدخول في صدام عنتري مع المؤسسة العسكرية.

لكن ماذا لو اشتعل خلاف ضخم كما حدث في مارس 2012؟

لحظتها يملك الإخوان أن يقيلوا وزير الدفاع ليعينوا آخر موالٍ للجماعة ويملك العسكر أن يحركوا دباباتهم بحجة حماية البلد من التنظيم الشرير الذي يريد السيطرة على كل شيء، ثم إجراء انتخابات أخرى بعد حظر الجماعة وحزبها.

إنهم سيعودوا ليسموه محنة ربانية ورب الكعبة.

ربما بنت الدعوة السلفية قرارها بعدم دعم مرشح الإخوان على هذه النقطة تحديدًا، ولهذا رفض 52عضوًا بشورى الإخوان الدفع بمرشح لهم، فمشاركة لا مغالبة تتحول اليوم إلى مغامرة لا مغالبة، وربما ندرك غدًا أنها كانت مقامرة لا مغالبة.

تخفف قليلاً من حماسك أخي في الله فربما تدفع بلدك ودعوتك ثمنه قريبًا، فمن يقاتل ليملك كل شيء ربما يخسر كل شيء، ومن يسعدون بجمع الأصوات ويبتسمون موتوا بغيظكم ربما يموتون هم بأصواتهم.

الإخوان قومًا صالحين، لكن قيادتهم شعارها اسمعوا منا ولا تسمعوا غيرنا، والوقوف طويلاً أمام المرايا يصيب في النهاية بالجنون.

«وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ».

المصدر : المصرى اليوم 

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى