أعمدة

عماد الدين حسين | يكتب : لماذا طهق الناس من مرسى وتحملوا السيسى؟!

عماد-الدين-حسين1

«حبيبك يبلع لك الزلط، وعدوك يتمنى لك الغلط».. هذا المثل العامى ربما يكون المفسر الأبرز لظاهرة عجيبة هى ان غالبية المصريين حملت الرئيس الأسبق محمد مرسى وجماعته المسئولية الكاملة عن أزمة الطاقة التى تفاقمت فى نهاية عهده، فى حين انها لم تفعل الامر نفسه مع الرئيس عبدالفتاح السيسى رغم ان غالبية أسعار الطاقة ارتفعت وانقطاع الكهرباء صار يسجل أرقاما قياسية كل يوم الآن.

عندما كانت تنقطع الكهرباء فى عهد مرسى أو تحدث أزمة طاحنة فى الوقود كان كثير من المصريين يتندرون قائلين «الله يخرب بيتك يا مرسى». وقتها لم تكن الأزمة الحادة مثلما هى الآن.

كان كثيرون يعتقدون ان كميات ضخمة من الوقود يتم تهريبها إلى قطاع غزة وبعضها بأوامر رسمية من الحكومة، ثم تبين ان هذا الموضوع لم يكن يمثل سببا جوهريا فى الأزمة. ورغم ذلك كانت لعنات المصريين تتجه فورا إلى الرئيس وجماعته.

الآن وصلت أزمة الكهرباء يوم الاثنين الماضى إلى رقم قياسى لم يحدث من قبل، ورغم ذلك فلا تزال شعبية السيسى كبيرة نسبيا.

تقريبا لا يوجد حديث الآن بين أى اثنين من المواطنين لا يتضمن حديثا وشكوى من انقطاع الكهرباء الذى صار الموضوع الرئيسى الذى يوحد المصريين.

تريقة المصريين وسخريتهم من الأزمة، صارت بلا حدود، لكن السؤال: هل شعبية الرئيس تأثرت بهذه المشكلة؟!. المؤكد انها تأثرت إلى حد ما، لأنها تقريبا طالت كل بيت ومصنع ومرفق. مصالح كثير من المواطنين تعطلت، والأخطر انهم أصيبوا بالزهق والملل وأحيانا اليأس.

ورغم ذلك فلا تزال شعبية الرئيس مرتفعة؟! لماذا لم يسأل الإخوان انفسهم السؤال البديهى وهو: لماذا صبر المصريون على السيسى ولم يصبروا على مرسى؟!. منذ تراجع أنور السادات عن قرار رفع أسعار بعض السلع الغذائية بنسبة ضئيلة للغاية، لم يجرؤ أى رئيس أو مسئول على اتخاذ قرار مماثل، وحده السيسى فعلها ورفع أسعار الطاقة من وقود إلى كهرباء وغاز، وطبق منظومة الخبز التى تضرر بسببها كل أصحاب المخابز.

إضافة إلى هذا الأمر جاءت أزمة الكهرباء مصحوبة بعمليات إرهابية واسعة النطاق، ومظاهرات إخوانية غير سلمية لا تتوقف. والسؤال مرة أخرى كيف يمكن تفسير كل ذلك؟! الإجابة ببساطة ان السيسى لديه رصيد شعبى كبير لدى غالبية المصريين، الذين لم يصدقوا شعارات الإخوان ومتاجرتهم بالدين.

سمعت فى مناطق كثيرة من مواطنين بسطاء انهم يثقون فى الرجل وصدقه، ولذلك يقولون انه ينبغى ان يحظى بفرصة حقيقية حتى ينفذ برنامجه.

للموضوعية هناك مواطنون خرجوا فى 30 يونيو وأيدوا السيسى فى 3 يوليو و«فوضوه» فى 26 يوليو ثم صوتوا لصالح الدستور المعدل ثم انتخبوا السيسى فى شهر مايو الماضى، وهؤلاء انقلبوا على السيسى بعد الأزمات المعيشية الأخيرة خصوصا انقطاع الكهرباء، لكن هؤلاء يظلون نسبة كبيرة قليلة.

الأصح ان السيسى استخدم شعبيته فى شىء مفيد للغاية لصالح المجتمع وهو كسر «تابو» الدعم الذى لا يذهب جزء كبير إلى مستحقيه.

لكن السؤال الجوهرى هو: إلى متى سوف يستمر هذا الرصيد للرئيس عند المصريين.

الإجابة بسيطة: وهى ان ما يفعله الرئيس على أرض الواقع هو الأساس وليس ما يكتب على الفيس بوك أو تويتر. ومرتبطا بذلك وربما يفوقه أهمية هو استمرار إدراك المواطنين بصدق الرئيس وان هناك املا فى الغد.

 

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى